مجرمو الحرب.. مقاتلون أجانب في جيش الاحتلال الإسرائيلي

مجرمو الحرب.. مقاتلون أجانب في جيش الاحتلال الإسرائيلي

01 اغسطس 2014

جنود إسرائيليون في موقع تمرين عسكري (يونيو/2013/Getty)

+ الخط -

عبّرت الحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية عن قلقها ومخاوفها، بشأن ما وصف بتزايد عدد مواطنيها الذين يسافرون إلى سورية بهدف الانضمام إلى المسلحين "المتطرفين" في قتالهم لإسقاط بشار الأسد.

في الولايات المتحدة، مثلاً، شكّل مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" فريقاً خاصاً لتعقب الذين يسافرون إلى سورية بغية القتال في صفوف الجماعات المناهضة للنظام، والعمل مع جهاز الاستخبارات وجهات إنفاذ القانون الأميركية، للتحقيق معهم. أمّا في المملكة المتحدة، فألقت الملكة إليزابيث الثانية كلمةً، في يونيو/حزيران الماضي، سلطت فيها الضوء على القانون الجديد الذي يتيح للحكومة مقاضاة المواطنين البريطانيين الذين يسافرون إلى الخارج، بُغية "التدرب للقيام بأعمال إرهابية ضد أيٍ من حكومات العالم".

ومع هذا، ما تزال هناك مجموعات ينطبق عليها ما ينطبق على أمثال هؤلاء المجندين الأجانب، تنضم إلى الجيش الإسرائيلي الذي قتل أكثر من 1200 فلسطيني في قطاع غزة، حتى موعد كتابة هذه السطور، 82 % منهم مدنيون، بينهم نحو 280 طفلاً. إذ قتل الجيش الإسرائيلي 75 عائلة، كل عائلة تتكون من 4 إلى 21 فرداً، مما أدّى إلى نزوح ما يزيد على مئتي ألف من السكان، فضلاً عن تدمير 120 مدرسة و18 مركزاً للرعاية الصحية. وفي هذا السياق، قالت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي: "على ما يبدو، هناك احتمال قوي أن القانون الدولي قد انتهِك بطريقة يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب".

هذا ويقدر مسؤولون إسرائيليون عدد الجنود الذين يحملون جنسيات غير إسرائيلية ويخدمون حالياً في صفوف الجيش الإسرائيلي بين 2500 إلى 5000 جندي، يطلق عليهم مصطلح "الجندي الوحيد"، وهو غالباً يهودي يأتي إلى إسرائيل للانخراط في صفوف الجيش، على الرغم من أنه تربى وترعرع في بلد آخر، ولا يوجد لديه أفراد أسرة مباشرون في إسرائيل، ويختار أكثر من 80 % منهم المشاركة في مهماتٍ قتالية.

وخلال الاعتداءات الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة، قُتِل من هؤلاء المجندين اثنان قدِما من الولايات المتحدة، وآخرون يحملون جنسيات أوروبية، ليرتفع بذلك عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا، حتى الآن، في العملية العسكرية، إلى أكثر من خمسين جندياً خلال ثلاثة أسابيع.

ويقول جويل شازنوف، أحد الأميركيين الذين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي في 1997: "في أحيان كثيرة، نختار الانضمام إلى الوحدات الأكثر نخبوية (والأكثر خطراً) مثل لواء المشاة غولاني".

مرتزق أميركي آخر، واسمه ميكي هارتمان، اختار الانضمام إلى وحدة الرماية والقناصة في الجيش الإسرائيلي، معللاً السبب بالقول: "أردت أن أكون بطلا"، وبطلاً بحسب تعريفه هو أن يكون قناصاً.

ووفقاً لتقرير نشرته مجلة جوويش جورنال، يُعدّ الجنود الأجانب في إسرائيل "مشاهير" (على غرار لقب "الفدائيين الأميركيين" الذي أعطاه المتشددون لكل أميركي يقاتل في سورية)، وقد أثنى جويل شازنوف على الجنود المرتزقة بقوله إن هذا يدخل في صلب الثقافة الإسرائيلية: "الإسرائيليون لا يعتذرون أبداً، لأن الاعتذار أن تعترف بأنك ضعيف". فهل هذا نظام قيم، يرغب الآباء من أبنائهم تعلمه، والتقيد به؟

