جمل سينمائية

تحفل السينما المصرية بقاموس كبيرٍ من المصطلحات، والجمل، والتعبيرات، والإيفيهات التي أصبحت، بمرور الأيام، لزماتٍ على لسان الشعب المصري، الذي رأى فيها متنفسًا لمشكلاته وهمومه، وتعبيرًا عمّا يجيش به صدره، ولا يقدر على البوح به صراحةً.
ومن النادر أن تجد في أي بلد آخر، كمية الجمل الدارجة تلك، ولا حتى في باقي الوطن العربي نفسه؛ فاللهجة المصرية تتفوق على باقي اللهجات العربية، في سهولتها وليوتنها وقابليتها للتشكيل والتطويع، فضلًا عن قدرتها على التعبير عن الهموم والأوجاع بكلمات مكثفّة، تحمل في طياتها معانٍ كثيرة، وهذه هي البلاغة.
وهنا، نعرض عشراً من أشهر الجمل التي قيلت في السينما المصرية، وشاع استخدامها بين الناس:
1- "خلاص كلكوا بقيتوا فتوات؟ أمال مين هينضرب؟".
من فيلم "الشيطان يعظ"، يقولها توفيق الدقن، مخاطبًا نور الشريف الذي يرغب في أن يصبح فتوة. والجملة تعبّر عن الهرم الاجتماعي المصري، المكوّن من فتوات حاكمة، وأفراد مقهورين، أمنيتهم أن يصبحوا فتوات، أو حتى من رجالات الفتوات، طمعًا في الأمن والحماية.
2- "كنت مغفل".
من فيلم "الحفيد"، يصرخ بها عبد المنعم المدبولي في وجه زوجته، حيث أراد تأنيب نفسه على أخطاء الماضي، بكثرة إنجابه التي أصابته بالفقر والهم. أصبحت الجملة دارجة على كل لسان أخطأ صاحبه في الماضي واكتشف خطأه لاحقًا.
3- "جواز عتريس من فؤادة باطل".
من فيلم "شيء من الخوف". حيث يخرج أهالي القرية المضطهدون في ثورة عارمة، مكثفين كل ظلم السنين الماضية، والدماء التي سالت، في جملة واحدة تقديرًا لدور الفتاة التي وقفت في وجه الطاغية وقاومته، فيما انحنى أمامه مشايخ القرية ورجالاتها.
4- "أنا شربت حشيش يا سعاد".
من فيلم "كراكون في الشارع"، حيث يعود عادل إمام إلى زوجته يسرا، وهو مسطول، ويقول لها: "أنا شربت حشيش يا سعاد". فالمواطن البسيط حين يخطئ، لا يقدر على إخفاء خطئه، وتنازعه نفسه ورغبته في البوح؛ فينطلق لسانه كاشفًا عن سره.
5- "الشعب ماسك في ديل الحكومة كأنها أمه اللي خلفته".
من فيلم "عمارة يعقوبيان". ويشرح خالد صالح بهذه الجملة (وهو من رجال الحكومة) العلاقة بين الشعب والحكومة، الشعب ينظر للحكومة كأمه التي عليها أن تحن عليه، فيما أنها حقيقةً تمثل زوجة الأب!
6-"اكتب عندك: بضاعة أتلفها الهوى".
من فيلم "بين القصرين". يرد يحيى شاهين أو السيد أحمد عبد الجواد، على عامل المحل الذي يستفسر منه عن ديون على بعض النساء زبونات المحل، اللواتي لم يدفعنها؛ مستفسرًا عن صيغة كتابتها في دفتر الحسابات، فيرد عليه يحيى شاهين: "اكتب عندك: بضاعة أتلفها الهوى".
7- "الموت أجبن من البني آدم، لإنه بيجي له من ضهره.. بيجي له على غفلة". 
 من فيلم "السقا مات"، على لسان فريد شوقي، يتحدث عن فجاءة الموت.
8- "الحشيش لو حلال أدينا بنشربه، ولو حرام أدينا بنحرقه".
من فيلم "العار"، على لسان نور الشريف، محاولًا إقناع محمود عبد العزيز بوجهة نظره في الحشيش وتدخينه. الجملة باتت تبريرًا، جادًا كان أم ساخرًا، على لسان شباب مصرييين كثيرين، بل أضحت طريقة تفكير مصرية أصيلة.
9- "أنا حلمي كان صغير، وفضل يصغر يصغر لحد ما اختفى، وما بقتش أقدر أشوفه".
من فيلم "عبود على الحدود"، على لسان علاء وليّ الدين، الذي يصف أحلامًا وآمالًا للشباب تبخرت أمام أعينهم.. وليس في اليد حيلة
10- "احنا لو دخلنا الجنة، مش هنلاقي حد نعرفه".
من فيلم "الراقصة والطبال"، على لسان عادل أدهم. أصبحت أيضًا من الجمل والتعبيرات الدارجة على لسان المصريين، يستخدمونها غالبًا في إطار السخرية.
وأخيرًا، فالجمل السابقة وغيرها من الواردة في السينما، أصبحت بالفعل جزءًا من تاريخ الاجتماع المصري، ومكونًا لثقافة الناس ولغتهم. يتم استدعاؤها بين حين وآخر، حتى أن المصدر في أحيانٍ كثيرة يتوه، وتبقى الجملة أو التعبير أو الإفيه، لتستخدم في سياقها.