لن يكون الانقلاب أكبر منا

لن يكون الانقلاب أكبر منا

01 أكتوبر 2014
+ الخط -

في حوار من حواراتنا الدائمة مع الأصدقاء، رفقاء الثورة على الانقلاب العسكري، الذين لا يغيبون عن فعالية أو مسيرة أو وقفة، لأجل أن ينادوا مع المنادين "يسقط يسقط حكم العسكر". في حوار من هذه الحوارات التي تثور بيننا دائما كلما نلتقي، قال أحدهم: وماذا بعد أيها الرجال.
ابتسم الموجودون ابتسامة المستهجنين.
رد أحدهم: يبدو أننا نحرث في الماء، ويبدو أن هذا الانقلاب سيعايشنا طويلا.
قال آخر: الانقلاب بهذا الشكل الذي نحن عليه سيعايشنا طويلاً. الأمر قطعا يحتاج إلى تغيير في النهج، وإبداع في الوسائل.
رد آخر: والتحالف الذي لا نسمع عنه إلا بعد كل فترة حينما يتحفنا ببيان من بياناته العبثية المحفوظة المكررة!
هكذا يدور الحوار..
أما أنا فإني ممن يثمنون، دائماً، ما هو كائن، ويسعون جاهدين مع الساعين، من أجل تحصيل ما يجب أن يكون، لكني، دائماً، لا أبخس الجهد الموجود، وإن كان قليلاً، من أجل أن أدلل على احتياجنا جهداً أكبر أو جهداً مختلفاً. ولا أحب أن تظل نغمة اتهام القيادات بالتقصير هي السائدة. لا أحب ذلك حينما يثور الحديث عن سبب ما وصلنا إليه، حيث يذهب كثيرون إلى أنه من أخطاء القادة والموجهين، ووحدهم يتحملون وزر ما نحن فيه. ولا أحبه، أيضاً، حينما نتحدث عن واقع ما صرنا إليه وطريقة مواجهته، حيث ينال القيادة أيضا لوم كثير وعتاب وتأنيب حول أساليبها وطرقها وخططها للمواجهة.

ويقيني الذي أؤكد عليه دائماً أن ما وصلنا إليه من واقع الانقلاب العسكري، لم يكن أبداً بأخطاء القيادة، ولا بطريقتها أيام كانت في سدة الحكم، ويقيني أن ذلك كان مخططاً أكبر من أي تنظيم وقيادة. كان مؤامرة عالمية، يعجز عن مواجهتها أي تنظيم وأي قوة.

ويقيني، أيضاً، أن أي تقصير، أو خلل أو قصور في طريقة المواجهة التي تثور في الشارع الآن، لا يعود إلى القيادات، أيضا، وذلك لأن قيادات التحالف وقيادات "الإخوان"، دائماً، ما يؤكدون على أن واقع الحركة على الأرض إنما يرسمه، ويحدده، الثوار أنفسهم الذين هم على الأرض، ولم يضع التحالف، ولا "الإخوان" في ذلك أي خطط، ألزموا بها أي أحد في أي مكان، ولم يضعوا أي قيود معيقة في ذلك.

ولم يتحدثوا في هذا الأمر، إلا في إطار واحد جامع للحركة والثورة، والإطار هو السلمية التي لا يختلف عليها أي من الثائرين، لا في القيادة ولا على الأرض. وقد جاء تفسيرها من أكثر من جهة، وبأكثر من لسان، فاتفق الجميع على أن كل ما دون الدماء سلمية، وأصبح هذا المبدأ معلوماً من الثورة بالضرورة. ثم تُرك الأمر، بعد ذلك، للثوار على الأرض، كل يفعل ما يقدر عليه، وما يحتمل أن يفعله، نظراً لظروف واقعه ومكانه.

وبالتالي، يتأكد لنا أن الحركة على الأرض بنت محركيها، لا منظّريها، ومن هنا، فأي تقصير، إن قيل به، هو تقصير المتحركين أنفسهم.
ولا أرى بعد ذلك تقصيراً، وأرى أن حركة الثوار، إلى الآن، على الأرض بحالها الراهن،  أقصى ما يملك الثوار أن يأتوا به. فعدوهم باطش طاغ، أعطى له العالم كله كل الأضواء الخضراء، من أجل أن يفعل أقصى ما يستطيعه، حتى يخمد صوت هذه الثورة المحورية في مستقبل العالم العربي كله. هي ثورة مصرية، وإن أتمها الله بالنجاح فلها ما بعدها، ما سيكون تأثيره على العالم العربي كله، وعلى ثوراته الدائرة، ومن وراء ذلك سيكون لهذه الثورة تأثير على العالم أجمع، عندما يفيق بها العالم العربي من غفوته، وينطلق المارد من قمقمه.

avata
avata
عماد غانم (مصر)
عماد غانم (مصر)