الصحافة البريطانية: الحيادية لم توقف الحرب

الصحافة البريطانية: الحيادية لم توقف الحرب

21 اغسطس 2014
داعش تصدر عناوين الصحافة البريطانية
+ الخط -

تناولت الصحف البريطانية، اليوم، موضوع تداعيات مقتل الصحافي الأميركي جيمس فولي في سورية على يد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وظهوره في مقطع فيديو أمس.

وذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية في افتتاحيتها اليوم أنه ليس هناك فعل من دون رد فعل في الشرق الأوسط. وذلك على الأقل منذ الحرب الأهلية في لبنان، وثمة طريقة واحدة يعرب بها من هم في نزاع مع الولايات المتحدة وحلفائها عن غضبهم، هي محاولة الانتقام والتأثير على سياسات أعدائهم، وهي قتل رجل أو امرأة بريئة.

وبدأت هذه الطريقة في التعبير عن الغضب في الظهور في السنوات الأخيرة على الكاميرات. وما جعل هذه الحالة مدعاة للقلق، أن القاتل بريطاني، وكان ينتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما بشدة، مبررا قتله الصحافي بالقول "إن حياة صحافي أميركي آخر على المحك".

ووفقا للصحيفة فإن هذا الفتى المتعلم في جامعات لندن، من المرجح أن يقتل شابا آخر من "نيو هامبشير"، من أجل النزاع القائم في الشرق الأوسط، وهو ما يوضح كيف تم تجاوز الحدود العادية للدولة والطبقة بقسوة.

إن الفيديو يعد واحدا من التطورات التي عززت فهمنا للمخاطر الكامنة في حملة عسكرية جديدة في المنطقة، حتى لو كانت محدودة وجرت بعناية، لا يمكنك أن تقصف من دون وجود رد على ذلك، ولا تتوقع أن يراعي "داعش" القواعد التي لا يعترف بها.

وقالت الصحيفة إنه من الممكن أن نعتقد أن "داعش" قاس ومستبد وغبي، لتصبح سمة دائمة من سمات المشهد في الشرق الأوسط. ولكن يمكن أن يكون هذا من الأسباب التي تساعد على اختفائها. ويكمن الحل فضلا عن التدابير العسكرية، في تضافر الجهود الدولية التي تركز على كسب ثقة العراقيين السنّة، والحدّ من الطائفية في بغداد وإعادة البحث عن تسوية في دمشق، ونزع فتيل الصراع بين السنّة والشيعة الذي غذته القوى الإقليمية.

أوباما لم يفهم داعش

وكان للصحافي البريطاني روبرت فيسك رأي في هذا التطور، إذ قال في مقالته في صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية إن مشكلة الرئيس أوباما بعد مقتل جيمس فولي هو أنه لم يعرف من هو "داعش".

يقول فيسك "لقد سمعنا عن قسوة داعش واختطافه النساء، ودفنه الناس أحياء، وشراسته تجاه المسيحيين والأيزيديين وقطع رؤوس العامة، ولكن هل هذا كل شيء؟".

ويصف الكاتب مدى جهل العامة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فهو تنظيم غامض بالنسبة لنا، وكل ما نراه في التقارير، ما هو إلا مقاطع فيديو من هواتفهم الخاصة.

وأضاف فيسك، أن طريقة ذبح فولي كافية لإثناء الصحافيين الأكثر حماقة، عن السعي لمقابلة الخليفة أبو بكر البغدادي. لم يكن هناك من قبل في الشرق الأوسط أي بلد خارج عن حدود وسائل الإعلام الغربية.

ويتساءل فيسك، بعد أن رأى أوباما التهديد بقطع رأس الصحافي الأميركي التالي، هل سيحرك ساكنا؟

يرى فيسك أن ما يقوم به داعش الآن، هو مواجهة أوباما بمشكلة مع كل رهينة. فإن تجاهل التحذيرات، فهذا يوضح أن أوباما لا يهتم بالمواطنين الأفراد عندما يقوم بعمليات عسكرية، وهي الحقيقة.

الصوت الغربي ينقل الرسالة

وتعبر الصحيفة نفسها عن غضبها من مقتل الصحافي في افتتاحيتها. وتقول إن اللكنة البريطانية التي تحدث بها قاتل فولي لا تقل خطرا عن مقتل فولي نفسه.

وأضافت الصحيفة أنه ليس صدفة أن يقوم داعش باختيار ذلك الشخص بعينه ليظهر على الفيديو. إن قادة داعش يؤمنون بوضوح بأن الصوت الغربي هو الأفضل في نقل رسالتهم التي تقول إن الغرب هو الذي قادهم لقطع رأس رجل بريء.

وأوضحت الصحيفة "يجب ألا نرضخ لمثل هذا المنطق الملتوي. هذا النوع من الوحشية موجود في مقاتلي داعش، ويستخدم ضد أي شخص يقف ضدهم سواء كان مسيحياً أو مسلماً أو رجلاً أو امرأة".

هناك ما يقرب من خمسمائة جهادي بريطاني يحارب في سورية. ففي الأسابيع الأخيرة، تم رفع العلم الأسود لداعش في العاصمة البريطانية لندن، ووزعت منشورات في شارع أكسفورد تدعو المسلمين للانضمام إلى ما يسمى الخلافة. وتشير أحد التقديرات أن واحدا من 800 "سني" بريطاني يتراوح أعمارهم بين18-34 يقاتلون في صفوف داعش. هذا ليس لتشويه صورة فئة معينة من السكان، ولكن لنعترف أن المشكلة مثيرة للقلق وبحاجة إلى استجابة تستهدف المتطرفين دون استعداء مجتمعات بأكملها.

وكانت الاستراتيجية المتبعة بعد تفجيرات 7/7 عام 2005 سببا لشكوى العديد من المسلمين البريطانيين لأنهم يؤخذون ظلما مع إرهابيين محتملين. والإصلاحات الأخيرة التي قامت بها وزيرة الداخلية تيريزا ماي، قد فصلت بين مكافحة العمل الإرهابي من التواصل مع المجتمع.

الموت كأنه خلاص

ودعا الكاتب البريطاني جيمس بلدورث الغرب إلى تكثيف الحملة العسكرية ضد داعش بعد مقتل الصحافي فولي. فإن أحدث الفظائع التي يرتكبها داعش يجب أن تدفع الوطن إلى فكرة أن من يقوم بمثل هذه الجرائم لا يساء فهمهم من قبل الإمبريالية الغربية، على أساس أنهم "متطرفون"، بل هم يحاولون استخدام اهتمامنا بالمعاناة الإنسانية ضدنا، من أجل إنشاء خلافة جهنمية وشمولية من شأنها أن تجعل الموت كأنه خلاص".

ويطالب بلدورث ممن قضوا السنوات العشر الماضية محاولين تحييد دور بريطانيا والولايات المتحدة في صراعات الشرق الأوسط أن يستيقظوا.

ووفقا لما قاله الكاتب، فإن داعش قد نبت بسرعة، ليس بسبب جورج بوش وتوني بلير، بل لأن الحكومات الغربية قررت في مرحلة ما أنه سيكون مقبولا لبشار الأسد أن يسقط متفجرات على الشعب السوري من أجل الحفاظ على السلطة. وقد يأتي هذا بمثابة مفاجأة لأولئك النواب الذين صاحوا وصرخوا عندما صوت مجلس العموم ضد التدخل العسكري في سورية العام الماضي، ليعرفوا أنهم "لم يوقفوا الحرب".

دلالات

المساهمون