مسرح فلسطيني مسيّس بتمويل ذاتي

مسرح فلسطيني مسيّس بتمويل ذاتي

31 أكتوبر 2014
الفنان الفلسطيني نضال بدارنة (العربي الجديد)
+ الخط -
تكثر ظاهرة الإنتاج الفنّي المستقلّ، كالمسرح والسينما الفلسطينيين، في الداخل الفلسطيني من دون تمويل إسرائيلي، برغم إمكانية الدعم من قبل صناديق إسرائيلية، وحتى ديوان وزارة الثقافة والعلوم، والذي يخصّص قسماً من ميزانيته "للأقلية الفلسطينية" في الداخل.
"المنشر فنّ وإنتاج"، هو نموذج حيّ يأخذ له مقراً متواضعاً في الحيّ العريق العربي، وادي النسناس، بشارع الحريري في مدينة حيفا، أسّسه الممثّل الكوميدي نضال بدارنة والناشط الاجتماعي بلال وافي قبل عام 2013.
ولم يكن "المنشر" طلائعيا بالفكرة والإنتاج المستقلّ، لكنّه تجربة شبابية جديدة نشأت من ظروف فلسطينيي الداخل.

بدارنة، 30 عاماً، ممثّل كوميدي، له شعبيّته لدى جيل الشباب، من مواليد قرية عرابة في الجليل ويقطن في حيفا. درس الإخراج والمسرح في جامعة حيفا، وعمل ممثّلاً مسرحياً منذ عقد في عدّة مسارح. أخرج مسرحية "عشرة عمر" مع مركز محمود درويش بعرابة، التي أنتجت بشكل مستقل.
عقد من العمل المسرحي، اكتسب فيه تجارب حلوة ومرّة، ولمس صعوباته التي أدّت إلى التوجّه لإنشاء وتأسيس فريق مسرحي مستقلّ له رؤيته وأجندته، لإنتاج أعمال مسرحيّة وأفلام.
يقول بدارنة لـ"العربي الجديد": "ولدت الفكرة وتبلورت، ليس فقط لأنّني ممثّل، نحن أيضاً نشيطون في النسيج السياسي والاجتماعي المحلّي، ولنا رؤيتنا ونهجنا، نحن في مناطق الـ48 يوجد عندنا أزمة في الإنتاج، متعلّقة بتمويل المزراب الإسرائيلي والأوروبي. هذه التبعيّة للمؤسّسة الإسرائيلية تشعرك كفنان مكبّل الأيدي إذا لم تعطك وزارة الثقافة والعلوم موارد، فأنت لا تستطيع أن تنتج، وهذا التناقض أدّى إلى بلورة الفكرة".

ويتابع بدارنة: نحن نرفض أن نأخذ أي دعم من المؤسسة، ونرفض منظومة الدعم والعبودية لمال المؤسسة الإسرائيلية، وهذا جزء من رؤية المنشر. أعطي مثلاً: تقديم مسرحيّة عن التمييز العنصري ضدّ الطلبة العرب في الجامعات، من المؤكّد أنهم سيوافقون على تمويلها، لأنها تبقى موجودة في إطار الديمقراطية المتاحة لنا داخل دولة إسرائيل. لكن في المقابل إذا أردنا تقديم فيلم عن وجود دولة إسرائيل ككيان استعماري، فلن نستطيع أن ننال عليه دعما. قبولي بهذا التناقض ليس منطقياً".
خلال سنة من تأسيس "المنشر" استطاع أن ينتج عدّة أعمال بتمويل ذاتي، أبرزها المسرحية الكوميدية "عرض فاقع من الضحك" إنتاج 2014، تمثيل حنّا شمّاس ونضال بدارنة وعديّ خليفة. ومسرحية "الغايب عذره معه"، أنتجت في سبتمبر/أيلول 2014، من إخراج وإعداد وتمثيل حسن طه ومحمد دبدوب، ومرافقة موسيقية ألبير مرعب، وأقنعة مجدلة خوري. وهي تتحدّث عن القصص والأمثال الشعبية من خلال فرقة مسرح.
ما يميّز العمل الجديد، والذي سيعرض في نهاية أكتوبر، "خلوني ساكت أحسن"، عرض ستاند أب كوميدي جديد، من تأليف وتمثيل نضال بدارنة، الذي يقول عنه: "تناول مواضيع من العيار الثقيل كالتطبيع، وعلاقتنا مع داعش، والمنهاج التعليمي في المدارس العربية، وتكريم الشعراء فقط بعد رحيلهم".

وفي المقابل أنتج المنشر أيضاً أفلاماً سينمائية قصيرة، منها فيلم روائي "قرويون"، شارك فيه طاقم مكون من 35 شخصاً، وتناول موضوع السينما المستقلّة.
أما "راجعين" فهو فيديو قصير يتحدّث عن النكبة. وأنتجنا حلقة تجريبية من مسلسل كوميدي محلّي اسمه "نهفات وطلعو" في مجال الفيديو.
ومؤخّراً حصل المنشر على التمويل من مؤسّسة عبد المحسن قطّان الفلسطينية، لعمل مسرحي جديد سيكون بعنوان "كيس حليب تنوفا"، ويعدّ أكبر إنتاج "للمنشر"، بطولة ستة ممثّلين، كتب السيناريو له وأخرجه نضال بدارنة.
ولفت بدارنة إلى طموحه في أن ينتج فيلماً روائياً طويلاً، بتمويل ذاتي وموارد محلّية. والسيناريو جاهز، ويتناول موضوع حقّ العودة بنظرة كوميدية سوداء، من خلال علاقة طفلين أحدهما من عكا والآخر من مخيّم عايدة في بيت لحم.
ويختم بدارنة: "جمهور المسرح هو رصيدنا، لدينا جمهور في جميع المدن والبلدان العربية، نقوم بافتتاح المسرحيات في كلّ بلد، وهو ما أدّى إلى بناء قاعدة جماهيرية، والجمهور هو العمود والحجر الأساس والرافعة لنا. من دون جمهور لا يوجد مسرح".

المساهمون