فوانيس غزة... أسرة فلسطينية تستغل فترة الحجر المنزلي

فوانيس غزة... أسرة فلسطينية تستغل فترة الحجر المنزلي

10 مايو 2020
جميع أفراد العائلة يتعاونون (محمد الحجار)
+ الخط -
في مدينة "الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني" في محافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، يصنع الغزي محمد اليعقوبي (42 عاماً) فوانيس رمضان الخشبية على طريقة الأقمشة والزينة المصرية، لكن رفقة أسرته المكونة من سبعة أفراد (5 أطفال وأب وأم). يتعاون هؤلاء في كامل عملية التصنيع، فكلّ واحد منهم يضطلع بدور محدد، في صنع الفانوس الخشبي الكبير، وإخراجه بالصورة النهائية المتقنة.
بدأت أسرة اليعقوبي تستغل حالة الحجر المنزلي بفكرة صنع الفوانيس الرمضانية، خصوصاً أنّ الوالد يتقن هذه الصنعة منذ خمس سنوات، بعدما تعلمها من مقاطع فيديو عبر "يوتيوب". والفوانيس من الزينة الرمضانية المنتشرة في مصر خصوصاً، ويمكن أن توضع في المحال وفي واجهات المنازل للاحتفال برمضان. تمكنت الأسرة، بكبارها وأطفالها، من إنجاز عشرات الفوانيس التي يبلغ ارتفاع كلّ منها نصف متر.
وبينما كان اليعقوبي في البداية، يحاول تسلية أبنائه الذين شعروا بالملل من الجلوس ساعات طويلة في المنزل مع توقف المدارس، ومحاولة إبعادهم عن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية، فقد وجد في الأمر فائدة مادية أيضاً. ويعتمد اليعقوبي على القماش المصري المُستخدم في زينة المناسبات وهو متوفر في غزة كما يقول، إلى جانب الورق المقوى ومادة السيليكون اللاصقة، والأخشاب الطبيعية القوية.
يشير اليعقوبي إلى أنّ موهبته في صنع الفوانيس تعاونه في فترة الحجر المنزلي، خصوصاً أنّه لاحظ أنّ رمضان سيفقد الكثير من بهجته هذا العام بفعل وباء كورونا، فبدأ في صنع الفوانيس قبل رمضان، وحظي بمساعدة زوجته وأبنائه ليصنع أكبر عدد ممكن منها، وبالفعل باع قبل أيام 20 فانوساً لزبون عرضها في متجره في مدينة خان يونس.
صنع اليعقوبي أول فانوس خشبي في حياته قبل خمسة أعوام، وظل يصنع في كلّ رمضان اثنين أو ثلاثة لأسرته أو أحد أصدقائه، لكن في ظلّ كورونا وسَّع نطاق العمل، ونقل الصنعة إلى زوجته وأبنائه، فتمكن للمرة الأولى من إنتاج 10 قطع دفعة واحدة، ثم بدأوا في الترويج لها عبر صفحته على "فيسبوك" كما عرضها على الجيران وأصحاب المتاجر، فلاقت إعجاباً وإقبالاً عليها، فتشجع لصنع المزيد.


يقول اليعقوبي، وهو موظف حكومي، لـ"العربي الجديد": "في بداية انتشار كورونا، أغلقت المدارس والمساجد والمرافق الأخرى، وتعطلت حركة النقل، فتوجهت لصنع الفوانيس عندما كان رمضان يقترب". ويحصل اليعقوبي على مبلغ بسيط مقابل كلّ فانوس يبيعه، لا يتجاوز ستة دولارات أميركية. ولا يخفي اليعقوبي أنّ أزمة الكهرباء وانقطاع تيارها يومياً 8 ساعات أو أكثر في غزة، يؤثر في إنجازه الكميات المطلوبة في الوقت المتفق عليه، وهو ما يدفعه في بعض الأوقات لتأخير تسليم الطلبات.
تصنع أسرة اليعقوبي فوانيس بأشكال عدة وأحجام مختلفة بناءً على طلب الزبائن ومن بينهم أصحاب المتاجر، وقد تمكنت حتى الآن من صنع سبعة أنواع مختلفة. ويقول اليعقوبي: "استطعت أن أدفع الأسرة إلى عمل جماعي ينمّي الابتكار والذكاء عند أبنائي الخمسة، ويحفزهم على العمل اليدوي والابتكار في أشكال ورقية وخشبية عدة. شعرت بسعادة كبيرة في ذلك، ويمكن أن نطور أفكارنا خلال الأيام المقبلة لتأسيس مشروع عائلي إذا تحسنت الظروف الاقتصادية المحلية". زاد الطلب على فوانيس اليعقوبي في الأسبوع الأخير من شعبان الماضي والأيام الأولى من رمضان، في ظل شحّ الفوانيس وعدم توفرها في الأسواق بفعل مخاوف التجار من استيرادها بكميات كبيرة من الصين مع انتشار الوباء.




قسم اليعقوبي أدوار أفراد أسرته في العمل، بين قص ولصق ومعدات وقماش. وتذكر زوجته، إيمان، أنّها في العامين الماضيين حاولت الترويج لما يصنعه زوجها وإن كان عدد الفوانيس قليلاً جداً، فتنشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يكن هناك إقبال عليها، لكن اختلف هذا العام، واقتنع الزبائن بمنتجاتهم التي تتميز عن تلك التي تصنع في الصين بمواد بلاستيكية ضعيفة وأغلى ثمناً من التي يصنعها زوجها. تتابع: "لم تكن فكرة المشروع تجارية في البداية، بل كان الهدف استثمار ساعات الحجر المنزلي لأبنائي بدلاً من خروجهم إلى الشارع بعد توقف المدرسة. أول خطوات الإنتاج كانت محصورة ضمن نطاق المنزل وللتسلية وتعلّم شيء جديد، لكنّنا فوجئنا بأنّ الفوانيس نالت إعجاب الزائرين وإقبالهم، وبدورهم طلبوا مني إعداد فوانيس رمضانية مماثلة مقابل عائد مادي، وهو ما دفعنا لتطوير المنتج وجعله تجارياً".



المساهمون