ليبيا: قانون "مكافحة الإرهاب" بلا مخالب

ليبيا: قانون "مكافحة الإرهاب" بلا مخالب

20 سبتمبر 2014
لا يملك المجلس القوة اللازمة لتطبيق القانون (تونسر سيتنكايا/الأناضول)
+ الخط -

يسعى مجلس النواب الليبي المنعقد في مدينة طبرق، شرقي البلاد، إلى شرعنة القوى التي تسعى للحدّ من نفوذ الإسلاميين. وعلى الرغم من ضعف التمثيل، فضلاً عن انعدام سلطات المجلس في غالبية المناطق الليبية، فقد أصدر الأخير قانوناً لمكافحة الإرهاب، مكوناً من ثلاثين مادة، تنوّعت بين تعريفات لـ"الإرهاب الطبيعي" و"المنظم"، إضافة إلى مواد خاصة بمصادر التمويل والعقوبات التي يجب الحكم بها بحق من يُدان بإحدى جرائم الإرهاب المنصوص عليها في القانون.

وقدّم وزير العدل في الحكومة المستقيلة، صلاح المرغني، نسخة من هذا القانون إلى "المؤتمر الوطني العام"، كمشروع قانون، لإقراره من قبل "المؤتمر" إبّان ولايته التشريعيّة، وهو الأمر الذي لم يحصل؛ نظراً لاعتقاد بعض الكتل في "المؤتمر" بعدم دقّة مصطلحات القانون وإمكانية تأويلها تبعاً للنظام السياسي القائم، إضافة إلى أن الدستور الذي يحدّد الضمانات ويفصل ما بين السلطات لم يُكتب بعد. وبدا أنّ السؤال الملح لدى هذه الكتل، مفاده: إلى أي قواعد عليا آمرة يمكن ضبط ومحاكمة قانون الإرهاب؟

يقول عضو في "المؤتمر الوطني العام"، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المؤتمر لم يكن يملك القوة التنفيذية الكفيلة بتطبيق أحكام هذا القانون، حينما تمّ تقديمه كمشروع من قبل وزير العدل".

ويوضح أنّه "خلال المرحلة الانتقالية الصعبة والمعقدة، طُرح السؤال حول إمكانيّة تطبيق هذا القانون على كلّ المجموعات المسلحة أو الأفراد؛ بسبب مطاطيّة ضوابطه، فهو عملياً غير قابل للتطبيق، من ناحية عدم سيطرة الحكومة على أذرعها الأمنية وسجونها".

في سياق متّصل، يبدي مراقبون استغرابهم من اندفاع مجلس النواب الليبي إلى تبنّي مشروع قانون المرغني، من دون دراسة الواقع السياسي والأمني الحالي؛ إذ لا يدين بالولاء للمجلس إلا عدة مدن منفصلة عن بعضها البعض في الشرق الليبي، ومجموعات مسلّحة محاصرة من قبل قوات "فجر ليبيا" في الغرب الليبي. علماً أنه ليس للمجلس أيّ سيطرة على مناطق جنوب ليبيا.

ويشير هؤلاء إلى أنّ الحكومة التي سيوافق عليها البرلمان، ستكون محصورة في إطار جغرافي صغير، في أقصى الشرق من مدينة طبرق حتى الحدود المصرية الليبيّة، ولا توجد لديها قوة كافية لتنفيذ القانون، حتّى في مناطق سيطرتها.

ويبدو أن قانون مكافحة الإرهاب الجديد يعبّر عن نيات ما يصفه مراقبون بـ"حكومة الحرب"، التي يعتزم تشكيلها رئيس الحكومة المستقيلة، عبد الله الثني، والتي توجّه كل طاقاتها وإمكانياتها المادية لاسترداد مدينة بنغازي ودرنة في الشرق الليبي، وأغلب مدن الغرب التي لا تخضع لسيطرتها.

وفي سياق تفسير إصدار المجلس للقانون في هذا التوقيت، يقول مراقبون إن الحكومة الجديدة تبحث عن غطاء قانوني للعمليات العسكريّة التي يقوم بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي، أو تلك التي يشنّها أنصاره في الغرب الليبي، كجيش قبائل ليبيا بورشفانة، وكتائب "القعقاع" و"الصواعق" و"المدني" المحاصرة بمدينة الزنتان، في الجنوب الغربي للعاصمة طرابلس.

واللافت أن نصوص قانون مكافحة الإرهاب قد خلت من عقوبة الإعدام، ويمكن تفسير ذلك بالخلفيّة الحقوقيّة لوزير العدل صلاح المرغني، وتماشياً مع النظرة العالمية لحقوق الإنسان، التي ساهمت في إلغاء عقوبة الإعدام في كثير من دول العالم لتعارضها مع حق الحياة، بصرف النظر عن الجرم المرتكب.

وتعاقب نصوص قانون الجرائم، التي تستهدف مؤسّسة الجيش التابع لوزارة الدفاع ورئاسة الأركان، وجهاز الشرطة التابع لوزارة الداخلية، بالنظر إلى أنّ هذه العقوبات تمثل مطالب شعبيّة، مع الاعتماد على مبدأ عدم مثول المدنيين أمام محاكم عسكريّة. وكذلك حماية البعثات الدبلوماسيّة والقنصليّة ومقار الهيئات والمنظمات الدوليّة، خصوصاً بعد حوادث اعتداء على سفارات أجنبية ودبلوماسيين في ليبيا، كان أبرزها مقتل السفير الأميركي، كريس ستيفنز، في بنغازي في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2012.

ويقطع القانون الطريق أمام أيّ إمكانيّة للتفاوض مع المجموعات أو الأفراد المتهمين بجرائم إرهابية، تعزيزاً لسلطة مجلس النواب والحكومة.

ويتوقّع مراقبون أن يكون إقرار قانون مكافحة الإرهاب، مقدّمة لخطوات أخرى قد يقدم عليها مجلس النواب، من بينها اعتبار جماعة "الإخوان المسلمين" وذراعها السياسي حزب "العدالة والبناء" جماعة إرهابيّة، للقضاء التام على أي إمكانيّة للحوار والتفاوض والدخول في معركة لا تقبل نتائجها القسمة على اثنين: إما النصر أو الهزيمة.

المساهمون