بين إدارة الأزمة وأزمة الإدارة

بين إدارة الأزمة وأزمة الإدارة

23 أكتوبر 2014
+ الخط -

لا يخلو مجتمع من أزمات، ولا تخلو أمّة من لحظات حرِجَة، تكون فارقة في تحديد مصيرها وتوجهاتها، وثمّة أزماتٌ قد تُفرَضُ علينا، وأخرى قد نشارك بسياساتنا الخاطئة في صنعها أحيانًا، قاصدين أو غير قاصدين. الأزمة قد توجد في ذاتِك، بيتِكَ، أسرتِك، أو في مجتمعكَ الصغير، وأحيانًا في وطنِكَ وعالمِك!

و"إدارة الأزمَة" عِلْمٌ وفنّ ومهارة، له أسسه وإجراءاته ومتطلباته، وللأزمات أسبابها ومراحلها، وأساليب مواجهتها التقليدية وغير التقليدية. وإدارة الأزمة تحتاج رؤيةً وتخطيطاً وفِكْراً واستشرافاً بصورة علمية منظمة، وليس بصورة ارتجالية عشوائية. وتحتاج الأزمة إدارة ناجحة، تتمتع بمسؤولية واستقلالية وقدرة على اتخاذ القرار، كما تحتاج روح مبادرة، شجاعة، تتحلّى بالمغامرة المدروسة.

والأمم الناهضة تستشرف الأزمة، قبل نشوئها، وتضع الخطط المحتملة والبديلة، لتضمن تفاديها وصَرْفها قبل تفاقمها. وتمتلك هذه الأمم من الأدوات العلمية المنظّمَة الكفيلة بمواجهة الأزمات، وسرعة التعامل الآمِن معها. أمّا بلدان عالمنا الثالث، فحكوماتها ترى بوادر الأزمَةِ تلوح في الأُفق، ولا تنهَض لها، بل تتّهم كلّ من ينبهها لها بإثارة الفِتَن، فإذا حلّتْ، تقع الأنظمة في (حَيْصَ بَيْص)، ولا تدري ماذا تفعل معها، حتى وإن كانت تملك حلولاً، فإنّها لا تسعى إلى إقرارها؛ وإنّما تواجهها بالتصريحات التي تنفي، أو تلقي باللائمة على أطراف أخرى.

وتشكّل الأزمات، أحيانًا، فرصة عظيمة لبعض القوى في استغلالها لصالحهم، اقتصادياً وسياسيًا؛ فالأزمات في بلادنا باب عظيم من أبواب الفساد العتيقة! وتتعدّد الأزمات في مجتمعاتنا العربيّة، من أزماتٍ فكريّة، وأزماتٍ في مستوى الوعي، وأزماتٍ اقتصادية، وأخرى سياسية، وغيرها أخلاقيّة، وإعلامية وثقافية، ومجتمعية.. إلخ.
 
وفرقٌ بين إدارة الأزمة والإدارة بالأزمة؛ فقد تتدخّل أطرافٌ في صناعة الأزمة لأغراض سياسية، أو اقتصادية، أو غيرها، وتملك بعض الحكومات والأنظمة العربيّة مقدرة فائقة على صناعة الأزمة، وتصديرها واستغلالها سياسيًا لصالحها، وتحديد الوقت المناسب للدفع بها، والوقت الأنسب لسحبها، فيظن الشعب أنّ حكومته حققتْ إنجازًا، حين خفّتْ حِدّة الأزمَة، التي صنعتها بيديها! ولكنْ، أحيانًا تنفلتُ الأمور، وتتحوّل الأزمة المفتعَلَة إلى أزمة واقعيّة، فكمْ من أزماتٍ كانت مفتعلة أيام الرئيس المنتخَب السابق، محمد مرسي، كأزمات الكهرباء والغاز وشُحّ المحروقات، ثمّ تلاشت فجأة، فور إطاحته. ثمّ عادتْ مُجدَّداً للظهور بصورة أكثر حِدّة وعُنْفاً، ولم يتمكّن صانعوها من السيطرة عليها، فحاقَ بهم المَكْرُ السيِّئ!

وإنّني على يقين أنّه لا خلاص للأمة من أزماتها إلا بالوعي، وامتلاك الإرادة والتخطيط وحُسنِ الإدارة.

avata
avata
أحمد محمد الدماطي (مصر)
أحمد محمد الدماطي (مصر)