يحدث في لبنان

يحدث في لبنان

16 مارس 2016
+ الخط -
قوة لا تعرف ماهيتها، هي قوة في طريقها إلى التحلل، وفي أحسن الأحوال وأفضلها ستكون بما تقدمه مثل جند فرعون بنت العجائب، ولكن العجيبة في الحقيقة ليست إلا مقابر، عصر نلج إليه، ويقيناً لن تجد فيه رأس من امتلأ عقله فساداً ودماء حتى، وإن ادعى أنه الفئة المذكورة اسمها في الكتاب، والآيات المنزلة على أنها المنتصرة.
مهمة إسقاط حزب الله بيد صانعه أو صانع خصومه، وأجزم أنها ما كانت في يوم بيد أمثاله، ولا وهماً يظن بذلك شركاؤه في الحكومة، ولا هي من مهام من معه في المؤسسات والإدارات والنقابات ومجالس الطلاب، تجربة الوصاية التي مارسها بالغصب لم تنجب إلا الحرب التي دفعت الشباب إلى الهروب من الموت الإجباري، وصاية دفنت الطموح، وأغلقت الأمل وطمست التغيير، وعلّبت الإصلاح، وهي اليوم في صدد مصادرة المستقبل الذي يشكل مجرد التفكير به أو ذكره خطراً فعلياً على مفهوم التضحية المعتمد بالكامل على التاريخ، يقطره بتقنية عالية إلى الحاضر ممزوجاً بعصبيةٍ يستسيغها هو، ويقولبها ومن ثم يصدرها إلى العقول المتخيلة يحضهم، ويدعوهم إلى الفوز المعجل بالمؤجل وبالآخرة.
حزب الله بما تقدم حزب سلطة، حتى وإن وصل إلى الحكم بالحصر، ثم بالفرض والقوة، هو الآن عند نقطة التحول الخاطئة بنتيجة الوهم والبدايات الزائفة، وزرعه في السنين العجاف هذه سيتحول إلى عدم، ذلك أنه انشغل بتقرير مصير شعوبٍ لم تختره قدراً، ولم تدع ربها لمثله. تلهى ومن معه بجز بلاد العرب بسكين، فكان له منهم كما كان في السابق لغيره صفة، تكتكة السَاعة تبشر بتقدم الوقت، وهي على ما يشتهي أصحاب الحق لن ترحم، الشعب والأشراف منهم ملوا التبعية، خصوصاً وأن محرك الدمى بعد انكشاف يديه ينعت بالفاشل.
لا بد وأن يتوقف الأرق الذي يلف الدماغ، أو هو على الدماغ سينتصر، ذلك أن استمراره سيمنع الجديد عنه، ويبقيه في صراع مع الصرع. ساعات الانتظار التي يقضيها اللبنانيون مخيرين بين أن يسرق بلدهم، وبين أن يدفعوا ثمناً لذلك خرابه، طالت. هو بالنسبة إليهم ليس إلا مشروعا تجارياً خطط له بذكاء. ولكن، عبثاً ينبعث منه رائحة الفشل المستقبلي، على الرغم من العروض المتواصلة للحظات الانتصار التي يحققها. أما محاولة تسليم النفوس لعالم التخدير الجميل، فلن ينفعهم ذلك سوى في كيل المديح، هذواً لمهلكهم، تخدير سيغرقهم في نوع من النشوة الجنونية وعالم النسيان، بينما تأخذهم أضلاعهم وعضلاتهم إلى المنحدر الذي لن يستطيع شيء في الدنيا أن يعيدهم منه إلا أن ينهي المخدر مساره.
جنين خارج الرحم نما، ما كان في البداية يزيد في حجمه على نقطة، ففاصلة، فجملة، ففقرة، ففصلاً، ثم طفقت تعقيدات أكثر، فكان كتاب ولربما موسوعة، وهكذا هي الكتلة التي ترقد خارج رحم الوطن كبرت، فثقل بها، وبات على الآخرين أن يعينه. لكن، عبثاً، فالماء المتسرب من البالون المنتفخ يجعل الزمن يمضي بسرعة أكبر، وينبئ بضرورة أن تخرج تلك الكتلة من الجسد، لكي يرتاح.
avata
avata
كرم محمد السكافي (لبنان)
كرم محمد السكافي (لبنان)