... ويحدثونك عن النقد الذاتي

... ويحدثونك عن النقد الذاتي

20 سبتمبر 2014
+ الخط -

النقد لغة، التمييز بين الدراهم الصحيحة والزائفة، والنقد المنهجي هو تجاوز حالتي الرفض المطلق والقبول المطلق، إلى بيان الصواب والخطأ وقبول الصواب ورد الخطأ، والنقد الذاتي هو نقد فرد أو جماعة لنفسه/ها، والنقد يختلف عن النقض، فالنقد يتبعه البناء، والنقض هدفه الهدم.
 
والنقد الذاتي هو الفريضة الغائبة والغاية المنشودة من الحركة الإسلامية والإسلاميين، إذ يحتاج تراثهم الفكري والفقهي غربلة شديدة وتنقيحاً كبيراً وتنقية عظيمة. فقد انتهى عصر "ولو ضربك وجلدك وأخذ مالك"، ودخلنا عصر الخروج الواجب على الحاكم الظالم المستبد الجائر الغاصب للأعمار والأوطان والحريات، ضرورة شرعية ومهمة مجتمعية وواجب وطني. وكما التراث الفكري والفقهي، سردياتنا عن التاريخ الإسلامي، أيضاً، تحتاج إلى تلك الزلزلة الجارفة من حالة النقد المنهجي غير المتعصب، ليحق الحق ويبطل الباطل، ولو كرهنا نحن أبناء التراث الإسلامي.

وبعيداً عن التيار الجهادي التكفيري وجرائمه في حق الأمة ومجتمعاتها، شرقاً وغرباً، وفي حق الدعوة الإسلامية وتأخرها، والنفور منها، ومحاربتها في شتى بقاع الأرض. وبعيداً عن التيار السلفي الانبطاحي، الذي ينمو ويترعرع في أحضان الطاغوت والاستبداد والديكتاتورية العسكرية، من المهم ممارسة الإسلاميين الوسطيين النقد الذاتي، حتى يتجنبوا الأخطاء، أو الأزمات التي يمكن تفاديها بمجرد الوقوف الجاد والصريح مع ما يحملون من أفكار، فحتى الفكرة الصحيحة، إن تم نقدها، فهي تزيد قوة وبهاء.

ومن حقنا السؤال لماذا تندر الدراسات النقدية الذاتية المجردة المخلصة، لدى جماعة كبيرة، مثل جماعة الإخوان المسلمين، وسياساتهم ومنهجهم وفكرهم وحركتهم التاريخية، خدمة للتاريخ الإسلامي وحماية لأبنائه من الغوص فى مياه راكدة وتجارب بشرية عقيمة، وسعيهم إلى الاستفادة من التجربة البشرية والتاريخية والحركية وتطوير للعقل الحركي الإسلامي، وكيفية تعامله مع الواقع.

لماذا لم تظهر، حتى الآن، وبعد عام من الانقلاب العسكري الدموي حالة نقد جاد ومعمق لتجربة الإخوان في الحكم؟ ولماذا لم يظهر نقد منهجي، أو ذاتي، لتجربة الإخوان المسلمين مع ثورة المصريين في يناير حتى الآن؟

avata
avata
محمد حسن الصعيدي (مصر)
محمد حسن الصعيدي (مصر)