المراهقة مع نجوم التسعينيات: جيل "كامنّنا"

المراهقة مع نجوم التسعينيات: جيل "كامنّنا"

29 اغسطس 2014
نحن جيل حلمنا "بالدش مع الموبايل والحتّة الكوبيه"
+ الخط -
"صار مطرب وقبر الفقر". لخّصت هذه العبارة سِيَرَ عشرات الشباب في التسعينيّات.
فقد حاول الشباب جميعهم سلوك درب الفنّ. لم يستندوا إلى قوّة الصوت وجماله أو إلى حسن الطلّة فقط، بل أيضا إلى أحلامهم بالشهرة السريعة والمال الكثير. 
شاب مصري من أحد الأحياء الشعبية حاول أيضا. أوقف أخوه سيّارة الموسيقي المشهور عزّت أبو عوف قائلا له إنّ أخيه الأصغر يمتلك صوتا جميلا. فحصل الشاب على موعد من أبو عوف وأصبح بعد سنوات المطرب المشهور محمّد فؤاد. 
رواية صعود المغنّي الشاب شكّلت مادّة فيلم من بطولته محمد فؤاد بعنوان "إسماعيلية رايح جاي". كانت نسخة عن أحلام راودت كثيرين. وترجم الفيلم أمنياتنا وحماستنا. فقرّر"هيمة" أن يغنّي حين انهار كلّ شيء.
فقد المغني أخاه المقاتل في هزيمة 1967. غلبه الفقر وتنقّل بين الأحياء الشعبية. نحن أيضاً فقدنا شيئاً من طفولتنا في فلسطين ولبنان والعراق ومجازر الجزائر الدموية. حاول الجميع الهرب من الفشل. والهرب كان من خلال الغناء. وهذا يفسّر نجاح الكثير من الأصوات المتواضعة حينها.
كان صوت محمد فؤاد فريدا ومميّزا، لأنّه عرِف حدود طبقاته الصوتية وتمكّن منها. ثم اجتاحت موجة الفيديو كليب عقد التسعينيات. لكن لم يتأثّر فؤاد بموضة الرقص في الطبيعة والإستديوهات. ظلّ كما عرفناه. مثّل فيديو كليباته في الأحياء، وبطلاته كنّ "بنات الحتّة". نجح عبر أغنيات "فاكرك يا ناسيني"، "زعلان كده ليه"، "هودّعك"، "الحبّ الحقيقي" وغيرها...
سمّونا جيل "كامنّنا" تهكّمًا. و"كامنّنا" هي أغنية محمد فؤاد الشهيرة. فقد لخّص واقعنا، على بسطاته، في أغنية "كامنّنا". إذ تبدأ الأغنية  بعبارات ميكانيكي مصري: "كاتش كادر في الألولو". 
تغيّر الكثير بعد "كامنّنا". مرّت 3 سنوات على الربيع العربي. خرج الشباب ليحتلّ الشوارع ويرفض قهر الأنظمة. واحتلّ المحلّلون السياسيون الشاشات. قالوا إنّ هذا الجيل خرج مطالبا بالوحدة العربية. قالوا إنّ هذا الجيل خرج ليحارب اليوم ويحرّر فلسطين. قد يكون هذا وارداً، لكن تأمّلوا قصص البوعزيزي وخالد سعيد وحمزة الخطيب جيدا. فمنهم من سقط بالجوع محترقا، وآخر لأنّه مارس حقّه في كشف الفساد، وطفل كتب على جدار مدينته. سقطوا من أجل أحلام صغيرة جدا. هؤلاء هم ثوّار هذا الجيل.
نحن جيل حلمنا "بالدش مع الموبايل والحتّة الكوبيه"، في "كامنّنا". وعلى وضاعة الحلم جاء الألم.
أن تكون أبسط البديهيات مطالب فهذا لا يستحقّ صفعة شرطي على وجوهنا، بل كان يستحقّ ثورة: أن يحلم شباب مصر بـ"استكوزا في العجوزة" فتلك أحلام لا تحتاج إلى قمع ولا هي مؤامرة خارجية إمبريالية . تلك البساطة في الأحلام هي حقّنا. فلا يفاجأنّكم شارع أو جيل "كامنّنا". و"لَوِ النهار دَه زفت بكرا حيبقى فلّ".

دلالات

المساهمون