سابقة قانونية مصرية: الإعدام لـ 26 متهماً "مخلى سبيلهم"

سابقة قانونية مصرية: الإعدام لـ 26 متهماً "مخلى سبيلهم"

19 مارس 2014
+ الخط -

أكد الناشط الحقوقي صالح حسب الله المستشار القانوني لحركة استقلال جامعة عين شمس، أن حكم محكمة جنايات شمال القاهرة بإعدام 26 متهماً في قضية استهداف المجرى الملاحي وإحالة أوراقهم للمفتي، هي سابقة قانونية، لم تشهدها المحاكم المصرية.

وقال لـ"العربي الجديد": هذه الحالة في القضايا لم يشاهدها طوال عشرات السنين التي قضاها في مهنة المحاماة، فجلسة اليوم هي أولى جلسات نظر القضية، ومن المعتاد أن تكون "جلسة إجرائية" فقط.

وأضاف "حسب الله"، أن القاضي سيد قراره في الجلسة، إلا أنه وقع في خطأ قانوني "جسيم"، يستوجب إحالته إلى التفتيش القضائي للتحقيق معه في ما ارتكبه من إخلال واضح بأبسط قواعد المحاكمات الجنائية خلال جلسة اليوم، موضحاً أن جميع المتهمين في القضية "مخلى سبيلهم"، ولم يحضر أي محامٍ للدفاع عنهم، ومن ثم فإن المحكمة تجاوزت ركنين أساسيين من أركان المحاكمة.

الركن الأول هو تكليف النيابة العامة بضبط وإحضار المتهمين لعدم حضورهم الجلسة، وفقاً للقواعد الإجرائية المتبعة في مثل هذه الحالات، خاصة وأن المتهمين مخلى سبيلهم وليسوا هاربين، وكان يستوجب ذلك تأجيل القضية وتكليف النيابة العامة بالمهمة.

أما الركن الثاني فهو غياب أهم إجراءات المحاكمة وهو "دفاع المتهمين"، حيث كان ينبغي على المحكمة انتداب محامين للدفاع عنهم في حالة عدم وجود محامين يحضرون معهم، ليس في هذه الجلسة وإنما في الجلسة الثانية، بعد إحضار المتهمين، ومن ثم يكون الانتداب في الجلسة الثالثة في حالة تغيب الدفاع، تمهيداً لتقديم مرافعة الدفاع عن المتهمين.

وأضاف "حسب الله" قائلًا: "أما أن يصدر القاضي حكما بمعاقبة المتهمين وهم مخلى سبيلهم في قضية، وتصل العقوبة فيها إلى الإعدام في أول جلسة ودون دفاع من المتهمين، فهي واقعة تُظهر توجه القاضي وانحيازه ضد المتهمين، وبخلاف وجوب وقفه عن العمل لحين التحقيق معه من قبل إدارة التفتيش القضائي عن الواقعة التي تعد فساداً واضحاً في تحقيق العدالة، وأهدرت أبسط الحقوق الأساسية للمتهمين ومحامين، وتستوجب التصعيد من قبل منظمات حقوق الإنسان، ونقابة المحامين، بجمع توقيعات والتقدم بها للمجلس الأعلى للقضاء للتحقيق الفوري في الواقعة حتى لا تكون ظاهرة مستقبلية".

وهو ما أكد الناشط الحقوقي والمستشار القانوني لحركة "أحرار" أسامة الجوهري في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، وأضاف أن إصدار حكم قضائي بإحالة أوراق متهمين لمفتي الجمهورية لاتخاذ قرار بشأن إعدامهم، من دون مرافعة من الدفاع أو حضور أحد من المحامين، أو المتهمين، هي سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ القضاء المصري.

وتساءل قائلا "كيف يتم الحكم في قضية في الجلسة الأولى الإجرائية دون أن يترافع فيها الدفاع عن المتهمين؟ ولو فرضنا عدم مثول المتهمين فإن المحكمة أوجبت وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية توكيل محامين للدفاع عن المتهمين، إلا أن الأحكام الصادرة هذه الأيام لم تعد أحكاماً قضائية بل صارت تتم عبر الهاتف وفقاً للجهات الأمنية كما كان يحدث بعهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بل وأسوأ منها، وأصبحت تتم عن طريق الهاتف من سلطات الانقلاب العسكري"، وأيد فكرة التقدم ببلاغات جماعية ضد القاضي "حتى لا تكون ظاهرة".

