غسان عبد الخالق.. على خطى ياقوت الحموي

غسان عبد الخالق.. على خطى ياقوت الحموي

02 يوليو 2020
(رسم لإحدى المعارك أثناء الحروب الصليبية، Getty)
+ الخط -

على مدار عامين، شكّل المؤرخ والجغرافي ياقوت الحموي (1179 – 1229 م) محور اهتمام واشتغال الباحث والناقد الأردني غسان عبد الخالق، حيث واضب على قراءة آثاره وكلّ ما يقع بين يديه حوله، في محاولة لتوظيف هذه التراجيديا الشخصية في الإجابة عن أسئلة كانت مطروحة سابقاً ولا تزال حول الحموي بوصفه مثقفاً ورحّالةً.

مردّ هذا الاهتمام هو اشتغال عبد الخالق على مشروع عمل يقارب فيه صاحبَ "معجم البلدان" كونه يمثّل محوراً لمروحة أحداث كانت تعصف بالوطن العربي، ضمن جملة مفارقات أتت في سياق مدّ شعبي ورسمي للتصدّي للفرنجة، وهو الذي كان صديقاً للمؤرّخ عز الدين بن الأثير (1160- 1233 م) الذي وثّق الحروب التي خاضها ضدّهم صلاح الدين الأيوبي.

"معجم القلوب؛ الكوكب المنسي في رحلة ياقوت الحموي" عنوان الرحلة الروائية الثانية لعبد الخالق، والتي صدرت عن "دار فضاءات"، وكُتبت وفقاً لأدب السيرة الذاتية من منظور الحموي الذي وجّهها إلى صديقه ابن الأثير، وبدأها برسالة افتتح بها الكتاب.

جاء في الرسالة: "طالما ألححتَ عليّ بشأن الإسهاب في سرد سيرتي الذاتية، بكل تفاصيلها الكبيرة والصغيرة، لأنك لم تقتنع بما كتبته عن نفسي في "معجم الأدباء" وهل توقّعتَ أن أكتب عن نفسي أكثر من ذلك حقاً؟ ماذا سيقول الناس؟ ياقوت الحموي يصنّف معجماً للأدباء، ويحشر نفسه بينهم ثم يخصّهم بالاستطراد والتطويل!".

يقارب العمل مأساة اختطاف ياقوت وهو في الخامسة من عمره وبيعه في سوق النخاسة ببغداد، وما أعقب ذلك من مفارقات تمثّلت في إقدام التاجر البغدادي عسكر الحموي على ابتياعه وتبنّيه وتعليمه ثم إرساله للمتاجرة؛ ما جعل منه رحّالة ومثقّفاً جوّالاً، ثم إعتاقه؛ ما دفع به لاحتراف الورّاقة والتطواف في أرجاء الجزيرة العربية ومصر وبلاد الشام والعراق وإيران وخراسان، ثم اضطراره للفرار من مرو بعد أن طرقت أسماعه أنباء عن قرب اجتياح المغول لخوارزم، ومعاناته الشديدة طوال الطريق إلى الموصل ثم حلب التي أقام فيها حتى رحيله.

وانطلاقا من اعتراف عابر لياقوت الحموي أثناء إقامته في نيسابور، ينشئ الكاتب على لسان السارد، قصة حب جارفة جمعته بالجارية زمرّد، مازجاً بعد ذلك، بين همّه كمعتوق عاشق وهمّه كرحّالة مثقّف وهمّه كشاهد عيان على تدهور أحوال الدولة الأيوبية، وما تخلّله من مفاصل تاريخية حاسمة ودلالات حضارية فارقة، فضلاً عن استحضار العديد من مشاهد الحياة العامة الشامية والمصرية. 

يتابع في موضع آخر من رسالته: "وحتى لا تُفاجأ، فقد ضمّنت هذه السيرة، بعض الوثائق المستمدّة من "معجم البلدان" و"معجم الأدباء"! ولا أدري إن كنتُ قد وفّقت في هذا الاجتهاد، لكني رغبت في إضفاء شيء من الواقعية الوثائقية على ما كتبت، ومن يدري؟ فلعلّ من يأتي بعدنا، ينتحل لهذا الذي ابتدعته وصفاً لم يخطر ببالي، كما ابتدعوا وصفاً لحكايات الهمذاني والحريري اللذين دفعني ما ورد في بعض حكايتهما من مغالطات جغرافية، إلى إنشاء معجمي البلداني".
 

المساهمون