محاولة أميركيّة جديدة لعرقلة التوجّه الفلسطينيّ لمجلس الأمن

محاولة أميركيّة جديدة لعرقلة التوجّه الفلسطينيّ لمجلس الأمن

22 أكتوبر 2014
الطلب الأميركي قدّمه كيري لعباس في القاهرة (Getty)
+ الخط -

يشهد الأسبوع المقبل لقاءات فلسطينية أميركية مكثّفة، بهدف التشاور حول القرار الفلسطيني بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال بسقف زمني، وإعطاء فرصة للإدارة الأميركية بالتدخل عبر حلّ سياسي توافق عليه حكومة الاحتلال.

وكشف مسؤول فلسطيني مطلع لـ"العربي الجديد" أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، طلب من القيادة الفلسطينية فرصة لنهاية العام الحالي للتشاور، على ألا يتم فيها تقديم مشروع القرار لمجلس الأمن.

وأوضح المسؤول الفلسطيني أن طلب كيري للرئيس الفلسطيني محمود عباس، جاء خلال وجودهما في القاهرة عشية إطلاق مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة، إذ طلب كيري من عباس القيام بمشاورات حول تأجيل تقديم مشروع القرار حتى بداية عام 2015، وفي حال نجحت هذه المشاورات سيصار إلى إطلاق عملية تفاوضية مكثفة بين الفلسطينيين والاحتلال.

ولفت المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن كيري لم يقدّم أيّ مقترحات مكتوبة إطلاقاً حول ما ستتطرق إليه المشاورات، متوقّعاً "ألا تفضي لأي شيء، فالهدف منها شراء الوقت لا أكثر".

كما أعلن أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" أمين مقبول لـ"العربي الجديد"، أن "كيري طلب من القيادة التشاور حول صيغة قرار، والقيادة ردت أنه لا مانع من التشاور على أن يبقى مضمون القرار كما هو". وقال مقبول إنّ "الفرصة التي منحتها القيادة الفلسطينية للإدارة الأميركية للتشاور لن تتجاوز الشهر المقبل".

وكشف أن "رد القيادة الفلسطينية حول طلب تأجيل تقديم مشروع القرار لمجلس الأمن كان واضحاً، وهو أن تصدر الحكومة الإسرائيلية بياناً رسمياً تعلن فيه وقف الاستيطان، والقبول بحلّ الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، حينها ستكون القيادة على استعداد للدخول في مفاوضات وتأجيل الذهاب إلى مجلس الأمن لأن هذه الخطوة لن تكون ضرورية حينها".

من جهته، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنا عميرة، لـ"العربي الجديد"، أن "القيادة حدّدت موعد تقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن مطلع الشهر المقبل، بغض النظر عن أي مشاورات، وبغض النظر عن انتخابات الكونغرس الأميركي في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني".

وتأتي هذه المشاورات الأميركية التي يقودها كيري، مع القيادة الفلسطينية التي أكدت على لسان أكثر من مسؤول فيها لـ"العربي الجديد" أنه لا مانع من هذه المشاورات"، لتؤكد عدم إغلاق القيادة الفلسطينية الباب أمام جهود الإدارة الأميركية، والحفاظ على العلاقات معها عبر الاستجابة لمطالبها بوجود مشاورات حول القرار الفلسطيني الذي تعتزم القيادة تقديمه لمجلس الأمن.

أما المكاسب الأميركية من المماطلة في تقديم مشروع القرار لمجلس الأمن، فتتمثل في تفاديها استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار الفلسطيني، لأن استخدام هذا النقض سيتسبب لها بإحراج مع حلفائها من الدول العربية التي تحالفت معها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وهي الدول نفسها التي تدعم القيادة الفلسطينية في توجهها نحو مجلس الأمن، فضلاً عن أن مثل هذا "الفيتو" سيترتب عليه إرباك داخلي لا تحتاجه الولايات المتحدة وهي تخوض الانتخابات النصفية للكونغرس.

