نتنياهو في نفق غزّة

نتنياهو في نفق غزّة

01 اغسطس 2014

تشييع قتيل من جنود العدو (يوليو/2014/Getty)

+ الخط -

جدّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التأكيد على أهدافه المعلنة في حربه المستمرة على غزة، بقوله إن "القوات الإسرائيلية ستواصل عملياتها في محاولة لتفكيك شبكة الأنفاق التابعة لحماس عبر الحدود، وتدمير مخزونها من الصواريخ". وفي مقابلة مع محطة سي إن إن الأميركية، حاول تبرير عملياته العسكرية الإجرامية بقتل أكثر من ألف فلسطيني، وجرح أكثر من خمسة آلاف، ثلثهم من النساء والأطفال، بوصفها غارات دفاعاً عن النفس، موضحاً أن "إسرائيل تقوم بما كانت ستفعله أي دولة أخرى، وكذلك الولايات المتحدة، إذا كانت أي منطقة من بلدك تحت النيران، وأمامك مهلة 60 إلى 90 ثانية، للنزول إلى ملجأ". نتنياهو، الذي شكّك بنجاح نتائج هذه العملية، قال: "لا أعلم إذا كنّا سننجح بنسبة مئة في المئة".
الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الحليف اللدود لنتنياهو، لأسباب متراكمة منذ وصوله إلى سدة الرئاسة في العام 2008، منها دعم نتنياهو المرشح الجمهوري المنافس لأوباما مرتين، وإجهاضه مبادرات أوباما للسلام في المنطقة، وأخيراً إفشاله مهمة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، المكّلف من أوباما في هذا الملف، إضافة الى الكيمياء المفقودة بين الرجلين، وخلافهما العميق في ما يتعلق بالحوار مع إيران بشأن برنامجها النووي، ومحاولة نتنياهو تجييش الكونغرس الأميركي ضده. لكل هذه الأسباب، لا يبدو أوباما متحمساً للدفاع عن رئيس الحكومة الإسرائيلية، على الرغم من حرصه الشديد على الدفاع عن موقع إسرائيل ودعمها بكل الوسائل، وهو اتصل هاتفياً بنتنياهو، وأرسل وزير خارجيته، محاولاً التوصل إلى وقف لإطلاق النار. 
صحيح أن المواقف الأميركية لم تُدِن عمليات الجيش الإسرائيلي، باستثناء التعبير عن قلقها حيال المدنيين من الطرفين، إلا أن الرسالة السياسية، ولو غير المباشرة، كانت عبر إدارة الطيران الفيدرالي التي  منعت الرحلات الجوية إلى إسرائيل، وهو ما لم يستطع المسؤولون الإسرائيليون، وعلى رأسهم نتنياهو، أن يتقبّلوه، ولو أن القرار لم يدم أكثر من 35 ساعة، فهي كانت كافية لتعتبرها إسرائيل بمثابة طعنة في ظهرها، خصوصاً أن الخطوة شجعت

دولاً أوروبية أخرى على القيام بخطوة مماثلة، ما عدا الشركة البريطانية "بريتش إيرويز" التي لم توقف رحلاتها، ما استدعى شكراً من نتنياهو لوزير الخارجية البريطاني على مواقفه الداعمة، وتثميناً لموقف الشركة البريطانية.
وصلت الرسالة الأميركية إلى نتنياهو، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تقوم فيها واشنطن بهذه الخطوة التي بررتها بأنها تقنية، ورد البيت الأبيض على ما جرى بأنه قرار إدارة الطيران الفيدرالي، وهو رأى أن من الأفضل ألا يتدخل. ربما هي خطوة صغيرة في مسار العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية، خصوصاً أن سفير الولايات المتحدة الأميركية في إسرائيل، دان شابيرو، لم يتوقف عن التغريد في "تويتر"، مبدياً دعمه الكامل لإسرائيل، ولحقّها في الدفاع عن نفسها.
ترافقت الخطوة الأميركية، أيضاً، مع خطوات إعلامية من صحافيين أميركيين حاولوا إظهار ما تتعرّض له غزة، لا سيما في حي الشجاعية، وعمليات القتل والجرائم بحق الأطفال والنساء. صحيح أن صحافيين عديدين نُقلوا من مواقعهم، ومنهم مَن هوجم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الصورة وصلت، وهذا ربما ما ساهم بتحرك التظاهرات في العالم الداعمة للشعب الفلسطيني، والتي تدين قتل إسرائيل المدنيين، وتدعو إلى وقف الحرب.
بالطبع، لن يخسر نتنياهو حربه ضد غزة تكتيكياً بميزان القوى غير المتكافئ، وهو بدأ الإعلان عن أنه استطاع تدمير 35 نفقاً، ويحتاج أسبوعين إضافيين، إلا أنه لن يستطيع أن يربح استراتيجياً، مع سقوط آلاف الشهداء والجرحى والدمار، ما جعل حتى الإسرائيليين أنفسهم يشعرون بأن العالم كله ضدهم، وهو ما سيكون له تداعيات على الوضع الإسرائيلي الداخلي، لأن دخول نفق غزة لن يكون مثل الخروج منه.