عن دبلوماسية السلطة الفلسطينية

عن دبلوماسية السلطة الفلسطينية

08 اغسطس 2014
+ الخط -


يقول المأثور الشعبي "المرجلة بتبان وقت الشدائد"، حينما يقع المرء في أزمةٍ ما، يظهر الوجه الحقيقي له، ويقاس فيها درجة وعيه وصموده، وقدرته على إدارة هذه الأزمة، وما قد يتبعها من اختبار لصبره وتحمله، وحنكته في التعامل مع هذا الجديد الطارئ. وينطبقُ هذا المأثور، جملةً وتفصيلاً، على واقع الحال الذي تعيشه السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي تمر، اليوم، في أزمة واختبار وطني وأخلاقي حقيقيين، فالعدوان الذي يشنه الاحتلال على قطاع غزة، وكل فلسطين، وضع الجميع على المحك من دون مواربة.

لنفترض جدلاً أن سكوت السلطة في هذه المرحلة، هو من دواعي الدبلوماسية، فالأخيرة تستخدم مخرجاً لتحقيق مصالح للشعب. لكن، أن تكون الدبلوماسية من دون هدف، أو يكون استخدامها شماعة للخروج من حالة يفرضها واقع مرير، كما هو الحال في فلسطين، فهنا يحق لنا وضعه في خانة الذل والتهاون، وبالفعل، هذا ما يمكن إسقاطه على حالة السلطة، التي تواجه، اليوم، سخطاً كبيراً في الشارع الفلسطيني، تُرجم  في المسيرات، التي  خرجت وتخرج يومياً، منددةً بجرائم الاحتلال وخنوع أجهزة الأمن الفلسطيني التي قمعت هذه المسيرات، في محاولة بائسة لوأدها، ناهيك عن التنسيق الأمني، الذي ما زال قائماً، على الرغم من العدوان الهمجي الذي يشنه الاحتلال.

عندما راهن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وقيادة حركة فتح، على حماية المشروع الوطني، رتب عليهم ذلك متطلبات كثيرة لهذا الرهان، والذي بدا واضحاً للجميع أن الحركة لم تفِ به، بل على العكس، فعلت كل ما من شأنه أن يؤلب الشارع الفلسطيني ضدها، وكل مبررات ضد أي انتقاد لهذه السلوكيات، غير مقنع، طالما أن الاحتلال يمعن في قتل الفلسطيني، ويحاول إذلاله بكل السبل، بالتنسيق مع السلطة ورئيسها.

لا مبرر للسلطة، اليوم، أن تقف مكتوفة الأيدي في هذه الظروف الصعبة، وحيال ما يحدث، الآن، على الأرض، طالما أن المفاوضات، التي استمرت سنوات، لم يحصد منها الفلسطيني غير مزيد من التهويد، وبناء المستوطنات، واعتداءات المستوطنين المتكررة، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي فرضتها سياسة الاحتلال. يعرف أبناء حركة فتح، حقاً، أن نهج الرئيس عباس، لم يفض إلا إلى مزيد من حالة الاحتقان ضد السلطة وأجهزتها، مما يفسر الخلاف، الذي نشب بين الرئيس عباس وبين أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح في اجتماعها الأخير، لكن، حتى هذه اللحظة، ظل موقف هؤلاء محشوراً في الزاوية، ولم يترجم إلى فعل حقيقي من شأنه أن يخفف حالة الاحتقان ضد حركة فتح وأجهزة السلطة، ويخرجها من المربع المظلم.

مؤسف فعلاً أن السلطة، ممثلة برئيسها، تلعب دور الوسيط بين الاحتلال وحركة حماس، وكأن الأخيرة تعيش في جزر القمر، فأمام السطلة اليوم خياران مهمان، الأول التوقيع على نظام روما الأساسي الخاص بمحكمة الجنايات الدولية، لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، والثاني تبني الخيار المسلح، وإطلاقها الأجهزة الأمنية في المدن للدفاع عن الشعب، ومن دون ذلك، تبقى السلطة ورئيسها وأجهزتها الأمنية، "أراجوزاً" بيد الاحتلال، كما وصفها منتفضون في الشارع الفلسطيني.

A9601A51-0D13-4CEC-ACE3-1E0342201660
A9601A51-0D13-4CEC-ACE3-1E0342201660
تحسين ياسين (فلسطين)
تحسين ياسين (فلسطين)