وكانت محكمة جنايات شمال القاهرة قد أصدرت حكماً بإعدام 26 متهماً في قضية استهداف المجرى الملاحي للمفتي، وذلك في التهم المنسوبة إليهم بارتكاب جرائم إنشاء وإدارة جماعة إرهابية تستهدف الاعتداء على حرية الأشخاص والإضرار بالوحدة الوطنية.

وقد صدر الحكم بإحالة أوراق المتهمين إلى المفتي في الجلسة السابقة رغم أنها كانت أولى جلسات نظر القضية، وتبين تغيب المتهمين وهيئة دفاعهم عن حضور الجلسة، بينما اقتصرت الجلسة على تلاوة أمر إحالة المتهمين إلى المحاكمة، وطالبت النيابة بتطبيق أقصى عقوبة على المتهمين، لتقوم المحكمة بإصدار قرارها المتقدم، في سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء المصري.

وصرح مصدر قضائي في المكتب الفني للنائب العام، بأن الحكم الصادر هو أقصى عقوبة غيابية تراها هيئة المحكمة لتغيب المتهمين عن حضور الجلسة، موضحاً أن الحكم سيصبح هو والعدم سواء حال قيام المتهمين وهيئة الدفاع عنهم بإعادة الإجراءات في القضية ليصبح كأن لم يكن، على أن تقوم المحكمة بنظر موضوع الدعوى الجنائية من جديد في حضور المتهمين.

الشامي ...سجل من العداء للعدالة!

المستشار شعبان الشامي صاحب حكم اليوم، هو المستشار ذاته الذي ينظر محاكمة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي والمعزول من قبل الجيش في 3 يوليو الماضي، في قضيتي اقتحام السجون والتخابر، والذي تم رده من قبل هيئة الدفاع عن المتهمين في القضيتين لخصومة القاضي مع المتهمين.

كما أن المستشار شعبان الشامي أصدر اليوم أيضاً، قراراً برفض الاستئناف المقدم من 8 أشخاص من رافضي الانقلاب العسكري ومؤيدي الدكتور محمد مرسي، على القرار الصادر بتجديد حبسهم 45 يوما على ذمة التحقيق، وذلك لاتهامهم بحرق واقتحام مقر مركز شرطة أطفيح، عقب المجزرة التي وقعت بفض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة، وأمر بتجديد حبسهم.

كما أصدر قراراً بتجديد حبس مصطفى حمزة القيادي بتنظيم الجماعة الإسلامية، وذلك لمدة 45 يوماً على ذمة التحقيقات، على خلفية اتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية منظمة تسعى للإخلال بالسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية.

ويكفي أن تنظر إلى التاريخ المهني القضائي للمستشار شعبان الشامي لتعرف توجهه، حيث إنه في 19 مايو/أيار 2013، أصدر حكما بمعاقبة أحمد عرفة عضو حركة "حازمون" بالسجن المؤبد وتغريمه 20 ألف جنيه غيابياً، وذلك في اتهامه بحيازة سلاح آلي وطلقات نارية، بعد القبض عليه يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2012، وبحوزته سلاح آلي وعدد من الطلقات النارية، وتمت إحالته للنيابة التي أخلت سبيله على ذمة القضية، وإحالته للمحكمة التي أصدرت قرارها.

وفي 17 سبتمبر/أيلول 2013 أصدر حكماً بتأييد قرار النائب العام المصري المستشار هشام بركات، بمنع التصرف في أموال كل من الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد، والدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل، و22 آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

كما أصدر حكماً في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 برفض الاستئناف المقدم من خيرت الشاطر وسعد الحسيني وأحمد أبو بركة و17 آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، على حبسهم بتهمة الاشتراك في القتل وبث دعايات كاذبة من شأنها المساس بالسلم والأمن العام، والانضمام إلى جماعة محظورة.

وأصدر قراراً في 20 يونيو/حزيران 2013، بإخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، على ذمة التحقيقات في قضية اتهامه بالكسب غير المشروع، ورفض الطعن المقدم من النيابة العامة وقتها بحبسه على ذمة القضية، وذلك بعد أن أحيل له ملف القضية بعد تنحي دائرة أخرى عن نظرها لاستشعارها الحرج، فتمت إحالة القضية إليه ليصدر قراره.

المستشار شعبان الشامي يرى عدد من النشطاء أن لديه خصومة مع الثورة وبشكل واضح، وسبق الهتاف ضده من المتهمين في قضية خلية مدينة نصر، ووصفوه بأنه من "فلول" نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ومن المتعاملين مع نظام مبارك ومن مؤيديه وبقوة حتى الآن.

دلالات

المساهمون