طلقات تحذيريّة في موريتانيا

طلقات تحذيريّة في موريتانيا

21 أكتوبر 2014
+ الخط -

لا أعرف لمصلحة مَن يتم تجاهل النداءات المتكررة التي تطالب بإنصاف الطبقات المهمشة في المجتمع الموريتاني! وفي المقابل، لا أعرف لمصلحة مَن يُعلن مَن نصّبوا أنفسهم مدافعين عن تلك الطبقات النفير العام لمواجهة التهميش، بالدعوة إلى ما يشبه العصيان المسلح في المجتمع، مع ما يحمله ذلك من مخاطر، تهدد بقاء المجتمع وكينونة الدولة.

الدعوة إلى الإنصاف قائمة ومترسخة في ثقافتنا الإسلامية التي تدعو إلى المساواة بانتهاج سبيل العدالة في مختلف نواحي الحياة، وتتطلّب تفعيلاً ينزلها إلى أرض الواقع. وهنا، يجب التنبيه إلى أن ما تقوم به الحكومة الموريتانية في انتهاج سياسية ما يسمى "التمييز الإيجابي" خطأ استراتيجي، فنحن لا نحتاج إلى تمييز إيجابي أو سلبي، بقدر ما نحتاج إلى ترسيخ ثقافة العدل والحرية والإنصاف، مع ما ستحمله من مساواة أمام القانون، بعيداً عن المحسوبية والزبونية التي تعشش داخل ثقافتنا الاجتماعية والمؤسسية.

التمييز الإيجابي يجب أن يكون داخل مؤسسات الدولة، لكي نعلي، عبره، من شأن قطاع العدالة والأمن، ونركز، من خلاله، على قطاع الثقافة عن طريق الإعلام الذي يجب أن يسخّر لتغيير العقليات التي توشك أن تقضي على كينونة الدولة.

أما الدعوة إلى العصيان المسلح التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صادرة من نشطاء حركات حقوقية غير مرخص لها، فهي دعوات مستنكرة ومدانة، وهي، مع ما تحمله من خطورة المعنى والمبنى، لا شك ستلقى آذاناً صاغية لدى أبناء تلك الطبقات، ما لم يتم تدارك الوضع، قبل خروجه عن السيطرة.

الوقت، الآن، هو وقت الاستماع إلى الطلقات التحذيرية التي بدأت حركات متطرفة داخل البلد تطلقها سبيلاً لانتزاع ما تصفه بالحقوق المشروعة للفئات المهمشة، بعيداً عن السلمية وأساليبها. والاستماع لهذه الطلقات التحذيرية يتم بالمبادرة إلى انتشال تلك الطبقات، وإيلائها ما يقتضيه الوضع من عناية، حتى تبلغ مرحلة النضج الاجتماعي، ثم وضعها على قاطرة المساواة أمام القانون مع الجميع، من دون حاجة إلى تمييز إيجابي، قد يفهم في غير سياقه.

موريتانيا الآن على فوهة بركان اجتماعي فئوي وطائفي، بل حتى جهوي، ولذلك، يجب أن نكون جميعاً على قدر المسؤولية في هذه اللحظة الوطنية الفارقة.

الوطن، أولاً، قبل فوات الأوان.

avata
avata
محمد محفوظ المختار (موريتانيا)
محمد محفوظ المختار (موريتانيا)