قضيّة مريم يحيى: الخرطوم تستدعي سفيرَي واشنطن وجوبا

قضيّة مريم يحيى: الخرطوم تستدعي سفيرَي واشنطن وجوبا

25 يونيو 2014
مريم يحيى مع طفليها (العربي الجديد)
+ الخط -

أبلغت الحكومة السودانيّة سفارتَي الولايات المتحدة الأميركيّة وجنوب السودان لديها، احتجاجها على مساعدة السودانيّة مريم يحيى -التي برأتها المحكمة- في الخروج من البلاد بوثيقة سفر اضطراريّة صادرة عن دولة جنوب السودان، إذ رأت في الأمر استفزازاً لها.

وقد استدعت الخارجيّة السودانيّة اليوم الأربعاء سفيرَي واشنطن وجوبا، وطلبت منهما توضيحاً بشأن الوثيقة التي أوقفت مريم وزوجها دانيال بموجبها في مطار الخرطوم أمس الثلاثاء في أثناء محاولتهما السفر إلى واشنطن.

وقال نائب سفير دولة جنوب السودان كاونك مفير لـ"العربي الجديد" إن الخارجيّة عبّرت له عن احتجاجها لمنحهم مريم وثيقة سفر اضطراريّة، في حين أنها مواطنة سودانيّة. فهي رأت في ذلك انتهاكاً لسيادة الدولة، لا سيّما وأن الدستور السوداني لا يسمح بذلك. أضاف "أبلغونا أن السيّدة أطلق سراحها أول من أمس، وتعمّدوا إخراجها من البلاد في اليوم الذي تلاه. وذلك يظهر الأمر كأنه مدبّر".

وأشار مفير إلى أنه أوضح للخارجيّة السودانيّة أنهم لم يقصدوا بهذا الإجراء تحدّي أية جهة أو أن يكون الأمر قد تمّ بسوء نيّة، لا سيّما وأنهم يثقون تماماً في الحكومة والقضاء السوداني الذي برأها من تهمة الردّة والزنا. وقد شدّد على سلامة موقفه في منح مريم وثيقة سفر اضطراريّة، باعتبار أن دستور دولة الجنوب يعطي هذا الحقّ للأجنبيّة التي تتزوّج مواطناً. أضاف "ودانيال تقدّم بطلب رسمي لمنح زوجته وثيقة السفر، ونحن استجبنا من دون أن يكون لنا علم بأية ملابسات أخرى".

وكانت سفارة جنوب السودان في الخرطوم قد أعلنت في وقت سابق اليوم، مسؤوليتها الكاملة عن استخراج "وثيقة السفر الاضطراريّة" لمريم يحيى التي أوقفت أمس الثلاثاء في مطار الخرطوم بتهمة التزوير، بعد يوم واحد من قرار قضائي بتبرئتها من تهمتي الردة والزنا.

وقال سفير دولة جنوب السودان في الخرطوم ميان دوت وول لـ"العربي الجديد" اليوم الأربعاء، إنه وقّع شخصياً على وثيقة السفر الاضطراريّة الخاصة بمريم، نافياً تماماً وجود أي تزوير في الوثيقة.

وقد أكّد أن زوج مريم وهو من دولة جنوب السودان ويحمل الجنسيّة الأميركيّة، تقدّم بطلب أمام السفارة لاستخراج الوثيقة لزوجته وطفلَيه لأنها لا تملك أي وثائق أخرى، مشيراً إلى أن دستور دولة الجنوب يسمح بازدواج الجنسيّة.

أضاف وول "إذا استوفت مريم الشروط وطلبت جنسيّة فسنمنحها الجنسيّة"، وأشار إلى أنه يتحمّل مسؤوليّة الوثيقة قائلاً "الوثيقة غير مزوّرة وأنا من قام باستخراجها"، نافياً استدعاءه والسفير الأميركي من قبل الخارجيّة السودانيّة. وقال إنه لم يتلقّ أي مكالمات أو مخاطبات رسميّة من قبل أي مسؤول سوداني بشأن تزوير الوثيقة.

وسبق أن قال عضو هيئة الدفاع عن مريم لـ"العربي الجديد" إن الأمن اتهمها وزوجها دانيال بتزوير مستندات وفقاً للمادة 90 من القانون الجنائي السوداني، وتمّ تحويلهما إلى قسم نيابة الشرقي في الخرطوم، بعدما حاولت مغادرة البلاد بوثيقة سفر اضطراريّة صادرة عن دولة جنوب السودان، الأمر الذي يعدّ مخالفة باعتبار أنها سودانيّة الجنسيّة.

وكانت السلطات السودانيّة قد أفرجت عن مريم يحيى التي قضت محكمة في الخرطوم بإعدامها وجلدها مئة جلدة بتهمة "الردّة"، وذلك بعد إصدار محكمة الاستئناف قراراً ألغت بموجبه الأحكام السابقة الصادرة بحقها.

