قضية ناجحة في يد محام فاشل

قضية ناجحة في يد محام فاشل

28 يناير 2015
+ الخط -

في كتابه "قصة الحضارة" يقول ويل ديورانت: "الحضارة تنشأ مع النظام والانضباط، وتزدهر مع الحرية والإبداع، وتنهار مع الفساد والفوضى والعنف".
وهناك من يريد أن تنهار تونس بفعل الفوضى والفساد (نتائج حتمية بُعيد ثورة)، ويضيفون إليهما الإرهاب، بتتالي عملياته ضد الجيش والشرطة والسياسيين والمواطنين، والخطة الدنيئة المنتهجة هذه الأيام، من وسائل إعلام ورجال أعمال وساسة، لتسهيل عملياته، بعد أن وفر له بعضهم أموالاً، خرجت من دول عربية وأوروبية، لتمويل هذه الجماعات لكي يكونوا خنجراً في ظهر الدولة التونسية. وهناك من يتحدث عن تحالف كامل المعالم بين مخابرات أجنبية ومثل هذه الجماعات. ولكن، ما لا شك فيه أن متنفذين في الدولة وفروا، إلى حدود انتخابات 2014، لمثل هذه الجماعات الغطاء الذي يجعلها تنشط على هذا النحو، لغاية في نفس يعقوب، من الممكن أن بعضها تحقق بتاريخ 26 من أكتوبر.
قطعاً، ألصق الإرهاب بالإسلام غصباً وحيلة، في حين أنه الدين الحق. وما وجود الفئات التكفيرية والجماعات الإرهابية إلاّ نتاج مخططات وأجندات، تستغل المغفلين والمتطرفين الموجودين في كل مكان. ولا يحتاج المرء للبحث كثيراً ليجدهم، ويستطيع الاختيار منهم واستخدامهم، وعند الضرورة قتلهم، أيضاً، وكل شيء يفعله أولئك المتطرفون يظنون أنه ما يريدوه الله في أرضه.
قد نكون، اليوم، نعيش أحد فصول الفوضى الخلاقة، أحد أهم المفاتيح التي أنتجها العقل الاستراتيجي الغربي في التعامل مع قضايا الوطن العربي، الذين يظنون أن ما صنعته أميركا في العراق من احتلال وتقسيم، وما جرى في السودان من تقسيم له دوافع وأسباب مصطنعة، وما يجري في سورية وعموم المنطقة العربية من أحداث مأساوية وفوضى، أمر مفاجئ جاء وليد الأحداث التي أنتجته. ولكن، الحقيقة الكبرى أن ما يحدث، الآن، هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الاستعماري الذي خططته وصاغته وأعلنته الصهيونية والصليبية العالمية، لتفتيت الوطن العربي والعالم الإسلامي، من خلال سياسات واستراتيجيات ومشاريع باتت مكشوفة للعالم، وإن تغيرت بنودها وتوقيتات طرحها. فهي تستهدف القضاء على الإسلام وتجزئة الوطن العربي والاستحواذ على ثرواته ومقدراته، والتحكم فيه حاضراً ومستقبلاً، وتحويله إلى فسيفساء ورقية يكون فيها الكيان الغاصب السيد المطاع، واستهداف الأمة والوطن ومستقبل مواطنيها وحضارتهم، وخصوصاً الشباب الذين هم عماد الأمة وصانعو قوتها وحضارتها، والذين يتعرضون إلى محاولات عمليات غسل دماغ خطيرة، بهدف تغيير قناعاتهم وخداعهم وتضليلهم.
الدولة التونسية فى حرب. ولكن، أرجو أن تكون أولوياتها واضحة، وأولها مقاومة آفة الفقر والأمية. فمن المتعارف عليه أن الفقر يعد أحد أسباب صناعة الإرهاب، وتكاد تكون الدول أو المجتمعات الفقيرة المرتع الخصب لنمو الإرهاب وتصديره إلى دول العالم، فالمسؤولية الكبرى المنوطة بحكام تونس، ونحن في مفترق الطريق، أن يتبنوا أجندة إصلاحية تشاركية، وصيغاً سياسية ومجتمعية، تقارع الإرهاب، وتسمح للقوى المهمشة والمستبعدة أن تمثل فى عملية صنع القرار، وأن تتبنى أجندة حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية، تعالج مشكلات الظلم الاجتماعي والجهوي والسياسي. والأهم إعداد البلاد لتحول حقيقي على مدى زمني معقول، حتى لا تتحول المطالب الشعبية إلى أدوات لهدم الدولة وتمزيق المجتمع وإضعاف السلطة المركزية للحكم. وكما ذهب روبرت دال، أكثر المعاصرين دراسةً للنظريات السياسية ،"إن التربية على قيم الحكم التشاركي أعقد كثيراً من تبنى إجراءاتها".

25EF9572-6B75-4C8E-AC26-E34D07CA106D
25EF9572-6B75-4C8E-AC26-E34D07CA106D
عصام الدين الراجحي (تونس)
عصام الدين الراجحي (تونس)