صحافة إسرائيل تستند لنظيراتها الأميركيّة لتحميل كيري مسؤوليّة الفشل

صحافة إسرائيل تستند لنظيراتها الأميركيّة لتحميل كيري مسؤوليّة الفشل

02 ابريل 2014
كيري لن يعود إلى المنطقة حالياً (جاكلين مارتن، Getty)
+ الخط -

تلتزم حكومة بنيامين نتنياهو الصمت حيال تطورات الليلة الماضية التي أدت إلى تعثّر صفقة الأسرى وتمديد المفاوضات، ولو مؤقتاً، بينما وجدت الصحافة الإسرائيلية ضالّتها في مقالين نُشرا في صحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" الأميركيتين، اليوم الأربعاء. وحمّل المقالان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، واستراتيجيته التفاوضية، مسؤولية الفشل، وهو ما أبعد النقاش عن الدور الإسرائيلي في فشل المفاوضات، من جهة، وأزاح الضوء عن المكاسب التي تجنيها إسرائيل منها، سواء تمّت كما كان مخططاً لها أم توقفت كلياً، من جهة ثانية.

وأبرزت صحيفتا "هآرتس" و"معاريف" افتتاحية "واشنطن بوست"، كمؤشر ومرجعية يمكن الاعتماد عليهما في تحليل أسباب فشل الصفقة. ونقلت "هآرتس" ما كتبته "واشنطن بوست" عن أنه "على الرغم من أن كيري وزّع اهتمامه، خلال المفاوضات، بين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلا أنه لم ينجح في إقناع الطرفين بتغيير مواقفهما".

وتمضي "واشنطن بوست" قائلة إن "الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي المسجون في أميركا، جوناثان بولارد، بدا طريقاً لكسب الوقت والامتناع عن الاعتراف بالفشل".

وأضافت أنه "على الرغم من فشل إدارة أوباما خلال ولايته السابقة، إضافة إلى انعدام الثقة البارزة ين نتنياهو وعباس، إلا أن كيري راهن على أن بمقدوره إقناع رئيس السلطة الفلسطينية بشروط رئيس حكومة إسرائيل". ومع أن "واشنطن بوست" تشير أيضاً إلى أن رفض عباس القبول بشروط نتنياهو هو ما دفع الأخير إلى عدم إطلاق سراح الدفعة الرابعة، لكنها تضيف بأنه "لا يجوز للولايات المتحدة أن تقدم بوادر حسن نية إضافية على هيئة الإفراج عن بولارد".

كما استندت "هآرتس" إلى افتتاحية الـ"ديلي نيوز أميركا" أيضاً، التي كتبت أن "حالة السكر" التي ألمّت بكيري من فكرة تحقيق سلام في الشرق الأوسط، حوّلت الضغوط في هذا السياق إلى "وجبة طعام" لا يمكن تناولها، واليأس الأميركي البارز نتج عن "التخريب المنهجي الذي اتّبعه أبو مازن عندما اختار التوجه إلى المؤسسات الدولية". وتؤكد الصحيفة الأميركية أن اللعبة انتهت ولم يعد لدى حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، ولهفة أوباما وكيري، من أمل.

من جهتها، أبرزت "معاريف" ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن الخطوة الفلسطينية كانت عبارة عن رافعة وأداة، هدف الفلسطينيون من ورائها إلى زيادة الضغط على إسرائيل وليس إفشال المحادثات، بدليل أن عباس لم يتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بعد، وهو أكثر ما يخيف إسرائيل اليوم. ونقلت الصحيفة عن موظف أميركي رفيع المستوى قوله إن إلغاء زيارة كيري إلى رام الله يعكس نفاد صبر البيت الأبيض الذي يعتقد أن قدراته هنا محدودة، وأنه على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تخليص أنفسهما من هذا الطريق المسدود.

أربعة مكاسب مهمة لنتنياهو

وعلى صعيد حساب المكاسب والخسائر، فقد اعتبر المحلل العسكري لموقع "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أن نتنياهو حقق في الواقع مكاسب لا يُستهان بها، إذ "تمكّن من توظيف ضائقة كيري ويأسه لانتزاع التزام مبدئي من الأميركيين بتحرير بولارد". وأشارت "يديعوت" إلى أن هذا "الانجاز يمنح نتنياهو امتيازات عدة في الوضع الحالي، فيمكّنه من تحييد معارضة الجناح اليميني في حكومته لصفقة تحرير الأسرى، مع تحرير أسرى إضافيين بالجملة، وتجميد جزئي للاستيطان مقابل تمديد المفاوضات".

ويرى بن يشاي أن "المكسب الثاني يتمثّل في الشق الإنساني لتحرير بولارد". ويخلص إلى أن "نتنياهو تمكّن، ثالثاً، من تفادي شرخ مع الولايات المتحدة بفعل وقف المحادثات. والمكسب الرابع هو في ضمان استمرار الوضع القائم في الأراضي المحتلة لعام إضافي، وهو ما سيمنع الفلسطينيين من انتهاز الدورة المقبلة للهيئة العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر/ أيلول المقبل، لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية، وبدرجة لا تقل أهمية، ضمان عدم اندلاع انتفاضة جديدة". ومع أن بن يشاي يرى أن فرص واحتمالات اندلاع انتفاضة جديدة هي ضئيلة، إلا أنه يوضح أن "من شأن كل تغيير حادّ أن يجرّ إلى نتائج غير متوقعة على ضوء الوضع الراهن في الشرق الأوسط، مع أن إسرائيل غير معنية حالياً بهزّ السفينة".

وكان الكاتب في "هآرتس"، عاموس هرئيل، قد قال في مقالته، اليوم الأربعاء، إن التردد الأميركي والانتظار الذي ميّز سياسة إدارة أوباما في ملفي سوريا وإيران، طغيا أيضاً على الملف الفلسطيني، وقادا إلى تعثّر الصفقة.

ويمكن القول إنه، على الرغم من التعلُّق بحبال تحميل كيري مسؤولية الفشل، إلا أن الرأي السائد في الصحف الإسرائيلية يفيد بأن الصفقة ستتم لاحقاً، بدليل صمت نتنياهو وإعلان كيري أن عباس التزم بمواصلة المفاوضات لغاية الموعد النهائي المقرر في 29 أبريل/ نيسان الحالي، وهو ما يتيح المجال أمام مواصلة الاتصالات حول شروط تمديد المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.

المساهمون