الجزائر: الجيش لن يشارك بمرحلة انتقالية.. والاستخبارات تستعيد صلاحياتها

الجزائر: الجيش لن يشارك بمرحلة انتقالية.. والاستخبارات تستعيد صلاحياتها

25 يونيو 2014
الجيش يطالب بإبعاده عن السياسة (وكالة الأنباء الجزائرية)
+ الخط -

رفضت قيادة الجيش الجزائري، أمس الثلاثاء، المطالبات التي تلقتها من قوى وشخصيات سياسية، بالمشاركة في قيادة "مرحلة انتقالية"، واكتفت بإعلان التزام الجيش الحياد، ودعت إلى إبعاد العسكر عن أي مبادرات تتصل بالشأن السياسي. أما الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فقد أعاد تشكيل "هيئة التحقيق القضائي" الخاصة بجهاز الاستخبارات، بعد جدل سياسي ساخن، وأنهى بذلك حقبة رأى فيها البعض توتراً في العلاقة بين الرئيس والجهاز الأمني الأقوى في البلاد.

وقال نائب قائد أركان الجيش، اللواء أحمد قائد صالح، خلال حفل تخرج دفعات عسكرية في الأكاديمية العسكرية بولاية تيبازة، إن المؤسسة العسكرية "تطالب الأحزاب والتنظيمات السياسية بعدم إقحام الجيش في الحسابات السياسية".

وأضاف قايد صالح، الذي يشغل، أيضاً منصب نائب وزير الدفاع، أن "الجيش يدعو الجميع إلى عدم صرفه عن أداء مهامه الدستورية المتصلة بحماية البلاد"، موضحاً أن "الجيش حريص على النأي بنفسه عن كافة الحسابات والحساسيات السياسية، وسيظل حامياً للجمهورية طبقاً لمهامه الدستورية ولتوجيهات الرئيس".

وكان نشطاء سياسيون، فضلاً عن 11 حزباً سياسياً، قد طالبوا بمرحلة انتقالية في البلاد، يشارك فيها الجيش، ويضمن خلالها الممارسة الديمقراطية. ومن بين المطالبين، رئيس الحكومة الأسبق، مولود حمروش، و"تنسيقية التغيير والانتقال الديمقراطي"، وذلك خلال مؤتمر للمعارضة عقد قبل أسبوعين.

بوتفليقة يتجاوز الخلافات مع الاستخبارات

على صعيد آخر، أعاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تشكيل "هيئة التحقيق القضائي" الخاصة بجهاز الاستخبارات، بعد جدل سياسي ساخن منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أقدم على حلّ "هيئة الضبطية القضائية"، ما يوحي بتجاوزه لخلافاته مع قادة الاستخبارات.

ووقع بوتفليقة، على مرسوم رئاسي حدد بموجبه صلاحيات "هيئة الأمن الداخلي" و"مصلحة التحقيق القضائي" التابعة لجهاز الاستخبارات.

وتشمل مهام الجهاز حصراً أربع مهام هي: حماية أمن الإقليم ومتابعة قضايا الإرهاب، ومكافحة التخريب وملاحقة الجريمة المنظمة، والوقاية من أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي وقمعه، ومكافحة الأنشطة المتصلة بالمنظمات الإجرامية الدولية التي تستهدف المساس بالأمن الوطني، أو تلك المخاطر المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة.

وألزم المرسوم الرئاسي ضباط الاستخبارات المكلفين بالتحقيق في القضايا، بإحالة ملفات التحقيق إلى العدالة المدنية، إذ يمنع القانون الجزائري محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

استبعاد من الشأن السياسي
 

واللافت في المرسوم الرئاسي، إبعاد القضايا المتعلقة بالفساد المالي والاقتصادي والسياسي عن دائرة صلاحيات جهاز الاستخبارات، ومنعه من أي تدخل في متابعة والتحقيق في قضايا تخص مراقبة الأحزاب والجمعيات والصحافة والنشر وغيرها.

وتأتي عملية إعادة تشكيل "هيئة التحقيق القضائي"، بعد جدل سياسي وإعلامي كبير، عقب قرارات غير مسبوقة اتخذها بوتفليقة، أوحت بأنها تجرد جهاز الاستخبارات من صلاحيات عدة تتصل بالتحقيقات القضائية، على خلفية اقدام الجهاز على التحقيق في قضايا فساد شملت مقربين من الرئيس، بينهم وزير الطاقة السابق شكيب خليل، فيما عرف بقضية شركة النفط الحكومية "سوناطراك 1 و2".

ويفسّر البعض إعادة تشكيل "هيئة التحقيق القضائي"، بأنه إنهاء لفترة الخلافات الحادة بين بوتفليقة وقائد جهاز الاستخبارات الجنرال محمد مدين (المعروف باسم الجنرال توفيق)، التي سادت قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرت في 17 أبريل/نيسان الماضي، عقب قرارات اعادة هيكلة الجهاز التي أقرها بوتفليقة، وتنحية بعض قادته، وحل بعض الهيئات التابعة للجهاز، كهيئة الاتصال والتوثيق التي كانت مكلفة بمراقبة الصحافة. لكن مع الخطوة الجديدة، يكون بوتفليقة قد أعاد بعض الصلاحيات إلى مدير جهاز الاستخبارات.

وتمنح المادة 11 من المرسوم الرئاسي الجديد، مدير جهاز الاستعلام والأمن الجنرال توفيق، الصلاحيات الكاملة في كيفية تنظيم "مصلحة التحقيق القضائي" وتحديد تشكيلاتها. 

جدل وتساؤلات 

وخلال الفترة الأخيرة، أثير نقاش سياسي كبير في الجزائر، حول دور جهاز الاستخبارات في الحياة السياسية، وفي مراقبة المؤسسات والهيئات الرسمية، خصوصاً عقب تصريحات ساخنة أطلقها الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم، عمار سعداني، والمقرب من بوتفليقة، قال فيها إن "جهاز الاستخبارات مهامه مكافحة الإرهاب وحماية البلاد وليس مراقبة الأحزاب والصحافة والبرلمان". وطالب "بإبعاد الاستخبارات عن التدخل في الشأن السياسي وبتكريس الدولة المدنية".

وفُهمت هذه التصريحات على أنها تندرج في خانة الحرب غير المعلنة بين رئاسة الجمهورية وجهاز الاستخبارات، خصوصاً بعدما تردد أن الجهاز يعارض فكرة ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة. لكن الرئيس تدخل في 19 مارس/آذار الماضي لوقف هذا الجدل، وأعلن أنه لا توجد أي حرب بين الرئاسة والاستخبارات، وأن الجهاز هيئة من مؤسسات الدولة.

المساهمون