تطابق موقفي الرياض والدوحة حول العراق... والإمارات تستدرك برودها

تطابق موقفي الرياض والدوحة حول العراق... والإمارات تستدرك برودها

20 يونيو 2014
على هامش مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي (فرانس برس)
+ الخط -
التقت السعودية وقطر في موقفٍ بدا متطابقاً إلى حد كبير، بشأن مستجدات المشهد العراقي، الأسبوع الجاري، وذلك في التشديد على أن نهج حكومة بغداد، برئاسة نوري المالكي، تجاه العراقيين السنة، هو من أهم أسباب مخاطر التقسيم والاحتراب الأهلي التي تلوح في العراق. وإذا كان البلدان قد ابتعدا عن التأشير صراحة إلى هذه الفئة العريضة من العراقيين، إلا أن مؤدى ما صدر عنهما من تصريحات لا يخفي ذلك، مع موازاته برفض الإرهاب "بكل صوره وأشكاله". وقد ذهبت الرياض إلى حد التحذير من "حرب أهلية" في العراق. وبموازاة ذلك، لوحظ أن موقف الإمارات انتقل من البرود الذي تبدّى في مكالمة هاتفية، بادر إليها وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، مع نظيره العراقي، هوشيار زيباري، إلى استدعاء سفيرها من بغداد للتشاور، بل تجاوزت النبرة السعودية في التعبير عن قلقها من "استمرار السياسات الاقصائية والطائفية" في العراق. 

وكانت الدوحة قد رأت، في كلمة وزير الخارجية، خالد العطية، أن ما يحصل في العراق، يعود إلى جملة عوامل تراكمت، "أبرزها انتهاج السياسات الفئوية الضيقة، واعتماد التهميش والإقصاء، وتجاهل الاعتصامات السلمية، وتفريقها بالقوة واستخدام العنف تجاهها ووصف المعارضين بالإرهابيين". واعتبرت قطر ذلك ما "ساهم في تعميق الانقسام وزيادة الشرخ بين مكونات الشعب العراقي الشقيق، وزيادة الشعور بالاضطهاد لدى فئات واسعة من العراقيين". ودعا العطية، في كلمته في اجتماع مجموعة الـ77 والصين في بوليفيا، مطلع الأسبوع الجاري، إلى ضرورة الالتفات إلى مطالب قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، "لا تنشد سوى المساواة والمشاركة، بعيداً عن كل أشكال التمييز الطائفي أو المذهبي". كما طالب بـ"تغليب لغة الحكمة والعقل والحوار في التعامل مع الأزمة الراهنة، للحفاظ على وحدة العراق، أرضاً وشعباً ومؤسسات".
 

ثم عاد العطية ليشدد على الأمر نفسه، في كلمته في مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، أمس الأربعاء في جدة، وقال إن "الحفاظ على وحدة العراق، أرضاً وشعباً، يستدعي تجنب سياسة الإقصاء والتهميش، وما من شأنه تعميق الانقسام بين أبناء البلد الواحد". ولفت إلى أن بلاده، إذ تدين الإرهاب بأشكاله كافة، أياً كان مصدره، فإنها "تؤكد أن تجاهل هذه الحقائق سيفاقم الأزمة، ويوجد حاضنةً شعبية للتطرف والعنف، ويسمح للأطراف الخارجية للتدخل في شؤون العراق". ودعا، من أجل الخروج من الوضع الراهن وتجنيب العراق الخطر المحدق به، الأطراف كافة في العراق، إلى تغليب لغة الحكمة والعقل، واعتماد الحوار "للتوصل إلى حلول حقيقية ونهائية للمشكلات القائمة".

وتطابق موقفا الدوحة والرياض، إلى حد بعيد، واتهمت الرياض الحكومة العراقية، الثلاثاء، بالمسؤولية عما يحدث في بلادها، بعد أن حملَت، في تصريحات سابقة متواترة، على السعودية وقطر، بدعوى أنهما تدعمان "الإرهاب" في العراق، الأمر الذي اعتبره وزير الخارجية السعودية، سعود الفيصل، "مدعاة للسخرية".

