شرطة مجتمعية أم "بلطجية" في مصر؟

شرطة مجتمعية أم "بلطجية" في مصر؟

22 أكتوبر 2014
البلطجية والمواطنون الشرفاء.. شركاء الشرطة في مصر (Getty)
+ الخط -
رفض قسم التشريع في مجلس الدولة المصري، مشروع قانون يمنح رؤساء الجامعات المصرية حق عزل أعضاء هيئة التدريس، بدعوى تورطهم في أعمال شغب. القرار بث بعض الأمل في نفوس اليائسين من "نزاهة" المؤسسة القضائية في مصر، في ظل اتهامها بالعمل لصالح السلطة الجديدة التي حكمت البلاد عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013.

لكن اليأس عاد ليُخيم على المشهد من جديد بعد موافقة الهيئة القضائية العليا في البلاد نفسها على تعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة، والتي بموجبها تم استحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة تحت مسمى "الشرطة المجتمعية".

تقنين البلطجة
تلك التعديلات التي وصفها ناشطون سياسيون بمحاولة "تقنين أوضاع البلطجية الذين تستعين بهم أجهزة الأمن لقمع معارضيها".

القيادي في جبهة "طريق الثورة"، علي غنيم، قال إن "اتجاه السلطة الحاكمة لتأسيس وحدة الشرطة المجتمعية، لاسيما بعد موافقة مجلس الدولة على تعديل قانون هيئة الشرطة بما يسمح بذلك، ليس إلا محاولة جديدة لإحكام قبضتها الأمنية على البلاد وقمع معارضيها السياسيين ومنعهم من التعبير عن رأيهم بحرية".

واتهم غنيم، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، السلطة بـ "تحريض المواطنين على بعضهم بعضاً في سبيل الحفاظ على بقائها ومصالحها"، مشيرا إلى أن "مشروع القانون الجديد يُقنن ممارسات جهاز الأمن الوطني، الذي حل محل جهاز أمن الدولة بعد حل الأخير، والذي أصبح أكثر توحشا مقارنة بما كان عليه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك".

المواطن المخبر
وتوقع الناشط أن يتحول المصريون وفق التعديلات الجديدة إلى "مخبرين" يزودون أجهزة الأمن بمعلومات عن جيرانهم وأقاربهم، معززا توقعاته بـ"حملات تشويه الوعي التي تقودها وسائل إعلام الثورة المضادة التي زادت حالة الاستقطاب عمقا واتساعا معتمدة في ذلك على فزاعة الحرب على الإرهاب المُصطنع"، على حد قوله.

وعن تفسيره لتمرير قسم التشريع بمجلس الدولة مشروع القانون، قال "لا نتوقع أن تمارس أي هيئة قضائية مهامها بنزاهة في ظل تصاعد القمع الأمني إذ أصبح الحكم بعد المكالمة وليس بعد المداولة"، في إشارة منه لتوغل السلطة التنفيذية في عمل مؤسسة القضاء.
لكنه عاد وتساءل باستنكار: "ما الحيثيات التي استند إليها قسم التشريع بمجلس الدولة لتمرير مشروع القانون سيء السمعة؟".

وأكد غنيم على مواصلة الحراك السلمي في الشارع من أجل توعية الناس بحقيقة السلطة الحالية، "تساعدنا في ذلك سياسات الإفقار والتجويع التي تتبعها الحكومة التي كشفت عن وجهها القبيح"، على حد تعبيره.
وأضاف: "التظاهر ليس الآلية الوحيدة للحراك خاصة أن ثمنه أصبح باهظا في ظل قانون التظاهر المُقيد للحريات".

بدوره، قال عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 إبريل"، جبهة أحمد ماهر، محمد نبيل، إن "مشروع القانون محاولة لتقنين أوضاع مجموعات البلطجية التي تستعين بها قوات الأمن لقمع التظاهرات والاحتجاجات".

وتساءل نبيل: "من أين ستدفع وزارة الداخلية رواتب هؤلاء؟"، وحذر من "استغلال عناصر الشرطة المجتمعية سلطاتهم، لا سيما بعد منحهم صفة الضبطية القضائية، في فرض إتاوات جبرية على المواطنين بعد تهديدهم بإبلاغ أجهزة الأمن عنهم".

جدير بالذكر أن قسم التشريع في مجلس الدولة وافق، في الجلسة نفسها على أربعة مشروعات قوانين تمهيدًا لاستكمال إجراءات إصدارها، من بينها قانون "الشرطة المجتمعية".
وتناول المشروع شروط تعيين وتأهيل وترقية وتأديب أعضاء هذه الفئة، كما قرر منح أعضائها صفة الضبطية القضائية وسريان ذات الأحكام والقواعد الخاصة بأفراد هيئة الشرطة على هؤلاء الأعضاء.

وكانت أنباء ترددت عن موافقة الحكومة على مشروع قانون جديد لإنشاء هذه الوحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، وقيل إنها ستضم حاملي الشهادة الإعدادية ذوي القدرات الصحية والنفسية والرياضية المؤهلة لعمل رجل الشرطة بعد تدريبهم لمدة 18 شهرا بأحد معاهد الشرطة.

وعرف المصريون على مدار سنوات طويلة، تعاون "بلطجية" وخارجين عن القانون من الجنسين مع رجال الشرطة في الانتقام أو الاعتداء على المعارضين للسلطة، وفض التظاهرات وإحداث مشكلات في التجمعات والتظاهرات السلمية، بما يتيح الفرصة للشرطة للتدخل وقمع المشاركين فيها أو المطالبة بفضها بحجة أنها تثير الشغب أو تعطل الطريق أو تهدد السلم العام.