يمن الفوضى

يمن الفوضى

17 نوفمبر 2014
انتشار السوق السوداء في اليمن(وكالة الاناضول/getty)
+ الخط -
أصبح اليمن عبارة عن سوق سوداء بحجم الوطن. سوق تقتات من أزمات الناس، لتبيع الوقود ومياه الشرب والأدوية والسلاح والشهادات الجامعية. لا بل أصبح اختفاء السلع من السوق الرسمية، كمؤشر دائم على تدعيم السوق السوداء. 
مثلاً، خلال العامين الماضيين تحول "شارع خولان" إلى أشهر الأسواق السوداء داخل العاصمة اليمنية صنعاء. حيث ازدهرت هذه السوق نتيجة أزمة الوقود التي استمرت عاماً كاملاً. كيف؟ في هذه السوق توفر الوقود بكميات كبيرة، في الوقت الذي انعدم وجود هذه المادة في محطات البيع الرسمية. وفي هذا الشارع بيعت المشتقات النفطية بسعر مضاعف أربع مرات عن السعر الرسمي.

انتشار السوق السوداء
وقبيل إجازة عيد الأضحى الماضي، تبخر الغاز المنزلي في صنعاء واختفت أسطوانات الغاز من منافذ البيع الرسمية. حينها بلغ سعر الأسطوانة 2500 ريال في السوق السوداء، وبزيادة 108% عن السعر الرسمي.
كذا، اختفت أنواع محددة من السجائر من أسواق صنعاء خلال الشهرين الماضيين، وظهرت سوق سوداء لبيع هذه السجائر بزيادة 100% عن السعر الرسمي.
ظاهرة اختفاء السلع من السوق لم تقتصر على المواد العادية، بل اتسعت لتهدد حياة الناس بشكل مباشر. إذ تشهد اليمن حالياً اختفاء الأدوية لتباع بأسعار مضاعفة في السوق السوداء. وتشمل لائحة الأدوية المختفية مختلف أنواع اللقاحات، منها لقاحات الإنفلونزا ولقاح التهاب الكبد الوبائي ودواء سرطان عنق الرحم، وأدوية الفشل الكلوي والسكري والصرع والتهاب الأعصاب.
وتزدهر ظاهرة الأسواق السوداء في مجالات أخرى منها مياه الشرب. حيث شهدت صنعاء أيضاً/ خلال فترات متفاوتة من عام 2014، أزمات في توافر مياه الشرب التي تباع من خلال محطات تحلية محلية. هذه المحطات لم تعد قادرة على أداء أعمالها نتيجة أزمة الوقود، فظهرت سوق سوداء لبيع المياه وبزيادة في الأسعار بلغت 300% عن السعر الرسمي.
ظواهر اختفاء السلع لتظهر بكثافة في السوق السوداء، لها أسبابها طبعاً، منها الفوضى، الفساد وغياب الأجهزة الرقابية.
أيضاً، ينظر اليمنيون إلى السلاح باعتباره جزءا من الهوية ويقولون إنه "زينة الرجال". وتشير تقديرات غير رسمية إلى وجود 60 مليون قطعة سلاح في اليمن. وتوضح حملة أمنية حكومية لمنع حمل وحيازة السلاح، حجم المشكلة وانتشارها، فقد ضبطت الأجهزة الأمنية أكثر من مليون و300 ألف قطعة سلاح في حملة نفذتها خلال عام 2013.
وتنتشر تجارة السلاح في اليمن من خلال عدد من الأسواق السلاح، أشهرها سوق "جحانه" في محافظة صعدة شمالي البلاد، حيث إن غالبية السلاح يباع في السوق السوداء.
وأدت النزاعات المسلحة والصراعات الداخلية إلى توسع تجارة السلاح. كما أدى استيلاء جماعة الحوثي المسلحة على أسلحة الجيش اليمني إلى نشوء أسواق سوداء جديدة لتجارة السلاح، ويتم فيها بيع السلاح الخفيف بالإضافة إلى المتوسط مثل قاذفات "آر بي جي".
ومن السلاح إلى العلم. فقد عرفت العاصمة صنعاء سوقاً سوداء لبيع الشهادات الجامعية (البكالوريوس والليسانس). وأعلنت الأجهزة الأمنية اليمنية في عام 2013 عن ضبط أكبر عصابة لبيع الشهادات الجامعية.
باختصار، اليمن أصبح سوقاً سوداء لها حدود معترف بها دولياً.

المساهمون