إبداع الحياة ومآسي الوجع في غزة

إبداع الحياة ومآسي الوجع في غزة

01 اغسطس 2014
+ الخط -

تسيل دماء الفلسطينيين بين حطام المنازل وركام المساجد وأنقاض المدارس في غزة. نكبة بعد نكبة، وهجرة بعد هجرة، تلك التي يذوق حرقتها الفلسطينيون في القطاع، في مشاهد تحاكي مجازر عام 1948. لا يمكن فصل العدوان الصهيوني الغاشم في حق شعبنا ومقاومته بتاتا عن مسلسل التطهير العرقي الذي قام كيان الاحتلال الصهيوني على أساسه، لا بل هو استكمال له.  
 
تكررت قصص الألم، وتجددت مآسي الوجع، حتى ضاقت الأرض بمن فيها ومن عليها، وبات الشهداء يفتشون عن مكانٍ، يرقدون فيه بسلام، بعد أن ضاع السلام بين عرب التواطؤ وغرب التباطؤ، حيث كشفت حقيقة المبادرة المصرية، لا بل المؤامرة الصهيونية، بعربها وغربها، فكل من يستهدف مقاومتنا الفلسطينية وسلاحها صهيوني، يتآمر على شعبنا، وما بعض الصولات والجولات في المنطقة لحقن الدم النازف في غزة، أو لإغاثة المنكوبين والمشردين، لهدفٍ خبيث، هو نزع سلاح المقاومة.

كان التواطؤ العربي في ما مضى يتم تحت الطاولة، أما، اليوم، فقد سقط القناع، وبات الأمر مكشوفاً أمام أعين العالم، فالاحتلال وشركاؤه وأعوانه ومجتمعه الدولي اجتمعوا على هذا القطاع الصغير الذي حيّر العالم بأسره، يريدون انتزاع أغلى ما يملك، ليقف مكشوفاً أمام العدو الغاصب، ليتسنى له أن ينقض على ما تبقى منه.

فمن الذي سيدافع عن غزة، إذا ما نزع سلاحها؟ مصر التي كان تواطؤها فيما مضى سرياً وبات اليوم علنيا؟ أم الأمم المتحدة التي ما وقفت يوماً مع الضعيف ضد المحتل والمستعمر؟ أم المجتمع الدولي المنافق الذي يدّعي العفة والأخلاق، ويمعن بطعننا في قضايانا بالصدر قبل الظَهر؟

إذن، تقف غزة اليوم وحدها في وجه العالم بأسره، بشرقه وغربه، مقاوِمةً صامدة منتصرة بإذن الله، لا يحوجها العرب، ولا جيوشهم ولا أموالهم، ولا كراتين مساعداتهم، فالعزة ولدت لتبقى في غزة، والمقاومة قالت كلمتها: لن يستطيع أحد أن ينزع سلاحنا. سلاحنا خط أحمر!
   
يعيش أهل غزة إبداعاً في الحياة تحت الحصار، يتفننون في النضال مع كل ذرة هواء يستنشقونها في هذا السجن الكبير المفتوح الذي يحبل ليولدّ أبطالاً مقاومين "خلف خطوط العدو"، يخوضون ملاحم ضد جنود الاحتلال "من مسافة صفر" ليعودوا بعدها "إلى قواعدهم سالمين"...عبارات لم تمر يوماً في تاريخ الجيوش العربية المتخاذلة، فذلك الجيش الذي لا يقهر ركع عند أقدام المقاومة الفلسطينية.  

واليوم، باتت نشوة الانتصار قاب قوسين أو أدنى، يمتّعنا المقاومون الفلسطينيون بنفحاتها مع كل صاروخ وعملية إنزال وتسلل وأسرٍ للجنود وحفرٍ للأنفاق، فالقوة الوحيدة القادرة على وضع حدٍ للاحتلال الصهيوني هي قوة السلاح، والجهة الوحيدة المخوّلة بالحديث عن السلاح ومصيره هي المقاومة الفلسطينية، فتلك الدماء التي تسيل في غزة زكية طاهرة، وتلك السواعد التي تدافع عن كرامة شعبها قوية باسلة، فالمجد للشهداء والعزة للمقاومين، والرفعة للصامدين.


 


 

avata
avata
فرح رويساتي (لبنان)
فرح رويساتي (لبنان)