ما لا نعرفه عن صلاح الدين!

ما لا نعرفه عن صلاح الدين!

23 أكتوبر 2014
+ الخط -

ونحن نموج، اليوم، في خضم السنوات الخدّاعات، التي أشار إليها رسولنا الكريم، محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، قبل أكثر من 1400 عام في حديثه النبوي، يطلّ علينا أبطال هذا الحديث كل حسب موقعه ومنصبه: ذاك الكاذب، وهذا الخائن، وذاك السفيه، الذي يتحدث بأمر العامة.

فكما أتحفنا في بداية العام الدكتور سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، بالقول إن الله ابتعث السيسي رسولاً  لحماية الدين ومصر، مشبهاً إياه بنبي الله موسى، ها هو أستاذ الحديث ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، الدكتور عمر هاشم، يطل علينا، قبل نهاية العام، بتحفة جديدة لا تثير الاستغراب بقدر ما تثير الضحك!

أمنية، أطلق لها العنان في المؤتمر، الذي نظمته مشيخة الطرق الصوفية في طنطا، احتفالاً بمولد السيد البدوي، وهي أن يتم فتح القدس، مرة أخرى، على يد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مثلما فعل صلاح الدين الأيوبي.

لا أدري، حقيقة، من أين أبدأ، وكيف يمكن أن أعلق على هذا الأمر. لذلك، قررت أن أسلك اتجاهاً آخر، لعلّي أصل إلى الجو النفسي، الذي دفع الدكتور عمر هاشم إلى إطلاق هذه النكتة السمجة.

فمن الوارد أن تكون رياح التغيير، التي أجرتها السنوات الخداعات على المشهد العربي الراهن، قد طالت السيرة الذاتية لصلاح الدين الأيوبي، والذي لم يعد، وفق المعايير الوضعية الجديدة، تكريتياً، بل نبياً مبتعثاً يدعو إلى السلام، مما سيفسر، فيما بعد، عن انحراف المواقف وتقلبات التاريخ، التي سيلحظها القارئ، وهو يتابع تشويه سيرته الذاتية، بدءاً من موقفه الرافض لاستخدام العنف ضد الفرنجة، مروراً بمحاولاته الحثيثة لإتمام الصلح والوفاق بين بارونات الصليب وأمراء الشام والموصل، وصولاً إلى "فتح القدس"، الذي جاء مكافأة لصلاح الدين على دوره الكبير في قطع الإمدادات الغذائية والعسكرية، عن فرق الثوار والمجاهدين المرابطين على تلال حطين، وحثهم على تسليم سلاحهم لجهة محايدة، امتثالاً للالتزامات الدولية، التي تحتم على صلاح الدين أن يكون رسول سلام، وحمامة بيضاء منتوفة الريش!

بهذا المنحى فقط، نستطيع أن نلتمس العذر للدكتور عمر هاشم، إذ يرى السيسي نبياً ومخلصاً على طريقته الخاصة، التي تتنافى، بلا أدنى شك، مع الطريقة، التي تم فيها تحرير القدس عام 1187، على يد صلاح الدين الأيوبي، القائد العظيم، الذي لو كان حياً بيننا اليوم، لكنت سأنهمكُ في حقل الكتابة عن الطريقة، التي سيُسقط فيها الدولة الفاطمية!

مريحيل
مريحيل
علي أبو مريحيل
كاتب فلسطيني، عمل مراسلاً صحفياً في الصين لعدد من المؤسسات الإعلامية العربية. لديه العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات والتقارير الصحفية المرئية والمكتوبة.
علي أبو مريحيل