غرام "العيش" البلدي المصري ينتقل إلى نيويورك

غرام "العيش" البلدي المصري ينتقل إلى نيويورك

12 يونيو 2015
هدى تمارس مهمتها بسعادة ونشاط
+ الخط -


"منذ أن قدمت إلى أميركا قبل نحو 13 عاماً، لم أتمكن من العثور على الخبز المصري البلدي، ولطالما تساءلت عن السبب، إلى أن ذهبت إلى مصر للتدرب على صنع عجينته وتعلم كيفية خبزه، وهناك أدركت مدى صعوبة القيام بذلك. فـالخبز البلدي أو "العيش البلدي" كما نسميه في مصر، هو الشيء الوحيد الذي يحضره كثير من المصريين في حقائب سفرهم عندما يعودون من مصر".

هكذا بدأت هدى عثمان تروي قصة مشروعها "بلدي" لـ"العربي الجديد". فهذه الشابة المصرية والأم لطفلين، واحدة من بين كثير من المصريين الذين يعيشون في أميركا، ولا يكفون عن الاشتياق لأم الدنيا ولخبزها البلدي اللذيذ.

هدى التي استغرقت رحلتها في تعلم خبز "العيش البلدي" عاماً كاملاً، بدأت تبحث عن فيديوهات على "يوتيوب" وغيرها من المصادر في محاولة لتعلم سر عجن وخبز "البلدي"، ولكنها لم تجد أي فائدة من تلك المواقع، ما دفعها إلى التفكير بضرورة التوجه إلى مصر وقضاء بعض الوقت لتعلم الصنعة على أصولها.

تقول هدى: "سافرت إلى مصر وزارت المخابز الحكومية، ومن ثم تدربت على يد سيدة تدعى أم محمد كانت تصنع الخبز البلدي في أحد المطاعم، وأمام أعين الزبائن. ما يميز عجينة الخبز البلدي عن غيرها هو أنها مرنة جداً وأقرب إلى السائلة، الأمر الذي يجعل التحكم بها وبصبّها صعباً ويتطلب مهارة عالية. يتم خبز الخبز البلدي باستخدام نفس الأساليب البسيطة من العصور القديمة. نخالة القمح الموجودة على قشرة الرغيف هي ما تميزه وتعطيه نكهته الخاصة".

وتضيف هدى، أن مشوارها في تعلم فن صناعة الخبز لم ينته بعد عودتها من مصر "بعد إتمامي فترة التدريب هناك، عدت إلى نيوجيرسي حيث أعيش مع عائلتي، وبدأت أقرأ من كتب الطبخ المتاحة هنا حول فنون وقواعد الخَبْز تحديداً، كذلك سجلت في دورات مختصة، إلى أن شعرت بجاهزيتي لبدء المشروع".

"بلدي" هو الاسم الذي اختارته هدى لمنتجها الجديد، الذي اتفقت على تجهيزه من خلال مخبز محلي يديره رجل كوبي أميركي في الحي. وبما أن مشروعها الحديث لا يزال في بدايته، فإن إنتاجه يعتمد بشكل كبير على الطلبيات التي تقول هدى إنها فاقت التوقعات: "تأتينا الكثير من الطلبيات. نقوم بتجهيز الأرغفة وتغليفها في الأكياس، وإرسالها إلى العناوين المرادة. كثير من الناس مستعدون لدفع 8 دولارات رسوم شحن الخبز إليهم. ولا يقتصر ذلك على منطقتي نيويورك ونيوجيرسي، فاليوم أرسلنا طلبية من 200 رغيف لأحد المحلات في كاليفورنيا".

وفي أسواق المزارعين تنصب هدى كشكها "البلدي"، ليجذب كل مرة عدداً أكبر من المتسوقين الذين يبدون إعجابهم بمذاقه اللذيذ.

الأميركية لين براونشتاون، تحرص على شراء الخبز المصري كل أسبوع "كنت من أوائل المعجبين بهذا الخبز. لقد أدمنت أنا وعائلتي عليه. إنه خفيف على المعدة، وأكثر طراوة من خبز "البيتا" التقليدي. كما يمكن استخدامه مع الكثير من الأطعمة. لا أدري كيف كنت أعيش من دونه".

وتعرض هدى في هذا الكشك مجموعة من أطباق الجبن، والفول، ومتبل الباذنجان، واللحم المتبل التي حضرتها خصيصاً، لإتاحة الفرصة أمام زبائنها لتذوق الخبز مع هذه التغميسات الشهية. فكثير من الزبائن ليسوا من العرب وليس لديهم أي خلفية عن كيفية تناول الخبز البلدي.

على غلاف كيس الخبز كتبت عبارة "خبز بنخالة القمح، طبيعي وخالٍ من المواد الحافظة"، وفي ذلك تأكيد على أنه منتج عضوي. هدى تفسر "أصبح لدى الناس في الولايات المتحدة وخصوصاً في جزأيها الشرقي والغربي، وعي وإدراك صحي أكبر حول ما يأكلون. خبزنا مصنوع من مواد طبيعية خالية من المواد الحافظة. نستخدم مكونات محددة هي الدقيق، والماء، ونخالة القمح العضوية، والخميرة، والسكر العضوي، وملح البحر. خبزنا نصنعه بأيدينا، ونخبزه في اليوم الذي يتم بيعه".

وترى هدى أن نيويورك وجيرسي سيتي هما مكانان ملائمان لمشروعها، لا سيما مع تنوع خلفيات سكان هاتين المدينتين الأميركيتين اللتين يعيش فيهما أناس من كافة أنحاء العالم. تقول هدى: "بغض النظر عن خلفيات الناس هنا، فهم مرتاحون جداً مع الثقافات والمأكولات المختلفة، وهم على استعداد لتجربة الأشياء الجديدة دائماً".

وإلى أن يصبح للرغيف البلدي المصري مكان على رفوف متاجر البقالة الأميركية الكبرى في المستقبل، ستواصل هدى وفريقها العمل لتعريف المستهلك به، والتوسع بإنتاجه مع الحفاظ على نوعيته وجودته.

اقرأ أيضاً:
الأطعمة المزيّفة.. حين خدعتنا أمهاتنا لإسعادنا

دلالات

المساهمون