على هامش الأزمة في أوكرانيا...أوباما الفاشل

على هامش الأزمة في أوكرانيا...أوباما الفاشل

18 مارس 2014
+ الخط -

لم يستطع أحدٌ أن يأخذ تصريحات الرئيس الأَميركي، باراك أوباما، على محمل الجد، ولم تنفع لهجته العنيفة، أَحيانا، في أَن تجعلها ذات مصداقية. فهذا الرجل تفنن، منذ البدء، في خسران أَصدقائه وحلفائه. وحتى في المسائل التي وجدت فيها الولايات المتحدة الأَميركية نفسها في حالة صراع، كان أوباما يُجرجر خطاه خلف حلفاء سبقوه، في ليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى وسوريا وغيرها... بل إِنه أَغضب وأَهان أَقرب حلفائه، الفرنسيين في المأساة السورية، حين كان فرانسوا هولاند، المتردد دوماً، مستعداً، هذه المرة، لمعاقبة بشار الأسد على إِبادته شعبه بالسلاح الكيماوي، لكن الفائز بجائزة نوبل للسلام تردد، وتلقف الاقتراح الروسي الماكر، وأَظهر حليفه العائد، حديثاً، إلى القيادة العسكرية في "الناتو"، بمظهر الذليل المهزوم، كما صوَّرَتْهُ كراكيزُ القنوات التلفزية الفرنسية.      

تختلف الأزمات والبلدان، لكن موقف أوباما واحد لا يتغير. يتردد في اتخاذ المواقف، بل لا يتخذها، أَصلا، فيخسر أَصدقاءَهُ وحلفاءَه، وحتى الشعوب التي تصورت أَنَّ جائزة نوبل للسلام ستشجعه على الانتصار للمظلومين، والدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، فقدت الأمل، وتأكدت أن لا حليف لها سوى دمها تقدمه قرباناً للحياة.

من كان يعتقد أَن مواقفه المترددة ستعيد العالم إِلى نوع جديدٍ، ومقيتٍ من الحرب الباردة، تستفيد من أَجوائها أَنظمةٌ فاسدةٌ، "تقدمية" و"ممانعة"، ومن كان يتصور أَن يساهم تردده الكبير في خروج المارد الروسي من قمقمه، وبداية نوع شبيه بـ "الإمبريالية الروسية" التي بدأت تهدد بعض جيرانها، وتساوم آخَرين. ووصلت شعبية الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى 69 % من الروس. "إن أنصار الرئيس بوتين يصفقون... وأخيراً يمتلك الروس رئيساً جريئاً، وكل شيء على ما يرام في السياسة الداخلية"، كما تقول أولغا كريشتانوفسكايا من مركز دراسات النخب في أَكاديمية العلوم بموسكو.

 لو كانت الولايات المتحدة يحكمها أي رئيس أميركي غير أوباما، لما ظهر بوتين بهذه الطريقة الوقحة. والغريب أَن الأَميركيين لم يستفيدوا من إرهاصات كبيرةٍ، كانت تنذر بمواقف بوتين غير المسؤولة أَحياناً، فقد رأوا الجيش الروسي يسحق جورجيا، ورأوا التدخل الروسي، منذ البداية في السياسة الأوكروانية الداخلية، يخلعون من يشاءون وبُنصِّبون من يشاءون، ويستخدمون تارة الغاز، وتارة أخرى السكان الناطقين بالروسية سلاحاً للابتزاز. كما أن الأميركيين رأوا من قبل، وعلى مدى أَكثر من ثلاث سنوات، مختلف الدعم العسكري والسياسي الروسي للنظام السوري المتداعي، ولم يفعلوا شيئاً.

ما الذي يمكن لباراك أوباما، وقد أصبح، الآن، من بين الرؤساء الأميركيين الأقل شعبية، أن يفعله، لرد الاعتبار للهيبة الأَميركية، غير الاستيلاء "السهل" على سفينةٍ تحمل نفطا مهربّا من ليبيا؟

استُقْبِل الرئيسُ المنتخب في بداية حكمه في جامع الأزهر الشريف، فوعد بحل معضلة الفلسطينيين، ولم يفعل. وعد بإغلاق سجن غوانتانامو فلم يفعل. ووقّع على صفقات مع الإيرانيين من دون إطلاع أَقرب حلفائه في مجلس التعاون الخليجي. ولا يدري ما الذي يجب فعله في مصر، بعد إسقاط حكم ديمقراطي فيها، على الرغم من قوة التأثير في مصر وفي حلفائها الجدد.

ما الذي يمكنه أن يفعل في القرم؟ مثل أَسد جريح ومُهان، تحدَّثَ عن لغة العقوبات (سبعة مسؤولين حكوميين وسياسيين روس)، علماً أن الاسم الوحيد والأوحد الذي يَجِبُ وضعُهُ على رأس القائمة هو بوتين، وليس الرئيس "الدمية الروسية" المطاح به في أوكرانيا، ولا نواب رئيس الوزراء الروسي. لكن، يبدو أن أوباما نسي أَن الروس بارعون في صناعة الدمى، وأَن الدمية الكبيرة التي تمثل أوكرانيا قادرة على إِخفاء دمى صغيرة، وكلها قنابلُ موقوتةٌ تعني أَن الروس قادرون على أَن يضربوا في أَمكنةٍ أخرى، ستجعل من باراك أوباما أُضحوكة في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة. وسيأتي أُناس من اليمين الأَميركي العنصري، ليحكموا على السود بالفشل الأبدي.    

الثابت أَنَّ الجميع مُجمعٌ على أن باراك أوباما رئيس فاشلٌ، بمختلف المعايير.