وقال عضو هيئة الدفاع عن مريم، الشريف علي، لـ"العربي الجديد"، إنه "تم إطلاق سراح مريم فعلياً، بعد قرار محكمة الاستئناف شطب تهمتي الردة والزنا عنها"، مؤكداً أن "القرار هو انتصار لحرية الأديان ودستور البلاد".

يذكر أنه بعدما أفرجت السلطات السودانيّة الإثنين في 23 يونيو/ حزيران عن مريم يحيى، قام جهاز أمن مطار الخرطوم باعتقالها الثلاثاء عند الساعة الثانية من بعد الظهر بالتوقيت المحلي، مع زوجها وابنيها. وأشارت المعلومات الأوليّة إلى أنهم اقتيدوا جميعا إلى مكان مجهول.

وكان الزبير قد أشار في وقت سابق الثلاثاء، إلى أن محكمة الاستئناف حتى الآن لم تصدر وثيقة رسميّة حول القرار حتى يقدّمها محامو الاتهام كمستند أمام المحكمة العليا في حال قرّروا رفع القضيّة أمامها. وقال الزبير بعد ظهر الثلاثاء أنه "موجود في هذه الأثناء في مقرّ محكمة الاستئناف، وقد أبلغت أن القرار ما زال في الطباعة وأنه لن يصدر إلا بعد أربعة أو خمسة أيام". وأشار إلى أن هذا "الأمر ينفي أن يكون ثمّة استئناف آخر أمام المحكمة العليا".

وفي التفاصيل أنه عند الرابعة من مساء الإثنين، غادرت مريم سجن النساء برفقة زوجها وطفليها بسرية تامة. وأعربت أسرتها التي ظلت متمسكة بمقاضاتها، عن صدمتها بقرار محكمة الاستئناف. وأكدت أن أمام مريم خياران: "التوبة أو الإعدام". وقد سبق للعائلة أن استأنفت قرار النيابة الذي قضى بحفظ ملف القضية في مراحلها الأولى، وتمسكت بإحالته إلى المحكمة.

وقال عضو هيئة الدفاع عثمان مبارك لـ"العربي الجديد" إن "مريم موجودة الآن في مقر آمن لحمايتها من الجماعات المتطرفة وأشقائها الذين يؤيدون إعدامها". ولفت إلى "استحالة بقاء مريم في الخرطوم"، موضحاً أن "السفارة الأميركية تعمل على تسهيل مغادرتها الخرطوم إلى الولايات المتحدة".

وتابع مبارك أن "مريم كانت سعيدة ومتفاجئة في آن بعد إبلاغها بقرار الافراج عنها"، مضيفاً: "أخبرتنا أنها لم تصدق إدارة السجن. كانت تظن أنها ستقضي بقية حياتها في هذا المكان".

وفي السياق، أكدت مصادر رفضت الكشف عن اسمها أن "السفارة الأميركية ترتب لسفر مريم وزوجها إلى أميركا مساء اليوم، بعد منحها جنسيتها".

من جهة أخرى، قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إن "الخرطوم تعرّضت لحملة ضغوط غير مسبوقة من حكومات ومنظمات وشخصيات دولية، إضافة إلى تشويه إعلامي جائر بسبب الحكم الصادر بحق يحيى". وأضافت أن "الحملة كانت تهدف إلى دفع الحكومة للتدخل في قضية أمام القضاء قبل أن تبلغ نهايتها، وتتجاهل استقلاله ومبدأ فصل السلطات، الأمر الذي رفضته الحكومة رفضاً مطلقاً".

وتابع البيان: "الآن قال القضاء المستقل كلمته في القضية التي تتعلق بمصير مواطنة واحدة (مريم)"، مضيفاً: "نود تذكير المجتمع الدولي بالظلم المتصل الذي يتعرّض له 35 مليون سوداني جراء العقوبات الأحادية الظالمة التي تفرضها حكومة الولايات المتحدة على السودان منذ 17 عاماً، من دون سند من القانون أو مبادئ حقوق الإنسان أو الأعراف الدولية".

ودعت الوزارة في البيان "الدول والمنظمات التي أبدت قلقها حيال الحكم الصادر بحق يحيى إلى التعبير عن تضامنها مع حقوق كافة أفراد الشعب السوداني، التي تنتهكها العقوبات الأحادية الظالمة ضد السودان".

وكانت قضية مريم قد شغلت الرأي العام المحلي والعالمي. وضغط المجتمع الدولي في سبيل اطلاق سراحها، بعد أن حُكِم عليها بالإعدام لتغيير ديانتها من الإسلام إلى المسيحية، وارتباطها بمسيحي يحمل الجنسية الأميركية، وينحدر من دولة جنوب السودان.

المساهمون