سوريو تونس: لاجئو "الخلسة" و"التسوّل"

سوريو تونس: لاجئو "الخلسة" و"التسوّل"

15 مارس 2014
+ الخط -


"لم تهتم بنا جهات رسمية، بل عدد من المواطنين التونسيين هم من يمدّون لنا أيدي المساعدة، مللنا من هذه الوضعية المزرية ومن وعود المسؤولين"، تقول دنيا لـ"العربي الجديد". وهي لاجئة سورية تتسوّل قوت يومها في أحد شوارع العاصمة تونس: "بتنا نشعر بأننا عبء على الشعب التونسي".

دنيا، ابنة الـ23 عاماً، روت كيف عبرت الحدود الليبية إلى تونس في رحلة طويلة من حمص إلى الأردن ثم الجزائر، وصولاً إلى مجموعة من المهرّبين. وتابعت "انتقلنا إلى العاصمة حيث استضافتنا عائلة تونسية إلى أجل غير مسمّى علّ المسؤولين يجدوم حلاً لمشكلتنا".
دنيا واحدة من 4 آلاف لاجئ سوري دخلوا إلى تونس بعد الثورة، وفق تقديرات جمعيات تونسية، في غياب إحصاء رسميّ دقيق. غادر منهم ألفان.

في حديث لـ"العربي الجديد"، بيّن نائب رئيس جمعية "الكرامة والحرية"، ضياء الحقّ بوذينة، أنّ "معظم اللاجئين السوريين دخلوا تونس بطرق غير قانونية، عبر الحدود التونسية الجزائرية والتونسية الليبية، بمساعدة مُهَرِّبين تونسيين، مقابل مبالغ مالية تراوحت بين 150 و300 دينار للشخص الواحد. أمّا الآخرون فدخلوا بجوازات سفرهم قبل أن تقطع الخارجية التونسية العلاقات الديبلوماسية مع سوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011".

بوذينة أكّد أنّ "الجهات الرسمية تجد صعوبة في حصر عددهم نظراً إلى دخول عدد كبير منهم بشكل غير قانوني. وهناك صعوبة في احتوائهم لأنّ أغلبهم يفضّلون التسوّل على قبول إعانات من جمعيات ومنظمات حقوقية وإنسانية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال من طرف شبكات تّسوّل منظّمة في تونس".
الجهات الرّسميّة التّونسية مسؤولة بدرجة أولى عن فضّ مشكلة اللّاجئين القانونيّة وإيجاد حلّ مؤقّت لهم. لكنّ مستشار رئيس الجمهورية المكلّف بالعلاقات الخارجيّة، أنور الغربي، أقرّ بصعوبة معالجة ملفّاتهم "نظراً إلى عددهم الكبير في ظلّ ظروف تونس بعد الثّورة".
على صعيد آخر، أكّد الغربي أنّ "هذا الملفّ ليس من صلاحيات رئاسة الجمهورية وحدها، إذ إن هناك تنسيقاً مع المجتمع المدني لإعداد قوائم بأسمائهم وأماكن تواجدهم، لحصر عددهم الحقيقيّ وتحديد حاجاتهم الأساسيّة".
وقد شهدت تونس بعد الثورة وفود عدد كبير من اللاجئين عبر الحدود مع الجزائر. الوافدون الأفارقة والليبيون استقرّوا في مخيم الشوشة بمدينة بن قردان (جنوب تونس) وحظوا بمتابعة ورعاية المنظمات الدولية والإنسانية، أمّا السوريون فمصيرهم التشرّد في المناطق التونسية، بلا مخيمات ولا منظمات.
عشرات السوريين جعلوا من التسوّل أمام المساجد ومحطّات النقل والأسواق وغيرها وسيلتهم الوحيدة لتدبير قوت يومهم، إضافة إلى اشتغال كثيرين منهم في ورشات تعتمد على المهارة كالحدادة والنجارة والصناعات التقليدية، وهي حرف يتقنها العامل السوري جيّداً ويرتقي بها إلى العمل الفني.
في حديث مع محمد الزياني، الناشط الجمعياتي وعضو جمعية "تونس الخيرية" سابقاً، التي تعتني بلاجئين سوريين، كشف أنّ "أغلب اللاجئين السوريين قدموا من الجزائر بطريقة غير شرعية وتمركزوا في بعض المناطق والأحياء الشعبية الفقيرة في ضواحي العاصمة، وتحديداً في منطقة حيّ التحرير والمنيهلة ومنطقة بن عروس".
وأشار الكاتب العام لـ"الرابطة التونسية لحقوق الإنسان"، عبد الرحمن الهذيلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "اللاجئين السوريين يتخوّفون من التعامل مع الدولة"، مشيراً إلى أنّهم "يتخوّفون من تغيّر سياسات النظام التونسي أو تقاربه مع النظام السوري، ما قد يمثّل تهديداً لهم ولعائلاتهم في المستقبل. ولا يريدون فقط سوى التعامل مع الجمعيات الخيرية"، مؤكّداً أنّ "هيئات حقوقية وإنسانية تجد صعوبة في التعامل معهم، ما يصعّب نشر تقرير كامل عنهم، أعدادهم، أعمارهم أو حتّى المناطق التي جاؤوا منها، وهو أمر مخجل بالنسبة إلى تونس التي لم تتعامل مع هذا الملفّ بطريقة جديّة".