علي طارق:القطاع المصرفي العراقي لم يصل إلى مستوى الطموح

علي طارق:القطاع المصرفي العراقي لم يصل إلى مستوى الطموح

04 يوليو 2016
المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة في العراق علي طارق
+ الخط -
أكد المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة في العراق علي طارق، أن إنشاء مؤسسة ضمان الودائع يساهم في إزالة الخوف لدى المواطن ويزيد الثقة بالقطاع المصرفي، داعياً في مقابلة لـ "العربي الجديد" إلى إنشاء محكمة مالية للنظر بالقضايا المصرفية
وهنا نص المقابلة:

*ما هو دور رابطة المصارف الخاصة في دعم القطاع المصرفي العراقي؟
تأسست رابطة المصارف الخاصة عام 2004. تضم في عضويتها 45 مصرفاً خاصاً وفروعاً للمصارف الأجنبية العاملة في العراق. تقوم الرابطة بأدوار عديدة أهمها، أنها الممثل الشرعي للقطاع المصرفي الخاص، كما أنها تعمل على تهيئة الأجواء المناسبة للمصارف الخاصة وتحسين قدراتها. وتلعب دور الوسيط بين البنك المركزي والمصارف الخاصة عبر نقل معوقاته وهمومه ونشاطاته مما يسهل عملها. بالإضافة إلى ذلك تساهم في بناء قدرات القطاع المصرفي عن طريق تدريب العاملين بمختلف المستويات، كما لديها ذراع إنسانية عبر دعم حملات تتعلق بالمشاريع الإنسانية مثل حملة "أهلنا" لرعاية النازحين.

*ما هو حجم رأس مال المصارف الخاصة، وهل يعتبر حجمه مناسباً أو ضعيفاً نسبياً؟
يبلغ رأس مال المصارف الخاصة 250 مليار دينار (197 مليون دولار). وفي الوضع الاقتصادي الحالي، يعتبر مناسباً.
ولا بد من الإشارة إلى أنه ليس من المهم أن يكون رأس المال كبيراً، بل أن يكون لهذه المصارف ودائع حقيقية وثقة عند الجمهور حتى يقوم بإيداع أمواله، لأن الودائع تحرك المصارف وليس رأس المال.

*لماذا يتركز عمل المصارف في العاصمة بغداد، ويضعف في باقي المحافظات؟
تنتشر المصارف الخاصة في جميع المحافظات، وأغلب المقرات الرئيسية في بغداد كونها العاصمة وتمثل الثقل التجاري. ونطمح في زيادة الانتشار الأفقي لفروع المصارف. وبحسب المعدل العالمي، فإنه لكل عشرة آلاف نسمة مصرف، بينما في العراق، فإن لكل 30 الفاً مصرفاً.

كيف تفسرون غياب الثقة بالمصارف الخاصة العراقية؟
بصورة عامة، لا يوجد ثقة في القطاع المصرفي. ومن أجل تدعيم الثقة، يجب القيام بعدة أمور، منها إزالة الخوف لدى المواطن، وقد أقر مجلس الوزراء مؤخراً قانون مؤسسة ضمان الودائع، الذي من شأنه أن يزيد الثقة بالمصارف الخاصة، فالمصارف الحكومية مؤمنة من قبل وزارة المال.

*هل تعتبرون أن هذا الإجراء كفيل بإزالة الخوف والقلق من المصارف الخاصة؟
كلا لا يمكن اعتباره إجراء كفيلاً بذلك، ولكن يساعد بشكل كبير جداً في إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وعلى المصارف أن تثبت أنها أهل لاستلام الودائع، خصوصاً أن البنك المركزي وضع شروطاً عديدة للمصارف وحدد مهلة ثلاثة أشهر للمصارف المتعثرة لإصلاح واقعها، وهذه المصارف وإن كانت قليلة إلا أنها أثرت على القطاع المصرفي بصورة خاصة، لأن السمعة المصرفية سمعة جامعة، وعندما اتخذ البنك المركزي هذا الإجراء الخاص بعودة هذه المصارف إلى وضعها الطبيعي، فإنه بلا شك أمر يعزز الثقة بالمصارف الخاصة.

