شبح "داعش" على أسوار الأنبار... واستنفار بين قادتها

28 ابريل 2017
تحوّلت القطعات العسكرية إلى قوات دفاعية فقط (سليمان كبيسي/الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من نجاح القوات العراقية، مدعومة بقوات التحالف الدولي، في السيطرة على معظم مدن الأنبار، كبرى المحافظات العراقية، غربي البلاد، بعد معارك امتدت لنحو عامين تمكنت خلالها من طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وفرض سيطرتها على مدنها الرئيسة، كالفلوجة والرمادي والكرمة وهيت والرطبة، إلا أن خطر عودة التنظيم ما زال قائماً وبقوة. فالحدود المفتوحة مع سورية، وانتشار التنظيم في الصحراء التي بدت ملاذاً آمناً له طيلة السنوات الماضية، تجعل الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر في حالة استنفار متواصلة، فضلاً عن أن شعور المواطنين بهشاشة الوضع تعطل الإعمار والبناء وحتى الاستقرار.

ويشكو مسؤولو المحافظة وقادتها الأمنيون تجاهل الحكومة لمناشداتهم بالتحرّك العسكري لتحرير ما تبقى من مساحات واسعة غربي المحافظة، محذرين من خطورة ذلك، غير أن بغداد تتذرع بمعركة الموصل وتركيز الجهود هناك. وعقد محافظ الأنبار، صهيب الراوي، اجتماعاً خاصاً مع القيادات الأمنية في المحافظة، أول من أمس، لبحث إمكانية التحرّك لتحرير ما تبقى من مناطق المحافظة في أقصى الغرب، وهي بلدات القائم وراوة وعنّة.

وبحسب مصادر في الحكومة المحلية في الأنبار، فإن الاجتماع حضره رئيس مجلس المحافظة، وقائد عمليات الأنبار، وقائد عمليات الجزيرة والبادية، وقائد شرطة المحافظة، وعدد من القادة الأمنيين، وممثلين عن قيادة الجيش في بغداد، وبحثوا الإسراع بالحملة العسكرية وإغلاق الحدود، إلا أن الاجتماع لم يخرج بأي نتيجة حاسمة، بسبب تسخير بغداد كافة إمكانيات الجيش لصالح معركة الموصل، وعدم بت قوات التحالف، التي تملك مفتاح إطلاق أي معركة مستقبلية يخطط لها، بالموضوع. وأكد عضو مجلس المحافظة، يحيى المحمدي، أنّ "خطر داعش يتفاقم في محافظة الأنبار، ويشكّل تهديدا كبيراً لها". وقال المحمدي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "قضية تحرير ما تبقى من مناطق المحافظة، وهي عنة وراوة والقائم، والحدود الممتدة إلى سورية، هي هم كل أهالي ومسؤولي المحافظة". وأكد "عدم إمكانية البدء بأي عملية عسكرية لتحريرها بسبب عدم وجود القطعات الكافية لتلك العملية، وخصوصاً أنّ الجيش منشغل بعمليات الموصل، ما يعني أنّ العملية متوقفة حتى الانتهاء من الموصل". وحذّر من "خطورة الحدود المفتوحة ما بين العراق وسورية، والتي يستغلّها داعش للتحرك عسكرياً باتجاه المحافظة، الأمر الذي يستدعي نشر قطعات عسكرية في تلك الحدود لتأمينها وقطع إمدادات وتحركات داعش قبل البدء بأي عملية". وطالب الحكومة "باتخاذ موقف حاسم وسريع، وعدم إهمال هذا الخطر الذي لا يهدد الأنبار فحسب".


بدوره، أكد القيادي العشائري، الشيخ محمود الفهداوي، أنّ "القوات العشائرية في المحافظة تجري استعداداتها وتدريباتها لخوض العملية العسكرية مع القطعات الأمنية". وقال الفهداوي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "بعض الفصائل العشائرية أنهت تدريباتها واستعداداتها بشكل كامل، بينما تستمر فصائل أخرى بتدريباتها". وأكد "الحاجة إلى تعزيزات عسكرية بسبب الصحراء الشاسعة في غرب المحافظة، والتي لا يمكن السيطرة عليها بسهولة". وأضاف أنّ "التنظيم يستغل الحدود مع سورية، ويدفع بأعداد كبيرة من عناصره إلى المحافظة، الأمر الذي يشكل خطراً لا يمكن إهماله، ويتطلّب تحركاً عاجلاً لقطع هذا الشريان الحيوي للتنظيم".

مصادر أمنية عراقية أكدت أن المحافظة شهدت، خلال الأسبوع الحالي، 29 هجوماً إرهابياً للتنظيم في مناطق محررة من سيطرته، كالفلوجة والرمادي والرطبة وهيت، بالإضافة إلى 8 هجمات انتحارية استهدفت وحدات عسكرية قرب الحدود مع سورية من جهة معبر القائم بين البلدين، أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
وقال المتحدث باسم قوات قيادة عمليات الأنبار، العقيد الركن محمد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إن خلايا وجيوب مسلحة لتنظيم "داعش" في المناطق الصحراوية تشن هجمات ثم تنسحب مرة أخرى إلى الصحراء. وبيّن أن تلك الهجمات ستبقى إلى حين تنفيذ عملية عسكرية ضخمة تنهي تواجده في الصحراء وأعالي الفرات. ولم تشهد مناطق غرب محافظة الأنبار استقراراً حتى ليوم واحد، منذ أن توقفت عمليات التحرير في المحافظة قبيل انطلاق معركة تحرير الموصل، منذ نحو سبعة أشهر تقريباً. وتعاني تلك المناطق من هجمات كر وفر مستمرة لتنظيم "داعش" الذي يتفاقم تهديده لها، في وقت تحوّلت فيه القطعات العراقية والعشائرية إلى قوات دفاعية فقط.

المساهمون