شح مائي في بلاد دجلة والفرات... والفلاحون يهجرون الأرض

شح مائي في بلاد دجلة والفرات... والفلاحون يهجرون الأرض

11 يوليو 2016
الزراعة تتعرض للإهمال في العراق (علي السعدي/ فرانس برس)
+ الخط -
تقف عدة عوامل وراء تدمير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في العراق، منها نقص المياه وعدم استخدام الري بالصورة الصحيحة وسيطرة الخضار المستوردة على السوق، مما جعل العديد من الفلاحين يهجرون حقولهم، نحو قطاعات ومهن أخرى.
ويعاني العراق من أزمة مائية بعد قطع كل من تركيا وإيران وسورية جزءاً كبيراً من حصته المائية في السنوات الأخيرة، عبر إنشاء سدود قرب حدوده، حيث تقلصت وارداته المائية من 77 مليار متر مكعب إلى 45 مليار متر مكعب، بينما أكد وزير الموارد المائية، محسن الشمري، في وقت سابق، أن الحصة المائية المخصصة للعراق لا يصل منها إلا 30 % بسبب عدم إيفاء دول المنبع بتعهداتها المتفق عليها، مشيراً إلى أن العراق سيلجأ إلى الأمم المتحدة لحل هذه القضية.

وقال المزارع، حميد الربيعي، من محافظة واسط جنوب العراق، لـ "العربي الجديد"، إن "الدولة العراقية غير مهتمة بالزراعة منذ العام 2003 وحتى الآن، وجعلت المزارع ضحية بسبب سياساتها التي تستخدمها، ومنها عدم توفير المياه وعدم تسديد مستحقات الفلاحين بذمة الدولة، والسماح للمستورد بالسيطرة على السوق وبيعه بسعر أقل من سعر المنتج المحلي".
وأضاف: "عدم ممارسة الحجر الزراعي مع الأراضي المحيطة بالدول المجاورة، ساهم في نقل الأمراض إلى الأراضي الزراعية العراقية"، مبيناً أن "إيران تقف وراء تدهور الزراعة أيضا، لأنها قطعت المياه عن الأراضي الزراعية المحاذية لها مما سبب جفاف البساتين، التي تحول جزء منها إلى مناطق سكنية".

وأوضح أن "عودة الحياة إلى الأراضي الزراعية تحتاج إلى جهود كبيرة، منها توقيع اتفاقيات مائية مع تركيا وإيران لمنح حصة العراق المائية"، لافتاً إلى أن "بعض المزارعين بدأ يستخدم مياه الصرف الصحي لسقي الأراضي الزراعية بسبب شح المياه، وأن أدوات الري الموجودة معطلة عن العمل حالياً لغياب المياه".
ويستغل العراق 52 مليون دونم من الأراضي الزراعية من أصل 123 مليون دونم، كما يشكل قطاع الزراعة 3% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لاتحاد الفلاحين العراقيين.
من جهة أخرى، قال الخبير في الموارد المائية، علي محمد، لـ "العربي الجديد"، إن "نظام الري في العراق ضعيف جداً ويعاني نهرا دجلة والفرات وفروعهما من شح كبير جداً، بالإضافة إلى عدم قيام وزارة الموارد المائية بمهامها في تطهير الترسبات في الأنهر لمدة طويلة. وهذا الواقع أعاق تدفق المياه إلى الأراضي الزراعية"، مبيناً أن "حل مشكلة الري يكون عبر توفير الكراءات النهرية ومحطات إسالة المياه".
ونوه إلى أن "دور وزارة الموارد المائية إيصال المياه إلى الأراضي الزراعية، وهذا الدور ضعيف جداً خصوصاً بعد توقف السدود عن عملها وتعرض العديد من الآبار للتخريب"، مؤكداً أن "ضعف وزارة الموارد المائية انعكس على واقع الزراعة وأدى إلى إيقاف هذا القطاع المهم بشكل شبه كلي".
ولفت إلى أن "انتشار زهرة النيل التي تستهلك كميات هائلة من المياه، قرب نهر دجلة أثر على الحصص المائية للأراضي الزراعية المشمولة ضمن خطة الإرواء الزراعي".
من جانبه، قال وكيل وزير الزراعة، مهدي القيسي، لـ "العربي الجديد"، إن "وزارة الزراعة تحث المزارعين على استخدام أنظمة ري حديثة، لتقليل الهدر في المياه، ومنها الري بالتنقيط التي توزعه وزارة الزراعة على الفلاحين بأسعار مدعومة حيث تتحمل نصف سعره والنصف الآخر يتحمله المزارع، ويسدده خلال عشرة أعوام، وكذلك استخدام الري بالرش"،
ونوه إلى أن "وزارة الموارد المائية مسؤولة عن ملف المياه بأكمله في البلد، وتقوم وزارة الزراعة بالتنسيق معها لإطلاق الخطتين الصيفية والشتوية للمحاصيل الزراعية، بسبب قلة إيراداتنا المالية من دولتي تركيا وإيران، بالإضافة إلى أن التغييرات المناخية أدت إلى قلة في الأمطار".
وأكد أن "وزارتي الزراعة والبيئة منعتا المزارعين من استخدام مخلفات الصرف الصحي، التي لم تعالج بصورة صحيحة، في ري الأراضي الزراعية لأنها ستضر بالإنسان لحملها مواد عضوية بالإضافة إلى أنها تؤثر على النبات".

ولفت إلى أن "ارتفاع نسبة الملوحة في المياه أثر على الإيرادات المالية، بسبب زيادة تركيز الأملاح والشوائب، حيث أصيبت النباتات بالتقزم والموت وتدهور نوعية الثمار، وكذلك انعكست المياه المالحة سلباً على الحيوانات، حيث أصبح لدينا في عام 2008 العديد من الأغنام المصابة بالعمى". 
وأشار إلى أن "وزارة الزراعة تحقق نجاحاً كبيراً فيما يتعلق بزراعة الحنطة، حيث غطينا خلال العام الماضي 75% من احتياجاتنا المحلية، كما قامت الوزارة خلال الفترة الماضية بمنع استيراد 12 سلعة زراعية تنافس الإنتاج المحلي".
بدوره، قال رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية، حسن التميمي، إن "شح المياه أثر بشكل كبير على الزراعة في العراق، وحمّل الفلاح أعباء كثيرة زادت من تكاليف الإنتاج"، مشيرا إلى أن "زراعة الأرُزِّ في العراق في حالة خطرة جداً وقد تندثر بعد تقليص المساحة المزروعة نحو 40% بسبب نقص المياه".

المساهمون