ويعتمد الجيش الإسرائيلي ثلاثة برامج، لاستقطاب مواطنين شباب من دول أخرى (تحت سن 24 عاماً للذكور و21 للإناث) للقتال والانخراط في صفوفه، والبرامج هي "مارفا" وهو "برنامج محاكاة الجيش" يُدار ويُشغّل بالشراكة مع الوكالة اليهودية من أجل إسرائيل، ويصفه الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي بأنه متنزه مغامرات ومخيم صيفي، بعد ثمانية أسابيع من انضمامك لهذا البرنامج العسكري المكثف، والعمل مع زملاء شباب يهود، قدموا من أنحاء العالم، يمكنك التعرف إلى مزيد من المهمات والأعمال الداخلية للجيش الإسرائيلي، أكثر مما كنت تحلم وستشهدها وتجربها بنفسك.

والبرنامج الثاني، "ماهال"، وهو برنامج تجنيد يقدم الخطوات الرئيسية للدعم والمساندة، لكي يصبح المتطوع جندياً مرتزقاً.

أما الثالث فهو "مركز الجنود الوحيدين" في تل أبيب، وهو إضافة جديدة نسبياً، يقدم كل شيء، بدءاً باختيار العائلات المضيفة، ووصولاً إلى "أيام المرح".

هناك، على سبيل المثال، عدد إضافي من الأجانب، نحو 4000 أجنبي في عام 2012 من 58 بلداً، انضموا إلى لجيش الإسرائيلي متطوعين، للقيام بمهام غير قتالية، ضمن برنامج دولي يضم 26 مركزاً للتجنيد في مختلف أنحاء العالم، ويدعى "سار إيل" (خدمة إسرائيل بالعبرية)، ويمكن أن يكون هؤلاء المتطوعون يهوداً أو مسيحيين، على عكس الجنود المرتزقة، وأكبر عدد من المجندين قدموا من الولايات المتحدة (1221 مجنداً في عام 2012)، تليها فرنسا (1086 مجنداً).

وعلى الرغم من أن هؤلاء المتطوعين لا يشاركون في القتال المباشر، إلا أنهم يرتدون زي الجيش الإسرائيلي، ويتمركزون في القواعد العسكرية. وقد دعا الجنرال كوبي باراك، رئيس الشعبة التكنولوجية واللوجستية في الجيش الإسرائيلي، إلى زيادة عدد المتطوعين سنوياً في برنامج التجنيد، بنسبة 8% على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ضمن خطة عمل الشعبة لعام 2014.

وعلى الرغم من أن الجنود المتطوعين الأجانب في الجيش الإسرائيلي، في غالب الأحيان، ليسوا مرتزقة بالمعنى المتعارف عليه، بمعنى أنهم يحصلون على تعويضات كبيرة، أو أنهم ينخرطون في صفوف الجيش، لأسباب تتعلق بتحقيق مكاسب شخصية، إلا أن تجنيد إسرائيل لأجانب للقتال وللمشاركة في اعتداءات استعمارية ضد شعبٍ مُحتَل، من الواضح أنه يُعتبر ممارسة تنتهك روح القانون الدولي.

فقرار الأمم المتحدة رقم 3103 ينص على أن "استخدام الأنظمة الاستعمارية العنصرية المرتزقة ضد حركات التحرر التي تناضل من أجل الحصول على استقلالها من السيطرة الاستعمارية هو جريمة، وعليه يُعاقب الجنود المرتزقة كمجرمين".

وبالمثل، تنص المادة 5 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 44/34 على أنه "يحظر على الدول تجنيد، أو استخدام، أو تمويل أو تدريب المرتزقة، لغرض معارضة ممارسة مشروعة لحق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير مصيرها...".

وبناءً على أقوال مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، فإن إسرائيل متهمة بارتكاب جرائم حرب، وبالتالي، فإن أي شخص يسافر من بلده إلى إسرائيل، للانضمام إلى جيشها يعتبر مجرماً أيضاً، وفق نص القانون الدولي.

وكما أن الحكومات قلقة ومتخوفة من تغذية المرتزقة للصراع الدموي في سورية، ينبغي على حكومات الدول التي يوجد فيها مراكز تجنّد الشباب للانضمام إلى لجيش الإسرائيلي، أو يأتي منها شباب ينضمون إلى الجيش الإسرائيلي، أن تنهي تواطؤها الآن.