سورية ومجلس الأمن: حين يشعر الدبلوماسيون بالحزن

سورية ومجلس الأمن: حين يشعر الدبلوماسيون بالحزن

23 مايو 2014
لم تجدِ تعديلات فرنسا على مشروع القرار (getty)
+ الخط -

كان الجميع على ثقة بأن روسيا والصين ستستخدمان حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، ضد مشروع القرار الفرنسي حول سورية، الذي جرى التصويت عليه، الخميس، في نيويورك، وخصوصاً أن السفير الروسي، فيتالي تشوركين، صرّح عشية التصويت، بأن بلاده لن توافق على هذا المشروع، واصفاً إياه بـ"الحملة الدعائية".

كل ذلك على الرغم من أن فرنسا عملت، في الأسبوعين الأخيرين، على تغيير وتبديل المسوّدة كي يتم تفصيلها على مقاسات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لتمرير نقل ملف النظام السوري وبعض قوى المعارضة المتشددة إلى محكمة الجنايات الدولية.

وأعلنت باريس، على لسان سفيرها في الأمم المتحدة، جيرارد أرود، أن "اليوم كان يوماً حزيناً. كنا قد تقدمنا بنص بسيط يتلخّص بقولنا إن أي جرائم حرب ترتكب في سورية، ولا يهم من قبل أي طرف، ستتم معاقبتها عاجلاً أم أجلاً". وأضاف السفير الفرنسي أن مشروع القرار لم يكن متحيّزاً لأي من أطراف النزاع، وأن روسيا لم تقدم تفسيراً مقنعاً لمعارضتها للمشروع واستخدامها حق النقض.

وتتلخص مسودة المشروع الفرنسي بتقديم النظام السوري وأطراف من المعارضة إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لكن المشروع، كما يرى الروس والنظام السوري، يستثني مسؤولين حاليين أو سابقين أو مواطنين من الدول التي لم تصادق على "اتفاقية روما"، المؤسِّسة للمحكمة الجنائية، ما عدا النظام السوري والمنظمات الداعمة له، إضافة إلى عناصر من المعارضة السورية المسلحة.

ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأسبوع الماضي، تقريراً يشير إلى أن واشنطن كانت متحفظة على مسودة المشروع الأولى، وأن باريس أخذت هذه التحفظات في صياغتها للقرار بالاعتبار.

ولخّصت الصحيفة الاعتراضات الأميركية بأنها تتعلق بكون واشنطن لم توقّع على "اتفاقية روما"، ما يعني أن أي تدخل أميركي محتمل في سورية، يمكن أن يؤدي إلى ملاحقة جنودها وحلفائها، وفي مقدمتهم إسرائيل، في ما يتعلق بهضبة الجولان السورية المحتلة.

ورداً على سؤالٍ حول التبريرات الروسية، وما إذا كان القرار يشمل، على سبيل المثال، ملاحقة جندي أميركي أنزل في سورية وارتكب جرائم حرب هناك، أجاب السفير الفرنسي: "نعم، بكل تأكيد. فنحن لا نتحدث هنا عن قوات لحفظ السلام، وسيتم تحويل أي طرف يرتكب جرائم حرب إلى المحكمة بحسب المشروع، ولا يهم مَن هو".

وعقّب السفير الفرنسي على ما إذا كانت نتائج تصويت يوم الخميس، ستؤثر على اتفاقية بيع الأسلحة الفرنسية إلى روسيا، بالقول: "نرى أن هذين أمران مختلفان. فنحن سنلتزم بأي قرارات يفرضها المجتمع الدولي والاتحاد الاوربي بما يخص التعامل مع روسيا".

وكان قد سبق التصريح الأخير قول أرود إنه "في بعض اللحظات، حتى الدبلوماسيين يشعرون فيها بالحزن. الناس سيموتون. عدد أكبر من السوريين سيموتون. لقد جربنا ثلاثة اقتراحات، وهناك لحظات تشعر فيها أنك من دون قوة أمام البرابرة ومؤيديهم".

بدوره، لفت نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يان أليسون، خلال الاجتماع، إلى أن "مجلس الأمن يتحمل مسؤولية لا مفر منها تجاه سورية"، مطالباً الدول الأعضاء بـ"ضمان العدالة لضحايا الجرائم التي لا توصف"، وإلا فإنّ "مصداقية هذه الهيئة والمنظمة ستستمر في التدهور".

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، غداة انتهاء التصويت على مشروع القرار الفرنسي، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: "نحاول إحياء عملية المفاوضات مرة أخرى، ولا نرى سبيلاً آخر لحل الأزمة السورية غير الطريق الدبلوماسي".

يذكر أن دولاً عدة، من بينها الأردن، تعمل على مسودة مشروع قرار جديد وتحاول العمل على تطبيق القرار 2139، بخصوص تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين.

ورداً على سؤال حول ما الذي يحاول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القيام به من أجل أن تقدم الدول الأعضاء المساعدات المالية المطلوبة لدعم اللاجئين السوريين، أجاب ستيفان دوجاريك أن الأمم المتحدة "لا يمكنها أن تجبر أي دولة على تقديم المساعدات. فهذا ليس قراراً ملزماً وإنما توصيات، ونأمل أن تقوم تلك الدول بدعمنا بصورة أكبر".

ويبدو أن الأمل لا يفارق مسارح الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حول ما يتعلق بالوضع في سورية، وكما يقول المثل الألماني، فإن "الأمل هو آخر الميتين".