بيرو.. مغاربة الخارج ملف ثقيل

بيرو.. مغاربة الخارج ملف ثقيل

25 نوفمبر 2014
وزير الهجرة المغربي أنيس بيرو (فرانس برس)
+ الخط -

قضايا الهجرة ملف ثقيل على طاولة الحكومة الحالية، التي يترأسها عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.

وكان المغرب قد أقدم على عدة إجراءات تهم ملف الجالية المغربية في الخارج، والتي يصل عددها إلى حوالى 5 ملايين مهاجر مغربي يتوزعون على أكثر من 100 بلد، وكانت الخطوة تقضي بتخصيص مجلس للجالية، يعنى بشؤون المهاجرين المغاربة، الذين تعتبر هجراتهم إلى أوروبا من الهجرات العربية الأولى.

ولمزيد من الاهتمام، وتنظيم عمل مجلس الهجرة، والجمعيات التي تدور في فلكه أو تلك التي تعمل بشكل منفرد، أتيح لوزارة الهجرة أن تقوم بدور إشرافي، ليس على القضايا التي تهم المهاجرين وحدهم، بل أيضا، التعاطي مع 45 ألف مهاجر أجنبي، يوجدون على أرض المغرب، أغلبهم في وضعية غير شرعية، بعد أن فتح المغرب آجالا لتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين وبالأخص من دول جنوب أفريقيا.

وفي هذا الصدد، يؤكد وزير الهجرة المغربي، أنيس بيرو، أن سياسة الدولة المغربية مع الجالية ليست جديدة بل تعمل مع المهاجرين المغاربة منذ فترة طويلة، ويقول لـ "العربي الجديد" إن "الهجرة المغربية ذاتها عريقة، فقد بدأ المهاجرون بالتدفق إلى بلدان الخارج منذ أكثر من خمسين سنة، رغم وجود جاليات حديثة العهد بالهجرة.
لذلك فإن السياسات المغربية تطورت مع تطور هذه الجاليات.. ومن أمثلة ذلك أن المستوى التعليمي تطور أيضاً، وهناك الآن نسبة كبيرة من المهاجرين وصل إلى أعلى درجات التعليم العالي، من مهندسين وأطباء وعلماء".


لا يتوقف بيرو عن التذكير بأن العمل الرسمي في مجال الهجرة لم ينطلق من فراغ، بل وجد أمامه تراكما مهما، وأن الدولة تواجه تحديات كبيرة في مجال الهجرة، والأساسي هو الرعاية الخاصة من الملك، ولولا هذا التركيز من أعلى مستويات القرار السياسي، لما كانت كل مؤسسات الهجرة قد وصلت إلى هذا المستوى من التنظيم. فـ "هي تلقى الاهتمام الملكي الشخصي والتعاطف الكبير من لدن الملك محمد السادس. ووزارتنا شهدت تراكما في السياسات، وبالتالي كمسوؤل عن هذا القطاع، أستفيد من هذه التراكمات والاجتهادت والتجارب وكذلك الإخفاقات وأحاول أن أتأقلم مع طموحات هذه الجاليات وما تصبو إليه".

يعتبر بيرو أن مشاكل ومتطلبات المهاجرين المغاربة تختلف من بلد هجرة إلى آخر، فحاجيات المهاجرين المغاربة في أوروبا ليست هي نفسها في دول أخرى، مثل الدول العربية ودول الخليج.

ويشرح هذا التفاوت على الشكل التالي "في الحقيقة، تختلف الجالية المغربية في أوروبا عن الجاليات في الخليج والولايات المتحدة. وبالتالي تختلف طموحاتهم وانتظاراتهم. لدينا علاقات متميزة مع الإمارات، مثلا، ولهذا تأثير إيجابي على الجالية التي يزداد حجمها يوماً بعد آخر، بحيث وصلت إلى أكثر من 40 ألف مغربي، جاؤوا من مناطق مختلفة: من باريس ولندن ونيويورك وغيرها، وهم يشتغلون في شركات دولية ولهم مراكز وظيفية متقدمة ومهمة. كما أن متطلباتهم تختلف بطبيعة الحال، وأولياتهم هنا تتمحور حول مدارس أطفالهم. وهناك إكراهات بالنسبة لتسجيل أبنائهم والكلفة المرتفعة للتدريس، بالإضافة إلى حاجتهم لمدارس فرنسية، في حين أنهم يدرسون أبناءهم لغات أخرى كالإنجليزية".

دعم قانوني
يدحض بيرو، اتهام أن تكون الدولة المغربية قد رمت الحبل على الغارب، وأدارت ظهرها لمغاربة العالم، بل هناك سعي حثيث من أجل توفير أشكال من المواكبة القانونية، ويفيد بأن الوزارة قامت في هذا لإطار بتخصيص الاستشارة القانونية، "فلدينا في البعثات الدبلوماسية كوادر خاصة لتقديم استشارات في جميع دول العالم. وهناك مشاكل الزيجات المختلطة، ونحن نقدم المعونة الكاملة في مجال المساعدة القانونية" حسب تعبيره.

