حزب الله يستعرض عسكريّاً للمرة الأولى: الخطر داهم

حزب الله يستعرض عسكريّاً للمرة الأولى: الخطر داهم

08 يوليو 2014
تشييع أحد قتلى حزب الله في سوريا (محمود الزيات/Getty)
+ الخط -
بدا البقاع الشمالي (شرقي لبنان) وكأنه على أبواب حرب. أصوات القذائف والاشتباكات في سورية تعبر التلال الشرقية عادةً، وتصل إلى آذان سكان المنطقة، إلا أنّ الصوت اختلف هذه المرة وكذلك المشهد. هدرت آليات حزب الله في المكان، محمّلة بمدافع ومضادات ومنصات صواريخ متوسطة، من نوع بـ10 ومدافع 23 و106. جالت في شوارع رئيسية وفرعية من بلدات العين، والنبي عثمان، واللبوة، والبزالية، وصولاً إلى منطقة نحلة، على بعد كيلومترات قليلة من مدينة بعلبك. خرجت عشرات الآليات إلى الضوء، من دون ان يعلم أحد من أين وصلت، أو من أين شقّت طريقها. استنفر عناصر الحزب في هذه القرى وجابوها طولاً وعرضاً. استعرضوا لباسهم العسكري المرقّط وتوقف قسم منهم مرات عدة لالتقاط الصور. لم يحتكّوا بالمواطنين، أهاليهم، ولم يحادثوا أحداً.
 

نفّذ حزب الله هذه العراضة العسكرية بعد ظهر الأحد الماضي، ليسجل، في السادس من يوليو/تموز 2014، أول استعراض عسكري مسلّح للحزب منذ التأسيس، مطلع ثمانينيات القرن الماضي، استعراض أراده الحزب علني بين الأهالي من دون أن تطاله كاميرات المصورين المحترفين. حرّكت القيادة جزءاً صغيراً من جبروتها الممتد من البقاع إلى الحدود مع سورية، وصولاً إلى دمشق وحلب وكسب، ليكسر بذلك حزب الله عاداته الأمنية والعسكرية، فيخرج إلى العلن بأسلحته المتوسطة والمدفعية ويحرّكها بين ناسه وفي مناطق نفوذه. كأن حزب الله بحاجة إلى استعراض مماثل لتأكيد قوته وطمأنة مناصريه في منطقة يسيطر عليها من ألفها إلى يائها. فممّ الخوف؟

يقول أحد المطلعين على أجواء حزب الله في البقاع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا الاستعراض سبقه أكثر من اشتباك في أكثر من نقطة حدودية بين عناصر الحزب ومجموعات سورية". فلا تزال قيادة الحزب وأجهزته تجمع المعلومات حول التحركات في جرود عرسال (الفاصلة بين هذه البلدات الخمس والأراضي السورية، والمحسوبة على المعارضة السورية). حزب الله متخوّف من هذه المجموعات التي تركت الأراضي السورية في القلمون، واتّخذت من مناطق جردية صعبة ملاذاً لها تحضيراً لاستعادة ما خسرته أو لممارسة كل أشكال الضغوط على القرى المحسوبة على حلفاء النظام السوري.
وتضيف معلومات أمنية أنّ حزب الله استخدم طائرات بدون طيار في الجرد الممتد بين عرسال والقلمون لمحاولة التدقيق في المعطيات الميدانية، "دون ان تتمكن هذه الطائرات من تقديم أي جديد على هذا الصعيد". ويزداد القلق من هذه الجبهة نتيجة قيام الجيش اللبناني بتعزيز تواجده في البقاع، من جهة العديد ومن جهة العتاد، إذ "عملت وحدات الجيش على استقدام أسلحة ثقيلة ومتطورة إلى مراكزها"، بحسب ما قال أحد المطلعين لـ"العربي الجديد".

تهديد أمني شامل

لم يأت إذاً استعراض حزب الله من فراغ، ولم يكن الحزب ليكسر قواعده الأمنية عبثاً. وينقل مقربون من الحزب عن تقارير أمنية عمّمت على الأجهزة الرسمية وجود "مخطط إرهابي شامل لإرباك الدولة اللبنانية وحزب الله في أكثر من منطقة في البقاع وبيروت"، الأمر الذي يفسّر الإجراءات الأمنية المستمرة، والتي تشتدّ يوماً بعد آخر، في شوارع رئيسية في العاصمة وفي محيط مراكز أمنية وسياسية عدة. كل ذلك من دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية بعد من تفكيك ما يجري التحضير له على الساحة اللبنانية، على الرغم من توقيف أكثر من عشرة متورّطين ومتّهمين بالتحضير لهذه الأعمال الإرهابية.

حتى أنّ بعض القوى السياسية الحليفة لحزب الله، تبلّغت باستعداد قيادة الحزب لـ"احتمال تسليح المقربين منها في البقاع للبقاء على استعداد كامل ودائم لمواجهة أي طارئ أمني". قد يكون في هذا التبليغ مجرّد تهويل لمحاولة ضبط الأوضاع واستباق الأحداث، إلا أنّ استعراض حزب الله العسكري، لا يمكن تفسيره إلا في إطار رسالة واضحة لأعدائه، فحواها أنه موجود ومنتشر في مناطقه وجاهز للدفاع عنها. كما يعني أيضاً أن هذه المناطق باتت مهددة فعلياً، ولن تحمي ناسها شعارات حزب الله، بل أن هذه الشعارات ستضعها في خطر أكبر وتحت مجهر الإرهاب أكثر.
 

المساهمون