عمليات القدس.. التحريض والنضال

عمليات القدس.. التحريض والنضال

24 نوفمبر 2014
+ الخط -

اعتاد بنيامين نتنياهو في إطار استراتيجيته السياسية خلط الأوراق، أو "خلط الصالح بالطالح"، في سبيل تحقيق أهداف معينة، بإثارة الزوابع والتهويل وإلقاء الشبهات، وهو ما دأب عليه في تشبيه المقاومة الفلسطينية بالحركات المتشددة، مثل داعش والقاعدة، محاولاً هدم شرعية المقاومة دولياً، لاستجرار عطف ودعم دولي، ولتبرير وحشيته ضد الشعب الفلسطيني.
وفي خضم الأحداث أخيراً في القدس، وخصوصاً العملية الفدائية التي قام بها عدي وغسان أبو جمل في كنيس في القدس، عاد نتنياهو إلى عادته القديمة، فما فتئ يكيل التهم لمحمود عباس بأنه المحرض والسبب خلف العمليات ضد الإسرائيليين التي قام بها الفلسطينيون، رداً على انتهاكات المستوطنين وجرائمهم بحق الأقصى والمقدسيين، وعلى الرغم من أن عباس دان هذه العملية، كعادته القديمة، لم يشفع له إلا رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، يورام كوهين، الذي برّأ عباس، فهو لم يكن يوماً من الأيام محرضاً، بل إن التنسيق الأمني لم يكن يوماً أفضل من هذه الأيام، والمثل الشعبي يقول: "من يشهد للعروسة؟".
وتناغم مع نتنياهو "قائد الأوركسترا" جوقة سياسية من مسؤولين وصحافيين ومفكرين إسرائيليين، تفننوا في إلقاء التهم على السلطة الفلسطينية، وكأن المقدسيين تحركهم كلمة، وتوقفهم كلمة من عباس، فعلق وزير الدفاع الإسرائيلي على الأحداث الأخيرة بأنها نتيجة مباشرة للأكاذيب والكراهية التي تبثها السلطة الفلسطينية، أما كوبي ميخائيل وشاؤول أريئيلي من صحيفة هآرتس، فعلى الرغم من اعترافهما بأن السبب الأساس هو عدم لجم الحكومة الإسرائيلية المستوطنين عن اقتحام الأقصى، إلا أن عباس يستغل الأوضاع، في سبيل تحقيق مكاسب سياسية.
أمنياً، اتهم عامي أيالون وآفي ديختر، وهما رئيسان سابقان لجهاز الشاباك، في معرض حديثهما حول المقترحات الواجب تطبيقها في القدس لاستعادة الأمن ووقف العمليات، الذي نشرته صحيفة معاريف، السلطة الفلسطينية بشكل مباشر وتحميلها المسؤولية.

أما ديفيد بلوك، الصهيوني، من مركز دراسات الشرق الأدنى في واشنطن، فعباس في نظره يمارس لعبة مزدوجة، فهو يحرض من جهة، ويرسل قواته لمراقبة حماس من جهة أخرى، وكلا الاتجاهين مربحان، لكن عباس خالف القانون الأميركي، عندما أرسل رسالة تعزية إلى عائلة البطل معتز حجازي، مطلق النار على الحاخام المتطرف، يهودا غليك، وبالتالي، في نظر بلوك يجب "تنفيذ القانون" بقطع المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية، كونها تدعم "الإرهاب"، ويجب أن يمارس الضغط على الأوروبيين والعرب كذلك.
وبقدر ما نظن أن نتنياهو يمارس دهاءً وخبثاً سياسياً، ويستغل الأوضاع العربية المهترئة، الرسمية والشعبية، لتحقيق أهدافه الاستيطانية في القدس، إلا أن مجريات الأحداث أثبتت أنه أحمق في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني، فالمستوطنون الذين تمادوا وتطاولوا وقطعوا كل الخطوط الحمراء، بإذن خفي من حكومة نتنياهو، باقتحاماتهم المسجد الأقصى، والقيام بأبشع أنواع الممارسات والاعتداءات على قدسية المكان، حيث تصدى لهم المقدسيون، نساءً ورجالاً وأطفالاً، لا ينتظرون تحريضاً من فلان أو علان، والذين قاموا بالعمليات البطولية، وقدموا أرواحهم رخيصة للدفاع عن الأقصى، لا ينتظرون إذناً ولا يدخلون في اللعبة السياسية التي أرهق الإسرائيليون أنفسهم في تحليل خطوات عباس حولها، فحاييم وايزمان رمز الصهيونية، في مذكراته، لم يفهم منذ عام 1919 لماذا يعادي الفلسطينيون الإسرائيليين، فهل ما زال خلفه نتنياهو كذلك؟.. الموضوع بسيط وواضح.. اخرجوا من أرضنا. 

F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)