مايك بينس: رجل ترامب الصلب

09 نوفمبر 2016
ترامب راهن على بينس لكسب أصوات المسيحيين الإنجيليين(تشيب سومودفيلا/Getty)
+ الخط -
في يوليو/تموز الماضي أعلن المرشّح الجمهوري الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، عن اختيار الحاكم السابق لولاية إنديانا، مايك بينس، نائباً له في حال فوزه بالانتخابات. بينس، "المسيحيّ المحافظ"، والذي وصفه المرشّح الجمهوري، أثناء حملته، بـ"الرجل الصلب"، كان يرى في ترامب نسخة جديدة من الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، رونالد ريغان.

يبلغ بينس، ذو الأصول الأيرلندية، 59 عاماً. أنهى دراسته للتاريخ في كلية هانوفر عام 1981، ثم حصل على دكتوراه في القانون عام 1986 من كلية القانون بجامعة إنديانا، ورغم تأييده للجمهوريين، وانتخابه كثالث أكبر قيادة في الحزب الجمهوري؛ إلا أنه نشأ "ديمقراطيّاً" بين عائلة ديمقراطية.

عمل بينس في المحاماة عقب تخرجه، وفي 1991، ترأّس مؤسسة بحثية حول سياسة ولاية إنديانا ذات التوجه محافظ، ثم أصبح عضواً في شبكة سياسة الولاية، وفي عام 1994، قدم برامج إذاعية في الولاية، وبرامج تلفزيونية في الفترة بين 1995 و1999.

يعرّف بينس نفسه بأنه "مسيحي محافظ"، يؤيد حزب "الشاي" ويتبع التوجه الجمهوري، كما يشتهر مايك ببعض المواقف المتشددة تجاه زواج المثليين والإجهاض، حيث وقع على قانون في مارس/آذار الماضي يقيّد حق الإجهاض، وهو القانون الذي طعن عليه القضاء الفيدرالي.

في بداية دخوله إلى عالم السياسة، فشل في الفوز بمقعد في الكونغرس بين 1998-1990، ثم انتخب في الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وأعيد انتخابه لعدة ولايات أخرى على مدى 12 عاماً، وانتخب رئيساً لمؤتمر الحزب الجمهوري بين عامي 2009 و2011، ما يعني أنه الشخصية الثالثة في هرم قيادة الحزب. عقب ذلك، تولي قيادة "لجنة الدراسة الجمهورية"، التي تتبع إحدى المجموعات المحافظة في الحزب الجمهوري بين عامي 2005 و2007، ثم تولى حكم ولاية إنديانا في 2013، بعد أحاديث عن ترشيحه للدورة الرئاسية 2008-2012.

أيّد مايك بينس حرب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش على العراق في 2003، وعارض مقترحات الرئيس الحالي باراك أوباما لإغلاق معتقل غوانتانمو، ودعا لتقديم المقاتلين من أعداء الولايات المتحدة للمحاكم العسكرية، كما أيد بينس ما يعتبره "حق" إسرائيل في مهاجمة أهداف بإيران، وذلك، حسب وصفه، لمنعها من "تطوير أسلحة نووية"، ودافع عن استخدامها "للقوة المفرطة" في حربها على قطاع غزة، وساند قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.



ورغم أن الرئيس الأميركي الجديد كان ينظر لبينس على أنه رجل "متعدد المهارات والمواهب"، خصوصاً في المناصب التنفيذية؛ إلا أن ترامب نفسه لم يكن الخيار الأول بالنسبة لبينس، حيث أيّد في البداية عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، تيد كروز، لكن في 15 يوليو/تموز الماضي، كتب ترامب تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قال فيها: "كم يسعدني أن أعلن عن اختياري الحاكم مايك بينس كنائبي حال فوزي. المؤتمر الصحافي غداً في الحادية عشرة صباحاً".

عقب ذلك، ساد الإعجاب المتبادل علاقة الرجلين على امتداد الحملة، ففي حين وصف ترامب نائبه بأنّه "رجل خدم في الكونغرس بتميز، ولديه مهارات المسؤول التنفيذي شديد الموهبة"؛ شبّه الأخير ترامب بالرئيس السابق رونالد ريغان، لجهة أنه يفهم إحباطات الأميركيين العاديين، ويعدّ بالنسبة للكثير من الجمهوريين "بطلاً". واعتبر أنه سيكون "زعيماً قوياً يقف إلى جانب حلفاء أميركا ويدمر أعداء حريتهم"، كما وصفه بأنه "رجل خيّر، وسيكون رئيساً عظيماً"، حتى إنه اقتبس بعض كلمات ريغان ليصف بها ترامب، حين قال: "لقد تعبنا من أن يقال لنا إن نخبة مثقفة في عاصمة بعيدة جداً يمكن تخطط بشكل أفضل لحياتنا".

وفور تعيين ترامب لبينس، احتفى موقع حملة ترامب على الإنترنت في الحدث بترديد عباراته الدارجة عن استعادة "عظمة أميركا". ونشر عبارات مقتضبة مفادها: "سنصنع التاريخ معًا، سنستعيد الحلم الأميركي معًا، لقد آن الأوان لذلك، معًا سنعيد أميركا عظيمةً ثانيةً".

وحين قدّم ترامب نائبه لمؤيديه، قال في حينها: "أقدم لكم رجلاً أعتقد حقاً بأنه سيكون متميزاً في كل السبل، وسيكون نائب الرئيس القادم للولايات المتحدة، وهو حاكم (إنديانا) مايك بينس. ثم ردّ بينس معلّقاً، وهو يقف إلى جانبه على المنصة: "جئت إلى هذه اللحظة بتواضع شديد لكن بقلب شاكر، شاكر لله على نعمته المدهشة".

ورغم ذلك، يختلف الرجلان في عدة مواقف، إذ يرفض بينس تصريحات ترامب حول حظر دخول المسلمين للولايات المتحدة الأميركية، ويرى أن ذلك يمثّل اقتراحاً "عدوانياً وغير دستوري"، في حين أعلن تأييده لعدة صفقات تجارية رفضها ترامب.

وأثار بينس عاصفة واسعة من الجدل بعد إصداره مشروع قانون "حرية الأديان في عام 2015"، والذي يسمح لأرباب الأعمال في ولايته بعدم التعامل أو المشاركة في زيجات المثليين انطلاقا من قناعاتهم الدينية، ما اعتبره المدافعون عن حقوق المثليين تمييزاً ضدهم وقدم بينس تعديلات عليه.

وفي عام 2009، عارض قانون منح الجنسية الأميركية بشكل تلقائي للأطفال الذين يولدون فوق الأراضي الأميركية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار مواقف بينس من اللاتينيين والسود شديدة التطرف، فضلاً عن إعلانه سابقاً بأن ولاية إنديانا لن تقبل أي لاجئ سوري، ما اعٌتبر، في حينها، تحدياً مباشراً للرئيس السابق أوباما.

راهن ترامب على بينيس في السباق الانتخابي، إذ رأى أنه سيضمن له تصويت المسيحيين الإنجيليين، الذين يعتبرون من أهم الشرائح الانتخابية، بالإضافة إلى أنّه من الممكن أن يضمن له الاكتساح في منطقة راست بيلت الصناعية في الشمال الشرقي، حيث تقع ولايتا أوهايو وإنديانا ذواتا التأثير القوي في السباق الرئاسي.