المالكي يقيل قيادات أمنيّة... والفصائل المسلحة تتقدّم

المالكي يقيل قيادات أمنيّة... والفصائل المسلحة تتقدّم

17 يونيو 2014
أناشيد للتحشيد الطائفي في أسواق العراق (علي السعدي/فرانس برس/getty)
+ الخط -

تسارعت الأحداث السياسية والعسكرية في العراق خلال الساعات الماضية، إذ أعلن المجلس العسكري لعشائر العراق عن تمكنه من إحراز تقدم كبير في عدد من المدن العراقية، إضافة إلى السيطرة على معبر القائم الحدودي بين العراق وسورية، والطريق البديل للقوافل العراقية المتجه إلى دمشق، والمعروف باسم طريق النخيب ــ كربلاء، فيما كشف مصدر أمني عراقي عن العثور على 25 جثة لجنود في مقبرة جماعية داخل محطة للقطارات في مدينة بلد جنوب تكريت.

وبدا الارتباك والتخبط واضحين على حكومة نوري المالكي نتيجة الهزيمة الميدانية، وهو ما انعكس في قرارها بإعفاء عدد من الضباط الكبار من مناصبهم وإحالتهم إلى التحقيق، بحجة هروبهم من ساحة المعركة، بموازاة هجومها على السعودية، واتهامها بدعم الحراك المسلح ومهادنة من وصفتهم بـ"الإرهابيين"، وذلك غداة بيان للحكومة السعودية ينتقد السياسة الطائفية والإقصائية لبغداد.

المالكي يقيل ضباطاً

وقال بيان بثنه قناة "العراقية" الحكومية، إن "المالكي، وهو القائد العام للقوات المسلحة أمر بإعفاء الفريق الركن مهدي الغراوي، قائد عمليات نينوى، ونائبه اللواء الركن عبد الرحمن مهدي، ورئيس أركانه العميد الركن حسن عبد الرزاق من مناصبهم واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم". كما أمر المالكي بإعفاء "العميد الركن هدايت عبد الرحيم عبد الكريم عبد الرحمن، قائد فرقة المشاة الثالثة، واتخاذ الاجراءات القانونية بحقه وإحالته إلى المحكمة العسكرية لمحاكمته غيابياً، وذلك لهروبه من ساحة المعركة إلى جهة مجهولة"، وفق ما جاء في البيان.

وأمر المالكي أن تتولى قيادة القوات البرية وبالتنسيق مع رئاسة أركان الجيش "تشكيل مجالس تحقيقية بحق الضباط والمراتب الذين هربوا من ساحة المعركة"، من دون الالتحاق بالمراكز التي حدّدتها السلطات لهم للعودة اليها. وأمر بأن تتولى قيادة القوات البرية "تشكيل مجالس تحقيقية بحق الضباط الذين تركوا مواقعهم ضمن قواطع مسؤولياتهم وانسحبوا" إلى أماكن أخرى بدون تلقي أوامر من قياداتهم. وأشار البيان إلى أن المالكي سيعفي في وقت لاحق ضباطاً آخرين من مناصبهم.

الفصائل المسلحة تتقدّم

وجاء قرار حكومة المالكي، مع التقدّم الميداني الذي أحرزته الفصائل المسلحة. وقال القيادي في المجلس العسكري لعشائر العراق "عبد الله الشمري" لـ"العربي الجديد" إن "الفصائل المسلحة نفذت اليوم عمليات نوعية دللت على ارتفاع وتطور التنسيق العسكري، فيما بينها (في الموصل)، حيث تمكنت من الاستيلاء على مدينة السعدية في محافظة ديالى، بعد اشتباكات مع الجيش والمليشيات المساندة له، كما تمكنت من السيطرة على بلدة البشير المحاذية لمحافظة كركوك من جهة ديالى، وفرضت سيطرتها عليها بعد ثلاث ساعات من المعارك مع الجيش والبشمركة الكردية". وأضاف أن الفصائل المسلحة تمركزت في السعدية والبشير، استعداداً للزحف إلى مدن أخرى في وقت لاحق.

