العراق: استمرار المعارك و"البنتاغون" يؤكد وجود عناصر إيرانية محدودة

العراق: استمرار المعارك و"البنتاغون" يؤكد وجود عناصر إيرانية محدودة

20 يونيو 2014
قُتل أول فوج من المتطوعين اليوم الجمعة (الأناضول/Getty)
+ الخط -

يستمر التدهور الأمني والسياسي في العراق، فيما دعا المرجع الشيعي، علي السيستاني، العراقيين "من كل الطوائف الى مواجهة الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)"، معتبراً أنه "اذا لم يتم طردها من العراق، فسيندم الجميع".

وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة للمرة الأولى أن إيران أرسلت عناصر لها الى العراق. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، يوم الجمعة، أن إيران أرسلت "عدداً محدوداً من العناصر" إلى العراق لمساعدة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي.

وأشار المتحدث باسم "البنتاغون"، الأميرال جون كيربي، إلى وجود "عناصر ثورية إيرانية" في العراق، في إشارة على الأرجح إلى فيلق القدس.

ورفض كيربي توصيف الوجود الإيراني في العراق، مكتفياً بالقول إن لدى واشنطن "مؤشرات مفادها أن هناك على الأقل بضعة عناصر في العراق". وتدارك "لكنني لم اطلع على معلومات حول قوات برية او وحدات كبيرة".

في المقابل، رأى مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يفتقد إلى "إرادة جدية" لمحاربة الارهاب، حسبما نقل عنه التلفزيون الرسمي الجمعة.

وجاءت تصريحات المسؤول الإيراني رداً على دعوة الرئيس الأميركي، أمس الخميس، لإيران الى توجيه رسالة الى كل الطوائف العراقية. وقال اللهيان: "اليوم، وبدلاً من مكافحة الارهاب وتعزيز الوحدة الوطنية في العراق، والحكومة ومؤسسات الدولة، تقوم الولايات المتحدة بتعزيز الطائفية"، معتبراً أن "تأخير مكافحة "الدولة الاسلامية في العراق والشام" في العراق ووضع شروط لمكافحتها يعزز الشكوك في أهداف الولايات المتحدة في المنطقة".

وترافقت هذه التصريحات مع تطورات شهدها الوضع الحدودي بين العراق وسورية، بعد انسحاب آخر الأفواج العسكرية العراقية من الحدود، لتُصبح المنطقة بين البوكمال السورية والقائم العراقية، مفتوحة للجميع، ومن دون عوائق، بينما تواصلت المعارك بين الجيش العراقي والمسلّحين، في مناطق عدّة من البلاد، ويدور أعنفها في مطار تلعفر ومحيطه، وفي قاعدة سبايدر العسكرية.

وسيطرت الفصائل المسلحة على مدينة القائم وجميع القرى الحدودية التابعة لها، فضلاً عن سيطرتها على دائرة الجمارك العراقية الغربية قرب الحدود السورية، فيما سقط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش ومسلحين مساندين له في كمين نصبتهم لهم فصائل مسلحة معارضة في شمال تكريت.

وكان الزعيم القبلي في مدينة القائم، غرب الأنبار، الشيخ فرج المحلاوي، قد أفاد "العربي الجديد"، أن "معارك عنيفة شهدتها مناطق وادي الأبيض ومكر الذيب والنقطة صفر على الحدود، مساء أمس الخميس، انتهت بالسيطرة على نقطة دخول الفرات الى العراق، من جهة سورية وحتى معبر القائم الحدودي، الذي سيطر عليه المسلّحون، مساء الأربعاء".

ولفت الى أن "المسلحين أزالوا حواجز اسمنتية وأسلاكاً شائكة على الحدود، والتقينا للمرة الأولى بأقاربنا من عشيرة العكيدات السورية بلا قيود". واعتبر أن "العراق وسورية يمثلان أزمة واحدة، ونعتقد بأن حلّ لأي من الطرفين، سيكون جيداً للطرف الآخر".

وأكد أن "الجيش الذي كان يتواجد على الشريط الحدودي في تلك المنطقة، انسحب الى الصحراء الجنوبية المؤدية الى محافظة كربلاء، تاركاً خلفه معدّات وأسلحة مختلفة وسيارات رباعية الدفع تستخدم للمراقبة".

وفي مدينة تلعفر، أفاد مصدر أمني في وزارة الداخلية العراقية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، بأن "الجماعات المسلّحة تمكنت من السيطرة على أجزاء بسيطة من مطار تلعفر، بعد معارك مع قوات الجيش". وأضاف أن "الجماعات الارهابية هاجمت المطار بوابل من الصواريخ والقذائف، قبل أن تتمكن من اقتحام البوابة الرئيسية والسيطرة على مبنى ومخزن داخل المطار والتحصن فيه". وشدّد على أن "قوات الجيش لا تزال موجودة في الجزء الأكبر من المطار، وتسعى لاستعادة السيطرة على جميع أجزائه".


