من محام إلى متهم في مهرجان الإعدامات المصرية

28 ابريل 2014
لوعة الأهالي (خالد دسوقي/getty)
+ الخط -

لم تقف الانتقادات الدولية لأحكام الإعدام الصادرة في مصر، اليوم الإثنين، بحق أنصار "الإخوان المسلمين" وقياداتهم عند الحكومات والمنظمات الحقوقية، بل تعاطت وسائل الإعلام العالمية مع الحدث باستغراب شديد، لا سيما في ظل هزلية الإجراءات والأحكام نفسها.
ووصفت محطة "بي بي سي" البريطانية الحكم بالهزلي، وخصوصاً أنه من ضمن 683 شخصاً صدرت بحقهم أحكام الإعدام، يوجد 50 منهم فقط قيد الاحتجاز، والبقية هاربون، ويمكن إعادة محاكمتهم، إضافة الى أن الاتهامات التي أُدينوا بها مرتبطة باقتحام ومهاجمة مركز شرطة في أغسطس/ آب الماضي، وهو اليوم نفسه الذي اقتحمت فيه قوات الشرطة اعتصامين لمؤيدي مرسي، ما أسفر عن مقتل العشرات واعتقال المئات إن لم يكن الآلاف.
ونقلت صحيفة "ذي جارديان"، بيان منظمة "العفو" الدولية، الذي اعتبر أن مثل هذا الحكم يعد الأول من نوعه في العالم، إذ لم يسبق أن صدر حكم بالإعدام على مثل هذا العدد الضخم من الأفراد، وخصوصاً أن السلطات المصرية ألقت القبض على ما يناهز 16 ألف شخص، وقتلت أكثر من 2500 شخص منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
وتطرقت الصحيفة إلى حيثيات الأحكام "الغريبة"، مشيرة الى أن المتهمين بقتل ضابط شرطة في مركز مطاي جنوب مصر أثبتوا أنهم كانوا خارج المحافظة في هذا التوقيت، مما يجعل أمر إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم أمرا شخصيا بحتا، ويأتي تنفيذاً لأوامر السلطات الأمنية. واعتبرت أن جلسات المحاكمة شابها "العوار والتقصير"،  إذ أُجريت بسرعة قياسية، لا تتناسب مع هول الأحكام الصادرة في القضيتين. كما مُنع محامو الدفاع من الاطلاع على مذكرات الاتهام، ما دفعهم إلى التشكيك بالأحكام، واتهام القاضي سعيد يوسف بأنه مسيس، لأنه لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يكون قد اطلع على الآلاف من الأوراق التي قُدّمت للدفاع عن موكليهم.
وذكرت الصحيفة واحدا من "غرائب" الأحكام، مشيرة إلى أن أحد المتهمين في قضية اليوم، كان محاميا عن المتهمين في القضية الأولى، والزجّ باسمه في القضية، جاء بعدما امتنع عن تقديم رشوة لرجل شرطة. وقالت إن المحامي ليس له صلة بالقضية، لا من قريب أو من بعيد.

صحيفة "تلجراف"، قالت إن جلسة المحاكمة لم تستغرق أكثر من خمس دقائق، مما يدعو إلى القلق مما تسميه السلطات المصرية بخارطة الطريق إلى الديمقراطية. وأضافت أن هيئة المحكمة لم تبذل أي جهد خلال جلسة الاستماع العلنية، لتحديد دور كل متهم في أعمال الشغب وحرق الكنائس والمحال التجارية وقتل بعض رجال الشرطة. وقالت إن معظم المتهمين زُجَّ باسمهم في القضية انتقاماً منهم بسبب عداوات فردية مع عناصر الشرطة، مشيرة إلى أن حادثة اقتحام مقرّ الشرطة في محضر الاتهامات، جرت يوم 14 أغسطس/آب، حين اقتحمت الشرطة الاعتصامات المؤيدة للرئيس المعزول وقتلت وأصابت الآلاف.
استهجان الأحكام طغى على تقارير الصحف الأميركية أيضاً. وكتبت "فايننشيل تايمز"، أن الحكم المجحف صدر في اليوم نفسه الذي صدر فيه الحكم بحظر نشاط حركة "6 أبريل"، التي قادت الثورة ضد حسني مبارك، مشيرة الى أن هذه الأحكام تعكس كيفية السلطة القضائية في فرض عقوبات قاسية على نحو متزايد ضدّ المعارضين. ونقلت عن المحامين إن المحاكمات خالفات كل الأعراف الدولية والقانونية لتجاهلها إجراءات المحاكمات العادلة، وإنهم وصفوها بالجنون.

واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الأحكام جاءت متزامنة مع زيارة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، الى واشنطن، ومع شنّ الصحافة المصرية هجوماً ضارياً على قوى المعارضة متهمة اياها بالعمالة للخارج والخيانة. ووصفت الأحكام بأنها عار على جبين القضاء المصري والضمير العالمي.  

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه بات ينظر الى القضاء المصري بالكثير من الريبة بعد الأحكام، خصوصاً أنها تعبر عن تحدي للمجتمع الدولي الذي شجب بشدّة الأحكام التي صدرت قبل ذلك. وأضافت أن الفضاء يريد أن يبعث رسالة مفادها أنه يدعم وبشدة النظام الجديد ضد معارضيه. وعبرت الصحيفة هن مخاوفها من تنفيذ حكم الاعدام على المرشد العام للإخوان المسلمين، محمد بديع، لأنها ستعد السابقة الأولى منذ ستة عقود.