*لماذا لا نلاحظ دمج بعض المصارف الخاسرة بمصارف أخرى؟
هناك تحفيزات عديدة من أجل دمج هذه المصارف، قام البنك المركزي بتقديمها، وقريباً سيتم دمج مصرفين.

*كيف تقيمون القطاع المصرفي العراقي بصورة عامة؟
لم يصل القطاع المصرفي العراقي إلى مستوى الطموح، ولا ننسى أن القطاع المصرفي الخاص لا يزال قطاعاً جديداً، حيث بدأ هذا القطاع في العام 1992، وأغلب المصارف بدأت نشاطها بعد عام 2003. إلا أن الظروف التي أحاطت ببيئة العمل المصرفي في العراق بعد العام 2003 لم تكن مؤاتية. أضف إلى ذلك، فإن القطاع المصرفي يعاني نقصاً في القوانين والتشريعات، ونحن نطمح بالتعاون وبدعم المؤسسات الحكومية، في أن يلعب القطاع المصرفي دوراً كبيراً.

*كيف ترون واقع الخدمات الخاصة بالقطاع المصرفي العراقي، مقارنة بالدول المجاورة؟
إذا كان القطاع المصرفي لا يقدم جميع الخدمات إلى الجمهور، فعليه مستقبلاً تقديمها، خصوصاً أن البنك المركزي ركز في استراتيجيته 2016 – 2020 على الخدمات المصرفية. أضف إلى ذلك فإن المصارف لجأت إلى نافذة بيع العملة، واعتبرته المورد الرئيس بسبب انخفاض نسبة المخاطر، واليوم هناك تحركات جدية لتطبيق تكنولوجيا المعلومات في المصارف وتقديم قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفي المستقبل سنزيد من الخدمات المصرفية للوصول للدول المجاورة، على أقل تقدير.

*ما هي أبرز التشريعات التي تحتاجها المصارف الخاصة؟
سًن قانون المصارف في عام 2004 إبان سلطة الائتلاف المؤقتة، ولكن الوضع تغير اليوم، والمطلوب تعديله لينسجم مع المرحلة الحالية. ونطمح أن يقوم البرلمان بإقرار قانون ضمان الودائع، وقانون المحكمة المالية لإنشاء محكمة مالية متخصصة للنظر بالقضايا المالية والمصرفية وهذا ما سيحمي القطاع المصرفي.

*ما هو دوركم في إزالة التوتر بين المصارف الأجنبية المراسلة والمصارف الخاصة؟
لا شك أن العلاقة بين المصارف الخاصة والمصارف الأجنبية المراسلة ليست أمراً يسيراً بسبب الوضع العام في البلاد، الذي أثر على الاقتصاد وانعكس سلباً على القطاع المصرفي وعمله مع المصارف المراسلة. ويعود السبب في ذلك إلى التصريحات غير المسؤولة من الحكومة العراقية تجاه القطاع المصرفي واتهامه بشتى الاتهامات منها غسيل الأموال وتهريبها، مما أثر على سمعة الاقتصاد الوطني وعلى المصارف الخاصة. وإن كان هناك مصارف غير ملتزمة، يجب أن تشخص بأسمائها وعلى القضاء أن يفصل بهذه القضايا إذ إن معظم التصريحات لا تحتوي على أدلة نهائياً.
من جهة أخرى، لعب البنك المركزي دوراً كبيراً في إزالة التوتر وسيصار قريباً إلى إصدار لائحة حول عمل المصارف في مكافحة غسيل الأموال، كما أصدرت الدولة العراقية قانوناً لمكافحة غسيل الأموال، وقامت رابطة المصارف مؤخراً بتخريج الدفعة الأولى من المختصين بمكافحة غسيل الأموال الذين يحملون شهادة من مؤسسة ACAMS الأميركية في مكافحة غسيل الأموال والإرهاب.

