أصوات الطائرات "تبرك" على يوميات الغزّاويين

أصوات الطائرات "تبرك" على يوميات الغزّاويين

23 يوليو 2014
الغزاويون في حالة قلق دائم(محمد تالاتين/الأناضول/Getty)
+ الخط -

تختلفُ مشاهد الحياة والموت في قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل منذ ستة عشر يوماً. يطغى الألم على شوارعه وحاراته وأزقته. ورغم كل ما يعيشه الغزّايون يوميّاً، فإنهم لا يزالون، ينتظرون غداً أكثر أمناً وسلاماً واستقراراً.

السير في شوارع قطاع غزة مغامرة في حد ذاته. تبدو خالية. يخترق هدوءها أصوات الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع والقصف المتواصل وأصوات الانفجارات التي لا تتوقف. جميعُها تبعثُ في النفوس قلقاً كبيراً وريبة.

 الصواريخ والقذائف الإسرائيلية استهدفت آلاف البيوت الآمنة والعائلات، ما أدى إلى خلق ذعر يكاد يكون أبديّاً لدى المواطنين، وخصوصاً بعد ارتكاب 41 مجزرة استهدفت عائلات بأكملها، واستشهاد مئات المدنيين، بينهم أطفال ونساء.

نهار قطاع غزة بات يشبه ليله. يُخيّم عليه الخوف والقلق. تزداد وتيرة القصف ليلاً، بهدف بث الرعب في نفوس الناس، وإزالة أي شعور بالأمن، عدا صوت أزيز الطائرات.

ممرات مستشفيات القطاع التي أعلنت أقصى درجات الطوارئ، اكتظت بالشهداء والجرحى المقطعة أوصالهم والمحروقة أجسادهم، وسط تأكيد من الخبراء على استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دولياً، مثل "الدايم".

حالةُ التكافل الاجتماعي تزداد في أوقات الأزمات والحروب بين الفلسطينيين، يخرجون لنجدة بعضهم بعضاً في الكوارث وأوقات الخطر، إضافة إلى توفير المساعدات والمواد الغذائية والملابس للمتضررين والمشردين من مختلف مناطق النزوح. ويجتمع أهالي غزة على مدار الساعة حول الإذاعات المحلية التي يتم تشغيلها عبر أجهزة الجوال والراديو لسماع الأخبار، لعدم قدرتهم على متابعة القنوات التلفزيونية لانقطاع التيار الكهربائي.

ولا يمنع التحليق المكثف والمنخفض للطائرات الحربية اجتماع عدد من المواطنين عند مداخل الحارات والشوارع والمفترقات، معهم بعض الأطفال، رغم إدراكهم استهداف إسرائيل للتجمعات. إلا أن الملل الذي يشعرون به خلال نهار رمضان وليالي الحرب الطويلة، يدفعهم إلى ذلك.

أسواق غزة ومحالها التجارية مغلقة على مدار الساعة، وخالية من الباعة والمشترين، إلا بعض المغامرين، الذين دفعتهم الحاجة إلى الخروج لبيع بضاعتهم من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهم، إضافة إلى اضطرار بعض المواطنين إلى شراء اللوازم الأساسية التي تعينهم على تسيير أيامهم العصيبة.

ويخرج العديد من المواطنين لتزويد أصحاب المهن الخطيرة بالماء والتمر ووجبات الإفطار قبل آذان المغرب، كالصحافيين وسائقي الإسعاف ورجال الدفاع المدني، تقديراً منهم على دورهم المهم في نقل الحقيقة والمساهمة في إنقاذ حياة الناس، رغم الخطر المحدق بهم.

آلاف المواطنين كانوا يستغلون الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان لبيع بضاعتهم الموسمية، لكن استمرار العدوان الإسرائيلي حرمهم من ذلك، وأثر بشكل كبير على الحالة التجارية والاقتصادية في غزة.

أجواء الحرب اجتاحت أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي التي غرقت في صور المجازر والضحايا، وفيديوهات توثّق قصف البيوت، إضافة إلى عبارات الدعم والصبر. وكتب بعض الناشطين الغزاويين وصاياهم على صفحاتهم الخاصة. أوصى أحدهم أصدقاءه بمسامحته لأنه "بات لا يضمن حياته وحياة عائلته بسبب القصف الشديد والقريب"، فيما أوصى آخر "بعدم تصوير جثته المقطعة في حال صار شهيداً".