هدنة غزة: انتصار المقاومة... وفضيحة إسرائيل ومصر

هدنة غزة: انتصار المقاومة... وفضيحة إسرائيل ومصر

01 اغسطس 2014
واجهت المقاومة الضغوط مستندة إلى التفاف الحاضنة الشعبية(أنور كوبان/الأناضول/Getty)
+ الخط -

شهد الأسبوع الأخير مفاوضات صعبة من أجل التوصل إلى تهدئة في غزة. وكانت الضغوط منصبّة على المقاومة من أجل القبول بشروط إسرائيلية تتناول أمرين؛ الأول، نزع سلاح المقاومة، والثاني تدمير الأنفاق.

وقد قابلت المقاومة هذين الشرطين بالرفض الكامل، وأصرت على شروطها التي قدمتها في الأسبوع الأول للعدوان، وعلى رأسها رفع الحصار المضروب على قطاع غزة منذ سبعة أعوام.

رغم الضغوط، كان واضحاً أن المقاومة ليست في وارد التنازل عن شروطها، ولا القبول بالشروط الإسرائيلية، ومع أن الخسائر التي أوقعتها إسرائيل في صفوف المدنيين والبنى التحتية كانت قياسية، فإن المقاومة واجهت الضغوط ولم تتراجع، وراهنت على أمرين: الأول، الصمود العسكري في الميدان وتوجيه ضربات قاتلة للقوات الإسرائيلية. والثاني، التفاف الحاضنة الشعبية في القطاع.

لم تكن الضغوط إسرائيلية فقط، بل مصرية أيضاً. ومن المفارقات التي تستحق التوقف أمامها أن نتائج المواجهة كانت ستكون أفضل هذه المرة لو أن مصر لعبت دوراً مختلفاً. ومن خلال الوقوف على رأي المقاومة يتبين أنها لم تكن تراهن على دعم من مصر في الظرف الراهن، لكنها لم تكن تتوقع أن ينزل سقف الموقف المصري أقل مما كان عليه أيام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك. وبعيداً عن الموقف الرسمي المتواطئ، يكشف الإعلام المصري عن مزاج عدواني صارخ تجاه المقاومة، ووصل في بعض الأحيان الى عنصرية بدائية، وانحطاط فج تجاه الشعب الفلسطيني.

وهنا لا أحد ينتظر من هذا الاعلام أن يتضامن مع المقاومة، ولكن أن يراعي مشاعر المصريين ويحترم مكانة مصر، التي تظل محفوظة لدى كل وطني عربي.

ولا يحتاج الأمر إلى التذكير بالموقف المصري الرسمي منذ بداية العدوان، والذي لخصته مبادرة القاهرة، التي تبين أنها مطبوخة في تل أبيب، بل يجدر التوقف عند أمرين حصلا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.

الأول، أن مصر رفضت استقبال الوفد الفلسطيني لمفاوضات التهدئة قبل أن تعلن المقاومة عن وقف إطلاق النار وكأنها هي المعتدي. والثاني، أنها رفضت أن يكون الوفد تحت مسمى وفد فلسطين، وكانت تصر على أن يكون تحت راية السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير، لكي تخرج فصائل المقاومة من المعادلة.

هذا الموقف ليس شريكاً في العدوان فحسب، بل تحول خلال مجريات المواجهة إلى رافعة إضافية من أجل إلحاق الهزيمة بالمقاومة. ولهذا تفاصيل ميدانية كثيرة، منها رفض دخول الجرحى الفلسطينيين من المدنيين للعلاج في مصر، والمشاركة في تدمير الأنفاق.

وسواء صمدت هدنة الـ72 ساعة أم لا، فإن حصيلة 25 يوماً من العدوان، تتلخص في انتصار المقاومة وفضيحة الحملة العسكرية الإسرائيلية والدور المصري.

انتصرت المقاومة لأسباب عدة، أبرزها أنها لم تكن البادئ في الحرب، ولكنها كانت جاهزة للمواجهة، ورغم عدم تكافؤ القوى فإن الخسائر الإسرائيلية كبيرة جداً. وبالتالي ستكون نتائجها على المستوى الإسرائيلي أكثر تأثيراً مما خلّفه فشل عدوان عام 2006 على لبنان. وتشير الأرقام والمعطيات الإسرائيلية الرسمية إلى أن الخسائر العسكرية والاقتصادية أكبر من عام 2006، هذا عدا الآثار النفسية، وهي مما لا شك فيه ستنعكس على الحياة السياسية ومستقبل التحالف الحكومي ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي ذهب إلى الحرب ليقضي على المقاومة، ولكنه حصل على هزيمة عسكرية مدوية، ولم يستطع جيشه تحقيق نصر عسكري ولو محدوداً.

الأمر الثاني الذي يستحق التوقف أمامه إلى وقت طويل هو، أن المقاومة قاتلت لأول مرة بقواها الذاتية ومن دون حاضنة إقليمية. الأمر الذي شكّل المفاجأة الرئيسية للعدوان. المفاجأة لم تقع على رأس إسرائيل وحدها، بل وصل ترددها إلى حلفاء المقاومة السابقين، إيران وسورية وحزب الله. وقد اكتفى هؤلاء بالتفرج حتى الآن، ولكنها فرجة من ينتظر خسارة صديقه السابق لكي يتشفى.

هذا الدرس هو نتيجة عمل تراكمي يدلّ على أمر أساسي، وهو أن المقاومة في قطاع غزة لم تعد رقماً عادياً، بل صارت رقماً صعباً، وهناك عمل دؤوب استمر لأكثر من عقد من الزمن لإحداث تعديل في موازين القوى، ظهرت نتائجه على الأرض. ولذلك وضع نتنياهو عنواناً لحملته شعار نزاع سلاح المقاومة، لكن هذا السلاح لم يعد شوكة، بل هو أكبر من ذلك بكثير.

دلالات

المساهمون