ماذا تريد تركيا؟

ماذا تريد تركيا؟

15 سبتمبر 2014
(جويل صمد/فرانس برس)
+ الخط -
لم تقتنع تركيا بعد بأن الإدارة الأميركية عقدت العزم فعلاً على طي صفحة النظام السوري، لذلك تراها تتخبط إزاء التحالف الدولي الجديد، خشية أن يؤدي القضاء على تنظيم "داعش" إلى استعادة النظام روحه وفق نظرية ملء الفراغ الذي سيتركه التنظيم لا محالة. هكذا، تحضر تركيا اجتماع جدة، فتؤيد بيانه الختامي، لكنها لا توقع عليه. ينسحب وزير خارجيتها مولود جاووش أوغلو من الصورة التذكارية لوزراء الخارجية، ثم يعلن جون كيري أن أنقرة موافقة على كل شيء وأنها تقف في مقدمة المعسكر الدولي.

من حق تركيا أن تشكك في النوايا الأميركية التي خذلت العالم، بعدما كانت الطائرات تملأ خزاناتها بالوقود لقصف الأهداف السورية بعد مجزرة الكيماوي قبل أكثر من عام. لكن لرجب طيب أردوغان ومساعديه، حسابات أخرى لا تقل أهمية عن "الحساب الكبير"، أي هم عدم تقديم التحالف الدولي، خدمة مجانية لنظام بشار الأسد. أبرز ما لا يزال يحفظ لحكام أنقرة، غالبية شعبية مريحة، هو الاستقرار الأمني المقبول جداً في البلاد. استقرار هو مهدد دوماً من ثلاثة أطراف: النظام السوري، والطرف الكردي، والمجموعات المسلحة التكفيرية العابرة للحدود السورية التركية، مختصرةً بـ"داعش".

من الجهة الكردية، تبدو الأمور مضبوطة إلى حد بعيد وفق مفاوضات وتسويات منها معلن ومنها الآخر سري. من جهة النظام السوري، فقد بدا أن الرد التركي على تفجيرات الريحانية أجاب على جسّ النبض الذي مارسته دمشق لمعرفة حدود الرد التركي المحتمل. واليوم، لم يعد هناك حدود تماس برية واسعة للأراضي الخاضعة لسلطة دمشق، مع تركيا، فضلاً عن أن لتركيا القدرة على التعامل مع التهديد الكلاسيكي المحتمل أن يأتي من نظام، أي نظام، وهنا المقصود التهديد السوري. من هنا، فإنّ ما يرعب تركيا فعلاً، منذ فترة طويلة، هو التهديد "غير الكلاسيكي"، أي ذلك الذي تتخصص فيه التنظيمات التكفيرية، من عمليات انتحارية تولَد "من لا مكان" لتضرب اقتصاد البلاد وسياحتها... وشعبية حكامها. من هذه الزاوية يمكن فهم انعدام الشراسة التركية حدّ المهادنة، أمس واليوم، إزاء "داعش" وأخواته.

المساهمون