سوريا: أمل معلّق على "ميكروباص"

سوريا: أمل معلّق على "ميكروباص"

04 مارس 2014
+ الخط -

تعبّر كراجات النقل الداخلي في دمشق عن عمق الأزمة التي وصلت إليها الحالة في العاصمة وريفها نتيجة الحرب التي تعصف بحياة الناس وتضرب طرقات تنقلهم، والتي أصبحت معلقة بخط الميكروباص أو بمحطة انطلاقه.

فالميكروباص والطريق والكراج ترتبط في حياة السوريين بإمكانية قضاء الحاجات من عدمها، فهي شريان الحياة ونبضها.

حالة خطوط ميكروباصات النقل الداخلي تختزل في حالة كراجات دمشق وريفها، من العباسيين شمال المدينة، إلى درعا والسويداء جنوبها، إلى السومرية والوزان غرب المدينة، وجسر الرئيس ونهر عيشة والفحامة. كلها محطات توقف ووصول ينشدها سكان دمشق وما حولها من سمحت لهم الظروف بالوصول إليها.

تترقب أم سندس، النازحة من ببيلا، كل صباح رصيف الميكروباص الذي ينطلق إلى بيتها في كراج الصناعة، علّ ما تم الحديث عنه من مصالحات في بلدتها يجد سبيله، فتجد هي سبيلها إلى الميكروباص في العودة. تقول: "لم نعد نتحمل ألم النزوح. سأعود إلى بيتي مع أول ميكروباص. ولن أخرج من بيتي حتى لو دفنت فيه". تتابع بحرقة وألم: "الباص هو ما أرقبه أول وصولي إلى الكراج. وبالرغم من أنني متأكدة من عدم وجوده، إلا أنني طوال النهار، ولأكثر من مرة، أفتش عنه في موقفه في منتصف الكراج".

ويبدو من الوقائع اليومية لكراج الصناعة أن لا ميكروباص حتى الآن يوصلها إلى ببيلا، فتتابع بيع ما تشتريه من سوق الهال من البطاطا والجرز والبقدونس والفجل والجرجير، بعدما كانت تزرعها في بستانها الصغير.

تختلف حالة نجوى، من معضمية الشام. فقد وجدت أخيرا الطريق إلى بيتها ووجدت الميكروباص الذي ينقلها إليه. تتحدث نجوى عن رحلتها: "كنت أحلم طول الطريق برؤية بيتي. وبالرغم من معرفتي بأنه قد أصيب بقذيفة إلا أنني لم أكن أصدق أنني لن أجده. فما وجدته هو ركام. يبدو أن من أخبرني لم يرد القضاء على الأمل الذي عشته طوال سنة ونصف السنة". وتتابع نجوى: "لا فائدة الآن من انتظار الميكروباص. فالرحلة أصبحت بلا جدوى".

بين أم سندس، التي تنتظر الأمل في وجود ميكروباص يعيدها إلى منزلها، ونجوى التي أصبح حزن العودة رفيقا للميكروباص بنظرها، توقف أبو سمير الذي يعمل في نجارة الموبيليا، منذ أكثر من ستة أشهر، عن الذهاب إلى كراجات العباسيين. يشرح أن آخر مرة قصد فيها الغوطة الشرقية كانت في الصيف بعد الهجوم الكيماوي، فاطمأن إلى بيته وعاد بعد يومين إلى نزوحه القسري. ومنذ ذلك الوقت لم يعد أبو سمير يبحث عن الميكروباص ليحمله إلى قلب الغوطة الشرقية.

حكمت الطرقات حياة السوريين خلال السنوات الثلاث الماضية، ولا تزال تحكمها. تقلب الأوضاع الأمنية يؤثر على خطوط النقل وعلى أحوال كراجاتها، كما يؤثر على أحوال ركابها. فركاب الخطوط المستمرة في العمل قد يصبحون في اليوم التالي.. من ركاب الخطوط المفقودة.

دلالات