في السياق، استغلت الجماعات المسلحة تدنّي مستوى الرؤية بسبب العواصف الترابية، لتشنّ هجوماً على قاعدة عسكرية في منطقة جرف الصخر، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً شمال محافظة بابل، بعد ساعات من دخول المئات المتطوعين الجدد إليها، ما أسفر عن مقتل 12 عسكرياً عراقياً، بينهم ثمانية متطوعين جدد، وجرح 17 آخرين، وفقاً لما أفاد به مصدر أمني بشرطة محافظة بابل، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد".

وقال المصدر إن "قاعدة سبايدر التابعة للجيش، وهي إحدى القواعد الأميركية السابقة، وينظم الجيش العراقي من خلالها عمليات الانتشار في مناطق شمال بابل وجنوب بغداد، تعرّضت لهجوم من قبل عشرات المسلحين ودارت معارك عنيفة في محيطها استمرت ساعات عدة، من صباح اليوم الجمعة، وفشل خلالها المسلحون في الدخول ما اضطرهم الى الانسحاب".

وفي بيجي، قصفت مروحيات عسكرية المنطقة المحيطة بالمصفاة، والتي تضم أحياء سكنية حكومية خاصة بموظفي المصفاة، ما أسفر عن مقتل 5 مدنيين وجرح 20 آخرين، جميعهم من المدنيين أيضاً، مضيفاً أن القصف جاء بعد هدوء عام ساد المنطقة عقب الهدنة التي عقدت بين المسلحين الذين يفرضون سيطرتهم على اجزاء واسعة من المصفى وبين قوات الجيش.

وفي بغداد، سيطرت الجماعات المسلحة على قاعدة النقل والتموين التابعة للجيش، في منطقة سبع البور، شمال بغداد، والتي كانت تستخدم سابقاً كمنشأة للتصنيع العسكري العراقي قبل احتلال البلاد. وأوضح أحد العناصر البارزة في "المجلس العسكري لعشائر العراق"، الشيخ جمعة الحمامي، لـ"العربي الجديد"، أن "القاعدة تضم أسلحة ومعدات مختلفة تابعة للجيش الحالي تم الاستيلاء عليها".

في هذه الأثناء، لم تكن خطبة الجمعة عادية للأسبوع الثاني على التوالي، لدى المرجع الشيعي، علي السيستاني، الذي دعا "العراقيين من كل الطوائف، الى مقاتلة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)"، معتبراً انه "اذا لم يتم طرد هذه الجماعة الجهادية المتطرفة، من العراق فسيندم الجميع غداً".

واستجابة للدعوات التي أطلقها السيستاني، أعلنت العشائر الشيعية في المناطق الشمالية ببغداد، عن البدء بالتسلح لصد أي هجمات محتملة، من قبل الفصائل المسحلة، التي نجحت في السيطرة على عدد من المناطق.

من جهته، كشف عضو لجنة "المصالحة الوطنية" في مجلس الوزراء العراقي، حميد الشوكاني، عن بدء الحكومة ببرنامج "تطويع مقاتلين سنّة مع قوات الجيش، يعملون ضمن مناطق سكنهم".
وأشار في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن "لجنة المصالحة الوطنية ووزارة الداخلية باشرت باتصالات مع زعماء قبليين سنّة ما زالوا يلتزمون الحياد في الصراع الدائر، لكنهم لم يبلغونا بأي ردّ حتى الآن منذ يوم الأربعاء، لا بالموافقة ولا بالرفض".

في هذه الأثناء، وجهت رئاسة حكومة إقليم كردستان، عبر بيان رسمي، نداءً إلى مراجع الدين الشيعة، اليوم الجمعة، لوقف تهديدات وهجمات تنظيم "عصائب أهل الحق" ضد الأكراد.
وأشار البيان، إلى أن زعيم تنظيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، بدأ بإطلاق تصريحات تدعو إلى الحقد والكراهية، وتهدد الأكراد. وأوضح البيان أن الخزعلي يقوم بتحريض عناصر التنظيم، لشن هجمات على الأكراد، الذين يعيشون في بغداد، والمناطق الأخرى من العراق.
وطالب البيان المراجع، وعلماء الدين، والسياسيين الشيعة، في الجنوب العراقي لوقف "هذه التهديدات وأصوات النشاز، الذين يحاولون خلق الفتنة، ومنع إرادة العيش المشترك".

المساهمون