وفي إحالة إلى طهران، رفضت السعودية التدخل الخارجي في شؤون العراق الداخلية، وطالبت بالإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني في العراق، والذي قالت إنه يواجه خطر مجموعات متطرفة، تسيطر على أجزاء واسعة من أراضيه. ودعا مجلس الوزراء السعودي، إلى "اتخاذ إجراءاتٍ تكفل المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب في السلطة، والمسؤوليات في تسيير شؤون الدولة، وإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة". وفي لغةٍ أكثر وضوحاً، ويمكن اعتبارها الأكثر صراحة، خليجياً وعربياً، جاء مثيراً تحذير سعود الفيصل، من "حرب أهلية" في العراق، "لا يمكن التكهن باتجاهاتها وانعكاساتها على المنطقة"، في جدة، حين اتهم ضمناً، الحكومة العراقية، "باعتماد أسلوب طائفي، وممارسة الإقصاء".

وإذ يلتقي الموقفان، السعودي والقطري، في التأشير إلى رفض التطرف والإرهاب، مع التأكيد، في الوقت نفسه، على مشاركة جميع مكونات الشعب العراقي في السلطة والإدارة والحكم، من دون إقصاء وتهميش،بدت الإمارات، غداة "سقوط" الموصل بأيدي المسلحين المناوئين لحكومة نوري المالكي، أقل حماساً من الرياض، في التأكيد على رفض الإقصاء والتهميش، بل انفردت من بين دول الخليج، باتصالٍ مع الحكومة في بغداد، المحسوبة في موقع المعادي للرياض، وذلك في مكالمةٍ هاتفيةٍ أجراها وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، مع نظيره العراقي، هوشيار زيباري. ومع التأكيد على حفظ سلامة العراق ووحدته الوطنية، استرسل الوزير الإماراتي في "الرفض المبدئي للإرهاب بكل صوره وأشكاله"، واستنكار "كل ما يتعرض له الآمنون في الموصل، وما ترتكبه العناصر الإرهابية من ترويع للمدنيين، وتدمير الممتلكات". وتوضح هذه التعبيرات، وكذا الاتصال الهاتفي نفسه، بعد المسافة بين موقفي السعودية والإمارات من هذه التطورات، فيما المسافة بين الدوحة والرياض أقرب، الأمر الذي استدركته أبوظبي، لاحقاً، باستدعائها سفيرها في بغداد للتشاور، وإصدارها بياناً يجوز حسبانه الأشد لغةً، تجاه حكومة المالكي، ويوازي اللهجة السعودية. بيان جاء فيه أن وزارة الخارجية تعرب عن بالغ قلقها من استمرار "السياسات الإقصائية والطائفية والمهمشة لمكونات أساسية من الشعب العراقي"، وترى أن هذا النهج يسهم في تأجيج الأوضاع، ويكرس مساراً سياسياً يعزز من الاحتقان السياسي والنزيف الأمني على الساحة العراقية".

أما البحرين، فقد عمدت إلى التذكير بفكرة الاتحاد الخليجي التي كان قد طرحها العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي لا تبدو أي إمكانية لبحثها، ودرس طرق تنفيذها. وشدد رئيس الوزراء، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، على "تنسيق وتحرك خليجي على أعلى المستويات، لبلورة موقف موحد تجاه التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة". ودعا، في استقباله سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، الثلاثاء، "في خضم تسارع هذه الأحداث، وما تحمله من نذر خطر"، إلى خطوات تنفيذية، متقدمة، باتجاه تحقيق "الاتحاد الخليجي"، وقال "على دول الخليج أن تكون أكثر حذراً، وأن تكون سياساتنا تجاه مختلف القضايا جماعية، لا فردية".

بدوره، أكد مجلس الوزراء الكويتي حرصه على دعم الأمن والاستقرار في العراق، والحفاظ على وحدة أراضيه. وأعرب، في بيان، عقب اجتماعه الأسبوعي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، عن ثقته في "قدرة الشعب العراقي على تجاوز المحنة التي يمر بها، بما يجسد وحدته الوطنية، ويكرس أمن العراق واستقراره".

المساهمون