دواحس أرض العرب

دواحس أرض العرب

01 سبتمبر 2014
+ الخط -


الداحس نثرة تظهر بين الظفر واللحم، فينقلع منها الظفر. الداحس، إذن، حالة مرضية، وقد اقترب التعريف من ما اصطلح عليه أهل شنقيط وجنوب المغرب في اعتبار كل شخص غير مرغوب به وبكلامه بأنه من الدواحس. وتبيّن لنا بالملموس والواضح أن أنظمة الحكم في عالمنا العربي، وهي المتعاقدة مع التخلّف، تنتمي إلى الحالة المرضية، "الداحس"، وهي بمثابة الورم الذي يصيب الجسد. وفعلاً، يجد المشخّص لحالة العالم العربي الأورام المتناثرة في جسده كثيرة. أورام لم تسلم منها الأقلام ولا الأفكار، كما لم تفلح الثورات في اقتلاعها قولاً واحداً.

كنا، في السابق، نسمع خطابات الإمام الخميني حول اجتثاث الورم السرطاني الخبيث، والمقصود بعبارته الثورية "الكيان الصهيوني". والأصح أن الورم الحقيقي الذي يجب اقتلاعه من الجذر هو ورم الأنظمة الحاكمة. وأخيراً، ننصح إخواننا في إيران، الذين تجمعنا بهم إرادة البقاء تحت نير التخلّف، أن يوقظوا هممهم ليقتلعوا بكل ثورية خمينية مقاولة "حزب الله"، الذي يدافع عن بقايا أورام النظام السوري.

وللعجب، أو الاستغراب، أن النظام الإيراني وجد نفسه مدافعاً عن فساد حكومات عديدة من خدمه وحلفائه، دافع عن المالكي، وأرسلت إيران الأسلحة والميليشيات إليه. أما قم، فقد اختارت تأييد فتاوى السيستاني الذي عوّل على عصائب أهل الحق لتدافع عن حقٍّ أُريد به باطل.

نجمل القول في حالتنا العربية "المدحوسة" بأن الأنظمة العربية، الآن، وقعت في شر فعلها، فهي لم تتمكن من إصلاح نفسها منذ ظهورها "الوطني". وكانت النتيجة، وهي طبعاً منطقية، ظهور التوجهات الأكثر راديكالية، والتي هالتها حالة المرض، فتقدمت بحلول لعلاج الأورام. فكان السلاح وظهرت الفتاوى، وخرج كل داعيةٍ يدعو إلى راية حكم بديل.

فالنظام السياسي في مصر فضح نفسه، وأعاد صياغة نظام جديد بلباس قديم. أما النظام السوري، فهو فاسد ومنهار، وسقوطه مسألة وقت فقط. أما نظام المالكي، فأثبت بلادته بتركيزه في حكمه على أقليةٍ أمعنت في استعمال التاريخ لأغراضٍ طائفية. وكان حكم المالكي شبيهاً بالنظام الديني الكاثوليكي الذي عرفته أوروبا قبل نهضتها.

خلق المالكي لوبيات من اللصوص، تاجروا بقضايا العراق، فتغيّر البلد من بلد المليون عالِم ومثقف ودارس متعلّم، إلى بلد ينساق أبناؤه وراء ترّهاتٍ من صناعة رجال دينٍ لا يفقهون من أصول الدين إلا البكائيات على الأطلال ونشر الفتنة.

دواحس العرب يرفضون التغيير، كما يكرهون إبقاء أنفسهم خارج الديمقراطية. لذلك، نجدهم يبدعون للاستمرار، على الرغم من الأورام.

F01BF109-CE84-49A7-B7DD-C4503D4FBCEE
F01BF109-CE84-49A7-B7DD-C4503D4FBCEE
محمد الأغظف بوية (المغرب)
محمد الأغظف بوية (المغرب)