*ما هي صحة الاتهامات الخاصة بانتشار الفساد والموجهة إلى المصارف الخاصة للمشاركة في مزاد العملة الذي يقيمه البنك المركزي؟
لا يمكن القول بأنه مزاد، وإنما نافذة لبيع العملة الأجنبية، وهي قضية قانونية شرعها القانون العراقي، ويراقبها البنك المركزي وبإمكان أي مصرف الدخول إلى هذه النافذة عبر تقديم الأوراق إلى المركزي. كما أن أكثر الانتقادات التي توجه إلى المصارف المشاركة ليست لها أساس من الصحة وتفتقد إلى الوثائق. إلى ذلك، فإن دعوات تخفيض العملة الأجنبية المباعة في النافذة تتطلب تخفيف حجم الاستيراد، لأن قيمة ما يتم استيراده مرتفعة جداً، ورأينا ذلك عندما خفض البنك المركزي مبيعاته اليومية في النافذة إلى 75 مليون دولار، وكيف انعكس ذلك سلباً على السوق، حيث ارتفع سعر الدولار نحو 25%.

هل أنتم مع إلغاء نافذة بيع الدولار؟
أعتقد أن إلغاء نافذة بيع الدولار أمر غير منطقي وغير صحيح، وسيتسبب في حصول ارتفاع هائل في سعر الدولار، لأن البنك المركزي هدفه من هذا الأجراء توفير الدينار إلى وزارة المال التي تستلم أموال النفط بعملة الدولار، وعليها التزامات مالية كبيرة بالدينار منها توفير رواتب الموظفين واحتياجات الدولة، لكن إذا جرى تنفيذ الاعتمادات المستندية بدلاً من نافذة بيع العملة فهو أمر جيد، من شأنه حماية العملة الصعبة.

ما هو سبب التراجع الكبير في طلب الائتمان؟
يعود التراجع في طلب الائتمان إلى الخطر الكبير الموجود في السوق والوضع العام للبلد. واتخذ البنك المركزي مبادرة مهمة جداً لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفرض على المصارف أن تكون نسبة الفائدة كحد أعلى عند 4.7%، إلا أن هذا القرار يواجه العديد من المشاكل، منها ضعف الاستجابة من قبل المواطن، ونحن نطمح في المرحلة القادمة مع التسهيلات التي يقدمها البنك المركزي وتعاون وزارة المال في تحفيز هذا المشروع ونهضته، وتمويل شريحة من المواطنين.

*لماذا ترفضون خصخصة المصارف الحكومية الآن؟
تعدُ خصخصة المصارف الحكومية في الوقت الحالي إجراء غير مجد، لأن المصارف ما زالت تستخدم أنظمة قديمة، ولذا فإن خصخصة هذا القطاع، تحتاج إلى إعادة ترتيب وضع المصارف، وتطوير عملها وفق أسس علمية، وبعدها من الممكن النظر إلى موضوع خصخصتها. علينا أن ننظر إلى تجارب الدول في المنطقة التي لا تملك مصارف حكومية باستثناء مصر.

هل أقرضت المصارف الخاصة الحكومة؟
كلا. لم تقرض المصارف الخاصة الحكومة بصورة مباشرة، لكن قمنا بشراء سندات من البنك المركزي وهذا يعتبر نوعاً من أنواع الإقراض، وفي الأيام المقبلة سنشتري سندات أيضاً.

بعض المسؤولون يتهمون البنك المركزي بالتعاطف مع المصارف الأجنبية على حساب المصارف الخاصة، ما هو ردكم؟
لا صحة لهذه الاتهامات، البنك المركزي يتعامل مع المصارف بأسلوب واحد، وقد طلب البنك المركزي من المصارف الأجنبية زيادة رأس المال من 7 ملايين دولار إلى 50 مليون دولار.

هل تشاركون الحكومة في إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش؟
اجتمعت المصارف الخاصة قبل شهرين مع صندوق إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش وجمعت أكثر من مليار دينار لدعم الصندوق وإقامة مؤتمر لإعمار المناطق المحررة.


بطاقة: علي طارق، هو المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية، شغل عدة مناصب، من بينها مدير برنامج أقدم لمشروع تجارة للتنمية الاقتصادية في المحافظات، ومدير تنفيذي للشبكة العراقية للتمويل الأصغر لمدة سنتين

 

المساهمون