ويشير بيرو، إلى أن وزارته تعمل جاهدة على حماية جميع مصالح الجالية المغربية في الخارج، وأكد أن هناك مجهودا كبيرا يُبذل من المغرب، ويقدم في هذا الصدد مقارنة بين ما تقوم به وزارة الهجرة في المغرب ووزارات دول أخرى، يقول "دعنا نقارن بين عدد من الدول التي لديها مهاجرون وبين ما يقوم به المغرب، فسنرى أن هذا المجهود يتجاوز ما تقوم به تلك الدول، وعلى سبيل المثال، في مجال الاستثمار، نقدم لأي مغربي يريد أن يستثمر في بلده 10 بالمائة من قيمة المشروع. وكذلك هناك قانون خاص للمهاجرين بفتح حساب بالعملة الصعبة لهم حرية التصرف به. وهناك خلايا في جميع الوزارات تعمل على مساعدتهم"، ويستطرد "هل تعلم أن كل مغربي يتوفاه الله في دول المهجر، تتكفل الدولة بنقله إلى بلده ودفنه؟".

سياسة الوزارة
لا يتوقف أنيس بيرو، عن التذكير بأن الهجرة وسياستها، مسؤولية مشتركة، "ينبغي أن تأخذ في الاعتبار أبعادًا عدة، في شأن العمل على التنمية المشتركة لدول جنوب الصحراء وللدول المصدرة للهجرة، في علاقة مع تحقيق حلم المهاجرين في الوصول إلى أوروبا ، قبل أن يستقروا في المغرب".

ويحلل الوضع، غير المحسود عليه للمغرب، بكون الكثير من الأفارقة لم يعد المغرب بالنسبة إليهم بلد عبور نحو أوروبا، بل أصبح بلد استقرار، وهنا تكمن المعضلة. فالمغرب بالنسبة للوزير أصبح لبعض المهاجرين آخر محطة، "لذلك قمنا بإجراءات تأخذ على عاتقها الجانب الإنساني والحقوقي لهؤلاء، مما يجنبّهم المخاطرة بأرواحهم. إن فلسفة هذه السياسة الجديدة للهجرة، التي لاقت دعماً ملكياً، تقوم على أساس احترام وحماية حقوق الإنسان، والالتزامات الدولية للمملكة في مجال حماية وضمان حقوق المهاجرين".

في مقابل ذلك، تجبر الظروف الاقتصادية الصعبة في المغرب الكثير من الكوادر العلمية على مغادرة المغرب، في موجة هروب للكفاءات المغربية إلى الخارج. غير أن الوزير لا يعبر عن خشيته من حجم الظاهرة، يقول "الخشية ليست موجودة لأن المغرب ينتج الكوادر العلمية باستمرار. لكننا نعمل على تنظيم مؤتمر في 13 من يناير/ كانون الثاني من العام المقبل بهذا الخصوص، ونحن لا نفرط بالكفاءات المغربية التي تريد بناء بلدها. ولهذا استحدثنا برامج عديدة مثل (أينكم) و(مغربكم) وبرامج أخرى، ومن خلال التواصل معهم عبر التكنولوجيا الحديثة، توصلنا إلى التفاهم معهم ودعمهم والاستفادة من جهودهم وكفاءاتهم".

وحول ما إذا كان المغرب ينتهج سياسة لإعادة كفاءاته لخدمة الوطن، يشير بيرو إلى أن الحكومة تعمل على توفير بنية تحتية حاضنة لتلك الكفاءات، ومنها، استحداث برامج عديدة مثل (المغرب الأخضر)، وهو برنامج فلاحي متميز وكذلك في مجال الصيد البحري إذ يمتلك المغرب نحو 3500 كيلومتر من شواطئ البحر.. وهناك برنامج يتعلق بالطاقة الشمسية والطاقة المتجددة. ولا بد من الإشارة إلى برنامج آخر في الجانب الصناعي. هذه البرامج كلها، حسب بيرو، مفتوحة للجاليات المغربية المقيمة في الخارج بصفة مستمرة حتى رؤساء جامعات ومختبرات، يؤكدون تخصيص وقتهم في خدمة بلدهم.


الهجرة غير الشرعية

مواجهة الهجرة غير الشرعية تمثل تحدٍّ آخر في المغرب

 
ينفي بيرو أن تكون الحكومة أو السلطات المغربية تمارس عنفا ممنهجا ضد المهاجرين غير الشرعيين، ويؤكد أن ما يروج غير صحيح، وقال "هذا غير صحيح. لا يوجد أي عنف. إن الحكومة التي نشترك فيها انتهجت سياسة جديدة، قوامها تسوية وضعية الأجانب غير القانونية في المغرب، وقد أعطينا انطلاقة كبيرة لمبادرة تسوية الآلاف فوق التراب الوطني المغربي. كما تم سن قانون جديد للهجرة من خلال توفير ترسانة قانوية ضد الاتجار بالبشر، ومشاكل اللجوء السياسي، من خلال برنامج إدماجي مهم جداً. وقد قمنا بتسوية أوضاعهم من خلال الاندماج في المجتمع المغربي، والتعرف على لغته وثقافته وعاداته.

من جهة أخرى، عبر بيرو عن استعداد الوزارة للتعامل مع كافة الجمعيات المغربية العاملة في مجال الهجرة، واعتبر أن أغلب الجمعيات الجادة هي شريك أساسي لوزارته وفق رؤية رسمية في إطار الشراكة.

ويبذل المغرب في إطار تعاون مع الاتحاد الأوروبي، مجهودا في مجال الهجرة من شأنه مساعدة المهاجرين المغاربة على تمويل عدد من المشاريع المتعلقة بهم، وألمح إلى أن المغرب يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكا أساسيا له، للتغلب على مشاكل معينة في بعض البلدان التي يسود فيها نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة، لحماية حقوق المهاجرين المغاربة من ذوي الجنسية المزدوجة.