الاحتلال يعدّ استراتيجية جديدة في الجولان

الاحتلال يعدّ استراتيجية جديدة في الجولان

24 يونيو 2014
+ الخط -

يكشف الجدل الداخلي في إسرائيل عقب التصعيد الأمني الأخير على الحدود مع سورية، أن محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب تبلور "استراتيجية دفاعية" جديدة في مواجهة "المخاطر" الناجمة عن التحولات الدراماتيكية في سورية.

وتبيّن هذه التقديرات أن إسرائيل شرعت في تطبيق بعض عناصر هذه الاستراتيجية، في حين أن عناصر أخرى لا تزال قيد النقاش. وكشفت صحيفة "يسرائيل هيوم"، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال شرع في نصب منظومات مضادة للصواريخ على الحدود المحتلة، تعتمد تقنيات قادرة على إسقاط الصواريخ قبل وصولها الجدار الحدودي. ويتضح، وفقاً للصحيفة، أن المنطقة التي أصابها الصاروخ الذي أطلق من الحدود السورية أول من أمس لم تكن محمية بمثل هذه المنظومة.

وفي السياق نفسه، أشارت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، الليلة الماضية، إلى أن أهم الخطوات التي أقدم عليها جيش الاحتلال لتنفيذ استراتيجيته الدفاعية في الجولان، تمثلت في تدشين فرقة عسكرية جديدة أطلق عليه "فرقة 211"، مكوّنة بالأساس من ألوية مشاة ووحدات خاصة، تمتاز بقدرة سريعة على الحركة. وحلّت هذه الفرقة محل "فرقة 90" المدرعة، التي ظلت تتمركز في الهضبة منذ أواسط السبعينات حتى منتصف عام 2013. وتم تعيين الجنرال أوفيك بوخريس (المتدين)، الذي يوصف بأنه "أحد أفضل القادة الميدانيين" في الجيش الإسرائيلي، قائداً لهذه الفرقة.

وعلى الرغم من أن قيادة جيش الاحتلال باتت مقتنعة بأن المسؤول عن إطلاق الصاروخ على الجولان هو إما جندي في الجيش السوري أو عنصر في منظمة تعمل لصالح النظام، غير أنّ الجيش الإسرائيلي ينطلق من فرضية مفادها بأن عهد الهدوء على الحدود، الذي استمر لأكثر من أربعة عقود، قد ولى إلى غير رجعة.

ويشير المعلق العسكري، يوآف ليمور، في تقريره بصحيفة "يسرائيل هيوم"، إلى أن الجيش الإسرائيلي يخشى تكرار السيناريو الذي تعرض له خلال تسعينات القرن الماضي في جنوب لبنان، في الجولان، عندما تحولت قواعد وقوافل هذا الجيش إلى أهداف لصواريخ وقذائف حزب الله. ويقول ليمور إن العنصر الآخر في الاستراتيجية الدفاعية الجديدة لجيش الاحتلال في الجولان يتمثل في الاستعاضة عن كثافة تواجد الجيش ودورياته الراجلة والمحمولة بتدشين عوائق أرضية تقلص القدرة على التسلل عبر الحدود.

ويلفت ليمور إلى نقطة بالغة الأهمية تتمثل في أن التصعيد الأخير واستهداف مواقع الجيش السوري، لم يغير القناعة المتجذرة لدى دوائر صنع القرار السياسي ومحافل التقدير الاستراتيجي في إسرائيل، والمتمثلة في ضرورة تصميم الجهد الحربي ضد سورية، بحيث لا يؤدي إلى إضعاف نظام بشار الأسد وتعزيز قوة المعارضة ومكانتها السياسية.

وفي السياق نفسه، يشير القائد السابق لسلاح الهندسة الميدانية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عتي شيلح، إلى أن أهم العوائق "الأرضية" القادرة على مواجهة عمليات التسلل تتمثل في حقول الألغام. وقال، في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، إن الجميع يرى أن التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل مستقبلاً يتمثل في التصدي لتبعات سيطرة "الجهاديين" على هضبة الجولان.

من جهته، يوضح المعلق بن كاسبيت، في مقال نشره موقع "ذي بوست"، أن الاستراتيجية الإسرائيلية الدفاعية الجديدة تعتمد عنصر "الدفاع النشط"، والقائم على المبادرة إلى مهاجمة أي طرف في سورية بمجرد حصول تل أبيب على معلومات استخبارية تفيد بتخطيط هذا الطرف لشنّ عملية ضدّ الأهداف الإسرائيلية.

أما كبير المعلقين في "معاريف"، أمنون لورد، فاعتبر أن الخطوة التي يتوجب على إسرائيل المبادرة لها تتمثل في تدشين حزام أمني في قلب الأراضي السورية بغرض نقل المواجهة إلى قلب سورية، بدلاً من "المخاطرة" بمواجهة تبعات صعود "الجهاديين".

ونوّه لورد إلى أن فرص نجاح استراتيجية الردع في مواجهة "الحركات الجهادية" تؤول إلى الصفر، وذلك بخلاف النظام السوري، مما يستدعي تواجداً عسكرياً في قلب الأراضي السورية.

وكان رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، قد كشف في مارس/آذار 2013 النقاب عن أن إسرائيل بحثت مع كلّ من الأردن والولايات المتحدة فكرة إقامة منطقة عازلة في الجولان السوري. وحسب بن، فإن هذه الفكرة قامت على أن يحرص الأردن على أن ترابط مجموعات سورية "معتدلة" ترتبط بعلاقة بوثيقة بالأردن في المناطق المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة. وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحث الاقتراح مع الملك الأردني عبد الله الثاني في أربعة لقاءات سرية جرت بينهما في عمان، في الفترة الممتدة بين ديسمبر/كانون الأول 2012 ويناير/كانون الثاني 2013.

من جهة ثانية، أدى التصعيد الأخير على الجبهة السورية إلى تعزيز مكانة قيادة الجيش الإسرائيلي في الصراع الذي تخوضه من أجل زيادة موازنة الأمن. وحسب المعلق العسكري، أورن هيلر، فإن قيادة الجيش أصبح بإمكانها أن تطالب بالمزيد من دون أن تتوقع ممانعة كبيرة.

المساهمون