ونفى الشمري ما ورد في بيان للحكومة العراقية قالت فيه، إن المسلحين أحرقوا الكنائس في مدينة الموصل، مؤكداً أن أحداً لم يمسّها بسوء.

وأوضح أن "الكنائس لا تقل لدينا قدسية عن المساجد، والبيان الحكومي كذب وتدليس، وندعو وسائل الإعلام للدخول إلى المدينة والتأكد من ذلك بنفسها"، مبيناً أن المحاولة تأتي لتحريض "الدول الغربية على الثورة وإلباسها غير ثوبها".

من جهته، قال مصدر في قيادة شرطة الأنبار وهو ضابط برتبة مقدم، إن "المسلّحين شنّوا هجوماً على طريق التغريبة البديل الرابط بين كربلاء ومدينة النخيب جنوبي غرب الأنبار والمؤدي إلى سورية، على طول 230 كيلومتراً، وتمكنوا من السيطرة على الجزء الواقع داخل محافظة الأنبار والاستيلاء على قاعدة للجيش بعد قصف صاروخي واشتباكات جرت حول القاعدة".

وأضاف أن "الطريق يستخدم منذ نحو ستة أشهر لنقل البضائع التجارية والمسافرين بديلاً عن طريق بغداد الفلوجة الدولي، الذي سيطر عليه المسلحون الإسلاميون والقبليون، وهدّدوا باستهداف القوافل المتجه إلى سورية من خلاله". وأشار إلى أن "ذلك وقع بالتزامن مع سقوط معبر القائم الحدودي مع سورية، وهو معبر صغير مقارنة بالمعبر الثاني، الوليد، حيث دارت اشتباكات عنيفة قرب المعبر، تمكن على إثرها المسلحون من السيطرة على المعبر بشقيه العراقي والسوري". وتولت قوات الجيش العراقي مسؤولية إدارة المنفذ، منذ منتصف العام الماضي بعد انسحاب السلطات السورية منه، بناءً على اتفاق مساعدة من الجانب العراقي بسبب تكرار القصف من قبل "الجيش الحر" و"جبهة النصرة" على هذا المعبر. وأكد مصدر "العربي الجديد"، أن "المعبر بات الآن بيد المسلحين بشكل كامل".

ويعتبر سقوط طريق تغريبة - النخيب ومعبر القائم آخر وسيلة اتصال بريّ بين بغداد ودمشق، بعد أيام من سقوط محافظة نينوى التي تضم معبر اليعربية الحدودي.

في هذه الأثناء، اتهم مجلس عشائر ديالى قوات الشرطة والجيش بإعدام 44 معتقلاً بعد هجوم للفصائل المسلحة على مركز للشرطة، يضم سجناً غرب بعقوبة.

وقال عضو المجلس حسين الكروي لـ"العربي الجديد" "دخلنا السجن بعد فرار القوات منه، ووجدنا المعتقلين أُعدموا للتو وبينهم من لم يلفظ أنفاسه بعد". وبيّن أنها "سياسة جديدة بتوجه حكومي بإعدام المعتقلين لمنع تحريرهم من قبلنا، وسنفضح المالكي دولياً بالوثائق والأدلة".

بدوره، قال المتحدث باسم محافظة ديالى باسم السامرائي لـ"العربي الجديد"، إن المحافظ أمر بفتح تحقيق فوري بعملية إعدام 44 معتقلاً رمياً بالرصاص داخل زنزانات السجن الرئيس في منطقة المفرق غرب بعقوبة. وأضاف أن "عملية الإعدام وقعت بالتزامن مع مهاجمة المسلحين لمركز الشرطة ومبنى السجن الواقع داخله. ونأمل أن نتوصل إلى نتائج حقيقية خلال الساعات المقبلة".

إلى ذلك، عثر سكان محليون على مقبرة جماعية في مدينة (بلدة) في محطة للقطارات تضم جثث 25 جندياً، بينهم ضباط بالجيش، قتلوا وتم دفنهم بشكل جماعي في حفرة واحدة.

