هستيريا الولاية الثالثة

هستيريا الولاية الثالثة

14 يوليو 2014
+ الخط -


المتتبع لمجريات الحدث السياسي العراقي، لا يجهده اكتشاف التعقيد الذي يلفه، والناتج من التركيبة التي بنيت عليها العملية السياسية في العراق، وهي توزيع الحصص والمناصب على أساس مواقع المكونات الطائفية والعرقية، وهذا، بلا شك، يبعد أي احتمال لإمكانية تكوين منظومة حكومية قائمة على أساس التكنوقراط الوطني المهني.

قبل انتخابات أبريل/نيسان ٢٠١٤، كانت جميع الأطراف تنادي بالتغيير، سواء على مستوى الوجوه أو الأداء، لكن، ما حدث بعد الانتخابات هو عودة الوجوه القديمة نفسها، مع تغييرات طفيفة تمثلت بغياب منتمين للتيار المدني، لا فرصة برلمانية لهم أمام الكتل الضخمة داخل مجلس النواب العراقي، والذي هيمن عليه ما يُعرف بالبيت الشيعي السياسي، ممثلاً بـالتحالف الوطني، والبيت السني السياسي، ممثلا باتحاد القوى الوطنية، أما اليوم، فالتياران هما سبب بلاء العراق، لما يحملانه من توجهات ورؤى مبنية على أسس طائفية.

بعدما كثر الجدل بشأن منصب الرئاسات الثلاث، للبرلمان والوزراء والجمهورية، يبدو أن الأكثر تعقيداً بينها منصب رئاسة الوزراء، كونه الأكثر تأثيراً في المشهد بطبيعة الحال. تمثلت الأزمة، اليوم، بتمسك رئيس الوزراء العراقي، المنتهية ولايته، نوري المالكي بالمنصب، أمام رفض أغلب القوى وجوده على رأس الهرم السياسي في العراق.

هذا التمسك ألقى بظلال قاسية على بنية تحالف البيت الشيعي السياسي، إضافة إلى حالة الاحتقان الشعبي، والتدهور الأمني، وعلى الرغم من كل الاشارات والتلميحات والتصريحات، بقي المالكي متمسكاً بموقفه الذي اشترط، للتراجع عنه، أن يسحب أسامة النجيفي ترشحه لرئاسة البرلمان، وبتدخل أميركي، حصل هذا فعلاً، وصبت جميع التوقعات في حينه، على أن يسحب المالكي ترشحه، غير أنه خرج بموقف أشد تمسكاً من قبل بالولاية الثالثة، حاملاً ذرائع التصدي للإرهاب، والوقوف بجانب القوات الأمنية ومؤازرتها، في وقت يغرق فيه البلد بوحل الإرهاب، وتخرج فيه محافظات عن سيطرة الحكومة، بفعل التمرد الشعبي على المالكي وحكومته، علاوة على سوء العلاقات الدولية التي وصل إليها العراق مع محيطه الإقليمي، ولا زال المالكي يتحدث عن إنجازات ومكاسب حققها ويحققها، كأنه يعيش في كوكب آخر!

يستمر فتح الجبهات مع من تبقى من شركاء الأمس، فها هو يفتح نار تصريحاته ضد إقليم كردستان، ويتهمه بإيواء الإرهابيين من الداعشيين والبعثيين وغيرهم، وبالحديث عن الإرهاب، والشيء بالشيء يذكر، فمن ينسى إشراف المالكي على عمليات عسكرية، واستهداف مؤسسات حكومية، منها تفجير الجامعة المستنصرية عام 1980، وتفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981، وتفجير وزارة التخطيط عام 1982، مع بدايات الحرب العراقية الإيرانية. هذا تاريخ لا يمكن تجاهله، أو تجاوزه، خصوصاً عندما يتكلم شخص، كالمالكي، عن محاربة الارهاب!

avata
avata
سعد ناصر (العراق)
سعد ناصر (العراق)