ليبيا قد تواجه ضائقة مالية وتضطر الى خفض الدينار

ليبيا قد تواجه ضائقة مالية وتضطر الى خفض الدينار

21 ابريل 2014
وزير الدل الليبي صلاح ميرغني في مؤتمر أمس
+ الخط -

 قال خبراء بريطانيون في ندوة مغلقة عقدت أخيراً في لندن وحضرها مسؤولون ليبيون وبعض قيادات المجتمع المدني الليبي، إن ليبيا ستواجه أزمة مالية حقيقية في المستقبل إذا لم تتخلص من الفوضى التي تهدد الصناعة النفطية وتوقف هدر الأموال طائلة في شكل مرتبات وهمية وتسويات احتيالية ودعم متواصل غير مجد للوقود.

الخبير البريطاني جون هاميلتون المتخصص في الشؤون الليبية ومدير شركة "كروس بوردر انفورميشن" المتخصصة في المعلومات المالية والتحليل السياسي للدول في لندن، لم يستبعد أن تتعرض ليبيا لضائقة مالية تضطرها خلال عام من الآن الى خفض قيمة الدينار.  

وقال هاميلتون إن احتياطي النقد الاجنبي لدى البنك المركزي الليبي انخفض من 132 مليار دولار الى 116 مليار دولار في نهاية العام الماضي. مشيراً الى ان ليبيا انفقت 16 مليار دولار من احتياطاتها الاجنبية في العام الماضي 2013، على مرتبات وهمية ودفعات احتيالية ودعم الوقود.

وأضاف أن حجم الاحتياطات الاجنبية التي استهلكتها ليبيا خلال العام الماضي تعادل 15% من اجمالي الاحتياطي الاجنبي. وقال إن فاتورة دعم االوقود في ليبيا فقط تستهلك 650 مليون دولار سنوياً.

وتساءل جون هاميلتون، الذي كان يتحدث في ندوة مغلقة حضرها مسؤولون ليبيون حضروا خصيصاً من طرابلس وقادة منظمات من المجتمع المدني، الى متى سيستمر هذا الإنفاق الذي لا يقابله دخل والى متى ستستمر ليبيا تأكل من ادخارات الاجيال المقبلة ووفورات العهد الماضي.

وقال هاميلتون إن هنالك معلومات توافرت لديه أخيراً تشير الى أن هنالك قلقاً حقيقياً حول توفر السيولة المطلوبة  لتغطية الانفاق مستقبلاً، وحول قدرة البنك المركزي الليبي على ضخ السيولة التي تطلبها الحكومة.

وأشار في هذا الصدد الى أن المشكلة ليست في أن البنك المركزي لايملك الاموال، ولكن هل هذه الموجودات التي يملكها البنك المركزي سائلة أو يمكن تسييلها فوراً. وتساءل الخبير البريطاني حول ماذا كان من الحكمة أو المقبول استخدام الارصدة الليبية في تسديد مرتبات وهمية وتسويات احتيالية ودعم للسلع.

ووصف هاميلتون ما يحدث في ليبيا بتراجيديا حقيقية تتفتح فصولها كل يوم. وقال: رغم التركيز في الآونة الاخيرة على المشاكل الامنية والاشكالات السياسية وأهميتها، الا أن المشكلة الملحة الآن هي احتمال ان لا تستطيع ليبيا اعادة حقول النفط التي تعرضت للدمار والخراب الى الانتاج أو معالجة العجز المتواصل في الميزانية.

وأشار في هذا الصدد الى أن البنك المركزي الليبي قد يجد نفسه غير قادر بعد عام من الآن على دعم الدينار الليبي وربما يضطر الى خفض قيمته. ويذكر أن خفض قيمة العملة سيعني زيادة اسعار السلع الاستهلاكية، خصوصاً تلك التي تستورد من الخارج. وأشار هاميلتون الى أن ليبيا وبعد 40 عاماً من حكم القذافي، استخرجت 50% من ثروات الهايدروكربونات التي تملكها، وأن الآبار الرئيسية المنتجة للنفط بدأ انتاجها في الانخفاض التدريجي.

وختم هاميلتون قائلاً: الجميع يعتقد أن ليبيا غنية لأنها تملك أرصدة خارجية واحتياطياً أجنبياً كبيراً وثروة نفطية، لكن من  المنظور المالي البحت، فإن ليبيا ليست دولة غنية عندما تنظر الى الالتزامات المالية. وأضاف "في الواقع، وبتقييم حساب الموجودات الليبية والالتزامات المقابلة، فإن ليبيا ليست دولة غنية، كما أن المواطن الليبي ليس غنياً هو الآخر". ونبه الى أن الليبيين أمام تحديات تاريخية لحل مشاكلهم السياسية والامنية والمالية حتى يستطيعوا تأمين مستقبلهم.

من جانبها، ضربت المحامية إلهام سعودي مديرة منظمة "محامين من أجل العدل في ليبيا" مثلاً على الفوضى في ليبيا، حيث قالت إن الدستور الليبي تم تعديله 7 مرات في عامين من أجل الترضيات السياسية وليتناسب مع الواقع السياسي على الارض. مشيرة الى أن هذه التعديلات تمثل سابقة خطيرة في صياغة الدساتير.

وكان سير ريتشارد دالتون، الذي أدار الندوة، قد انتقد في تصريحات لـ"العربي الجديد" التسويات التي أجرتها الحكومة الليبية مع الجماعات المسلحة الليبية، حيث دفعت لهم مبالغ مالية. وقال ان مثل هذه التسويات قد تغري جماعات أخرى بالقفز على منشآت نفطية في المستقبل للحصول على مزايا مالية.

وقال وزير العدل الليبي صلاح المرغني في مؤتمر صحافي اليوم: إن مشاكل فنية تؤخر إعادة افتتاح مرفأ الزويتينة النفطي في شرق البلاد لأن اضراراً لحقت به بعد فترة طويلة من الاغلاق. وكانت الحكومة المركزية في طرابلس قد توصلت إلى اتفاق مع محتجين لإنهاء حصارهم للمرفأ الذي كانوا يسيطرون عليه منذ ثمانية أشهر.

 وتستخدم ليبيا عدة مرافئ لتصدير نفطها. وأهم هذه المرافئ ميناء السدرة الذي يعد الاكبر بين الموانئ الليبية. وقد تعرض مرفأ السدرة لعمليات تخريب واسعة ولكنه عاد للتشغيل في العام 2012. والمرفأ الثاني راس لانوف الذي يقع بين السدرة ومرسى برقة وتبلغ طاقته التصديرية حوالى 220 الف برميل يومياً. ومرفأ الزويتينة الصغير الذي تبلغ طاقته التصديرية 150 الف برميل يومياً، ومرفأ الزاوية الذي تبلغ طاقته التصديرية حوالى 200 الف برميل.

ووفقاً لتقديرات وزارة الخارجية الاميركية الاخيرة، فإن النفط يشكل 95% من اجمالي الصادرات الليبية و75% من الدخل الحكومي. وتقدر احتياطات ليبيا القابلة للاستخراج بحوالى 47.1 مليار برميل. ومعظم هذه الاحتياطات تتركز في خليج سرت الواقع في المنطقة الشرقية.

دلالات

المساهمون