وقال أحد السكان المحليين في المدينة لـ"العربي الجديد"، "جذبتنا الرائحة داخل المحطة ووجدنا في فنائها الخارجي حفرة عميقة، فيها جثث لأشخاص يرتدون ملابس عسكرية وبرتب مختلفة لجنود وضباط، وقد غُطوا بالتراب بشكل غير جيد". وأشار إلى أن "متطوعين من أهالي المدينة قاموا بنقل الجثث إلى دائرة البلدية للتكفل بدفنهم، أو تسليمهم للصليب الأحمر الذي يتكفل بهذا الأمر حالياً".

من جهة ثانية، هاجم رجل الدين العراقي البارز عبد الملك السعدي فتوى المرجع السيستاني، مطالباً إياه بسحب فتواه التي اعتبرها مهددة للنسيج الاجتماعي في العراق. وقال في بيان "كنَّا نأمل أن تصدر المرجعية فتوى بتحريم قتال أهل السنة في عقر دارهم، وأن يسحب المالكي قوَّاته عن ديارهم ولكن لم يحصل ذلك".

5 آلاف متطوع إيراني

إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن موقع إيراني محافظ، أن حوالى خمسة آلاف إيراني تطوعوا للدفاع عن الأماكن المقدسة الشيعية في العراق. وقال موقع "تبناكنيوز"، إن نداء التطوع وجّهته منظمة "المقر العام الشعبي للمدافعين عن المقامات الشيعية"، مشيرة إلى أنه يمكن للمتطوعين تسجيل أنفسهم على موقع "حريمشيعة دوت أورغ". وأضاف الموقع أنه "يتم تنظيم المسجلين (للتطوع) في وحدات. وفي حال أعطى المرشد الأعلى (علي خامنئي) الأمر، يتجهون إلى العراق للدفاع عن الأماكن المقدسة".

أنقرة تخلي قنصليتها في البصرة

وفي دلالة على الوضع المحرج في العراق، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو عبر حسابه على موقع "تويتر"، أن بلاده أخلت قنصليتها في مدينة البصرة في جنوب العراق، بسبب تزايد المخاطر الأمنية ونقلت موظفيها إلى الكويت. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول بوزارة الخارجية إن أعضاء القنصلية البالغ عددهم 18 فرداً، ومنهم القنصل العام يعودون إلى تركيا من الكويت، غير أنه أشار إلى عدم وجود أي خطط لإخلاء السفارة في بغداد.  

بغداد تهاجم الرياض

وبعد 24 ساعة على إصدار الحكومة السعودية بياناً اعتبرت فيه أن الأزمة العراقية سببها سياسة الإقصاء والطائفية لبغداد، ردّت الحكومة العراقية ببيان قالت فيه إنه "موقف وحيد مستغرب يصدر من مجلس الوزراء السعودي، وإننا ندين بشدة هذا الموقف الذي نعتبره ليس فقط تدخلاً في الشأن الداخلي، وإنما يدل على نوع من المهادنة للإرهاب".

 وحملت الحكومة العراقية في بيانها السعودية "مسؤولية ما تحصل عليه هذه الجماعات من دعم مادي ومعنوي، وما ينتج عن ذلك من جرائم تصل إلى حد الإبادة الجماعية وسفك دماء العراقيين وتدمير مؤسسات الدولة والآثار والمواقع التاريخية والمقدسات الإسلامية". واعتبرت أنه "على الحكومة السعودية أن تتحمل مسؤولية ما يحصل من جرائم خطرة من قبل هذه الجماعات الإرهابية، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في هذا المجال". ورأت أن "محاولة إضفاء صفة الثوار على هذه الجماعات من قبل وسائل إعلام تابعة للحكومة السعودية، تعد إساءة بالغة لكل ما هو ثوري ومحاولة لشرعنة الجرائم التي تقوم بها هذه المجموعات".

 كما دعت بغداد الحكومة السعودية إلى "ضرورة التركيز على وضعها الداخلي ومراعاة عدم التهميش والإقصاء في بلدها، فهي أحرى بهذه النصيحة من العراق الذي تدور فيه عملية ديموقراطية وانتخابات حرة شهد العالم بنزاهتها".

المساهمون