وفي كل الأحوال، فهناك مخاوف فلسطينية متزايدة من أن يكون الهدف من هذه المشاورات الفلسطينية الأميركية هو المماطلة وشراء الوقت ليس أكثر لصالح الاحتلال، وتقديم القيادة الفلسطينية في صورة غير الجادة والحاسمة في ما يتعلق بمشروع قرار مصيري لشعبها في حال قبلت بالتأجيل.

وسبق أن أعلن العديد من المسؤولين الفلسطينيين أن أمس الثلاثاء هو موعد تقديم مشروع القرار لمجلس الأمن، وذلك بالتزامن مع استلام الأرجنتين رئاسة مجلس الأمن والتي وعدت بأن تدعم المشروع الفلسطيني قدر الإمكان، لكن تصريحات مسؤولين آخرين رجّحت أن تقديم مشروع القرار لن يكون قبل نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتأتي هذه المشاورات ثمرة لضغوط مارستها دول عربية عدة على القيادة الفلسطينية لتأجيل تقديم القرار إلى مجلس الأمن، وفي الوقت الذي انقسم فيه المسؤولون الفلسطينيون بين من يرى أن هذه الدول العربية تقوم بممارسة ضغوط على القيادة الفلسطينية في جهود مكمّلة للضغوط التي تبذلها الإدارة الأميركية على القيادة الفلسطينية للحيلولة من دون تقديم مشروع القرار لمجلس الأمن، فيما ترى أوساط أخرى من المسؤولين الفلسطينيين أن هذه الدول العربية لا تمارس ضغوطاً بل تقدم نصائح للقيادة الفلسطينية، كما يؤكد مقبول. ويشير إلى "أن هذه النصائح من عدة دول عربية هدفها إعطاء الإدارة الأميركية فرصة لتأتي لنا بقرار مناسب".

لكن مقبول استبعد أن تذهب القيادة الفلسطينية نحو التأجيل، "الذي يُعتبر هدفاً وليس وسيلةً عند الإدارة الأميركية".
وكشف مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" أن الدول التي تقود هذه الضغوط هي الأردن، ومصر، والسعودية. وأوضح المصدر أن النصائح العربية التي قُدمت للقيادة الفلسطينية، جاء فيها أن الوضع الإقليمي والدولي غير ملائم، بسبب الإصطفاف الدولي لمحاربة "داعش"، ما يجعل قضية إنهاء الاحتلال غير ذات أولوية ويفقدها دورها المركزي عربياً ودولياً، فضلاً عن أن "النصائح العربية" التي قُدّمت للقيادة الفلسطينية جاء فيها أن هناك تغيّراً في عضوية مجلس الأمن العام المقبل، ما يسمح بحشد دولي أكبر لصالح القرار الفلسطيني في حال وافقت القيادة على تأجيله.

وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، قد أكد في تصريحات قبل أيام "أن هناك دولاً عربية تمارس ضغوطاً على القيادة الفلسطينية لتأجيل تقديم مشروع القرار الخاص بإنهاء الاحتلال حتى 2016، عندما تنتهي فترة حكم الرئيس الأميركي باراك أوباما". التصريحات ذاتها عاد وأكدها عضو اللجنة التفيذية لمنظمة التحرير أحمد المجدلاني لـ"العربي الجديد" في وقت سابق.

لكن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي كان قد أكد في تصريحات صحافية لـ"صوت فلسطين"، "أن ذهابنا إلى مجلس الأمن لا يتعارض على الإطلاق مع أي تحرك قد تقوم به الإدارة الأميركية، ونحن لا يجب أن نربط، ولن نربط، ذهابنا إلى مجلس الأمن بأيّ تحرك أو وعود يطلقها أيّ من المسؤولين في الإدارة الأميركية في أي لحظة من اللحظات".

المساهمون