نظام بشار يموّل نفسه من الهاربين من بطشه

نظام بشار يموّل نفسه من الهاربين من بطشه

03 نوفمبر 2014
مهاجر من سوريا يحمل سيدة مسنة (بولينت كيليك/فرانس برس)
+ الخط -
تدل أربعة مؤشرات، على مدى أهمية تهجير السوريين لتأمين الإيرادات التي دعّمت النظام السوري طول السنوات ‏الماضية. ايرادات ساهمت كذلك في التخفيف من حدة الاحتقان الاجتماعي قبل اندلاع الثورة. لتصبح بعد تمدد القصف ‏النظامي، آلية ليؤمن النظام سعر الرصاص الذي يضرب به من بقي ضمن الأراضي السورية، من خلال نهب علني للأسر الأقل دخلاً من السوريين، في مشاركة قسرية لهم ‏في أموالهم، واقتطاع مبالغ مما يتبقى لهم من فتات.‏

المؤشرات الأربعة هي:‏
‏1-‏ تجاوز حجم التحويلات النقدية إلى سورية في عامي 2004-2005 والمقدرة بنحو 900 مليون دولار، صافي ‏حصيلة النقد الأجنبي من الصادرات النفطية السورية والمقدرة بحوالي 700 مليون دولار. وذلك بحسب تقرير ‏صادر عن هيئة تخطيط الدولة في سورية.

‏2-‏ بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، فاق حجم التحويلات النقدية إلى سورية حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في ‏البلاد خلال فترة 2000-2006 بحوالي أربعة أضعاف.‏

‏3- ‏ قبل اندلاع الثورة السورية مباشرة، بلغت قيمة تحويلات السوريين العاملين في الخارج في العام 2010، بحسب ‏بيانات البنك الدولي 1.4 مليار دولار.

‏4-‏ تقول تقديرات المصرف المركزي السوري إن قيمة التحويلات المالية خلال الأشهر الماضية وصلت إلى نحو 7 ‏ملايين دولار يومياً، أي 2.52 مليار دولار سنوياً.‏

إذ لطالما استفاد الاقتصاد السوري من التحويلات النقدية التي يرسلها السوريون من الخارج. كان ذلك قبل اندلاع الثورة، ‏حيث شهدت سورية نسبة مرتفعة من الهجرة الخارجية. وترتب على ذلك حجم كبير من التحويلات النقدية. واستمر الأمر ‏بعد الثورة، حيث ارتفعت أعداد السوريين النازحين إلى الخارج، وتدهورت أوضاع المقيمين في الداخل، مما استدعى تزايد ‏الاعتماد لدى البعض على التحويلات النقدية من الأهل والأصدقاء.‏ إلى أن أصبحت شركات الصرافة حالياً، وبأمر من المصرف المركزي، تتسلم التحويلات بالنقد الأجنبي، فتدفعها الى مستحقيها بالليرة، وبسعر صرف متدن جداً. ليرتفع حجم الاقتطاع لصالح النظام، وليؤمن الأخير جزءاً من مخزون النقد الأجنبي.
يؤكد الباحث الاقتصادي معن الراعي في حديث مع "العربي الجديد" على أهمية التحويلات النقدية للنظام السوري. ويعتبر ‏أنها كانت دوماً "تضعه أمام معادلة رابحة، وتتمثل في أن يجعل الحياة جحيماً لا يحتمل بالنسبة للسوريين على المستوى ‏الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ما يدفعهم للهجرة بحثاً عن حياة أفضل، ومن ثم يباشرون بإرسال التحويلات النقدية ‏لأسرهم لتشكل عوناً للنظام، على أكثر من مستوى".
ويشرح الراعي كيف استفاد النظام السوري من التحويلات، إذ "كانت تشكل مصدراً رئيسياً ‏للحصول على النقد الأجنبي، ولتحسين أداء الاقتصاد الكلي وأداء ميزان المدفوعات، بل ساهمت في رفع مرتبة سورية في التنمية البشرية".‏
يسخر سامر (44 عاماً)، وهو مهندس سوري يعمل في السعودية، من أقول النظام ‏بأن التحويلات النقدية تذهب للاستثمار الصناعي. ويقول: "غالبية الحوالات النقدية تذهب لمساعدة أسرنا". ويضيف: "من يريد شراء ارض يبحث عن طريقة غير نظامية لتحويل أمواله".‏
وتقدر نسبة تلك التحويلات النقدية غير النظامية قبل اندلاع الثورة بين 70 إلى 80 % من إجمالي ‏التحويلات، بحسب الباحث الاقتصادي محمد جمال باروت. مما يعني أن حجم التحويلات الإجمالي يزيد كثيراً عن الرقم المعلن.‏
أما بعد اندلاع الثورة، فلم تجد نسبة كبيرة من السوريين مفراً من إرسال أموالها بطرق رسمية. ‏فرضخت الأخيرة لابتزاز الحكومة التي تسلم المبلغ بالليرة السورية وبسعر صرف متدن، فتحتفظ بذلك بالعملة الأجنبية.‏
تتلقى منى حوالة نقدية من أخيها المقيم في ألمانيا منذ اندلاع الثورة. وتقول منى: "أذهب إلى لبنان مطلع كل شهر ‏لتسلم الحوالة النقدية. ففي حين يبلغ سعر صرف الدولار 190 ليرة، تسلمنا ‏شركات الصرافة السورية بأمر من المصرف المركزي المبلغ المحول بسعر صرف يبلغ 163 ليرة". وتتابع "هكذا لا ‏يكتفون بسرقة العملة الأجنبية، بل يريدون تحقيق أرباح من أبنائنا وأقاربنا المهاجرين".‏

المساهمون