تفجيرات إعلامية

تفجيرات إعلامية

21 أكتوبر 2014
+ الخط -
كلما نظرت إلى الشاشة، أو إلى الصور في الجرائد، رأيت صورة أو فيديو لهذا الرجل، صاحب البدلة الغريبة الذي يستعد لتفكيك قنبلة في مكان ما، وحوله الشعب المصري، يشاركه بالمؤازرة والدعاء والتحليل الفني والسياسي والاجتماعي، ثم التصفيق لهذا البطل، بعد الانتهاء من تفكيك القنبلة.
 
ليس مصادفةً أن يتكرر الأمر مع كل حدث وتاريخ وحراك مجتمعي مهم، مثل أحداث فض الاعتصام في ميدان رابعة، وما تلاها من مجازر، وهذا ليعيش الوطن والمواطن حالة من الرهبة والخوف، وتسيطر عليه هواجس الإرهاب وعدم الأمن، فيطيع فقط ولا يناقش، ويتعامل مع السلطة على أنها هي من تعطية الحماية والأمان، من دون أن ينظر إلى ما ترتكبه من أخطاء أو جرائم قتل أو إهدار لحقوق الإنسان.
 
تاريخ التفجيرات السياسية في مصر كبير، فمنذ اعتراف الرئيس جمال عبد الناصر إلى عبد اللطيف البغدادي بتدبير تفجيرات لإلصاقها بخصومه السياسيين، إلى تفجيرات طابا التي قيل إنها كانت بسبب خلاف مصالح بين أقطاب السلطة المباركية، إلى التفجيرات المتكررة في عهد زعيم الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، كل ذلك جعل الإذاعة الألمانية توجه أصابع الاتهام إلى الأجهزة الأمنية، بأن هذه التفجيرات مدبرة مسبقاً لإيجاد مبرر داخلي وخارجي بأن الدولة تحارب الإرهاب.
 
ومن غرائب الأحداث أنك دائماً تجد وسائل الإعلام في مكان الانفجار، وكأنها على علم بالأمر، قبل وقوعه، فمنذ أيام، ولأول مرة، يتم نقل أحداث مولد العارف بالله السيد البدوي، ليحدث فيه انفجار، ومن قبله التفجير الذي كان أمام جامعة القاهرة، وغيره وغيره. لا أدري أهذا باتفاق مسبق، أم أنه تلاق ذهني وروحي بين المفجر والإعلام المصري؟ 
لا أنفي هنا حدوث تفجيرات بأي مقصد آخر، بفعل أعمال تخريبية، أو بفعل الغضب والقهر والقمع الأمني، أو بفعل الانسداد السياسي، كل هذا وارد، ولا يمكن أن نغفل عنه. لكن تكرار الأمر مع الأحداث والتغطية الإعلامية في مصر، يعطي إشارات وتكهنات مختلفة عن الفعل والفاعل، خصوصاً إذا نظرت إليها بمنطق: من المستفيد الأكبر من هذه التفجيرات؟
avata
avata
إبراهيم محمد إبراهيم
إبراهيم محمد إبراهيم